المصدر: الوكالة الوطنية للإعلام
الثلاثاء 15 آب 2023 19:34:40
أحيت بشري ذكرى هيثم ومالك طوق، بقداس ترأسه البطريرك الماروني الكردينال مار بشارة بطرس الراعي، في كنيسة مار سابا، عاونه المطرانان جوزيف النفاع وحنا رحمة، الخوريان بيار سكر وهاني طوق ولفيف من كهنة بشري والنيابة البطريركية.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان: "ورحمته الى جيل فجيل لخائفيه" وفيها:
"نجتمع لإحياء ذكرى شهيدي القرنة السوداء، عزيزيكما وعزيزينا المرحومين مالك طوق طوق وهيثم جميل الهندي طوق، اللذين أريق دماؤهما في 2 تمّوز الماضي، حفاظا على أرض الأجداد، التي كان أهالي بشرّي الأعزّاء، يعتبرونها ملك بلدتهم بموجب التصرّف المعتاد جيلًا بعد جيل. وبدأ الخلاف، لـمّا راح أهالي الضنيّة الأعزّاء، وعلى الأخصّ أهالي بقاعصفرين يجرّون مياه النسّافات الثلجيّة إلى أراضيهم. الأمر الذي تمنعه القوانين الدوليّة واللبنانيّة، لأنّ مياه هذه النسّفات تبقى محفوظة في أرضها لريّ الينابيع. وهذا الحظر يؤول إلى الخير العام".
أضاف: "نجتمع لنقدّم هذه الذبيحة الإلهيّة وصلاة وضع البخور لراحة نفسيهما في الملكوت السماوي، ولعزاء عائلتيهما. وتأتي هذه الذكرى في عيد انتقال أمّنا مريم العذراء بنفسها وجسدها إلى السماء، فيما المؤمنون والمؤمنات في جميع كنائس الأرض يصلّون ويردّدون نشيدها في بيت أليصابات: "تعظّم نفسي الربّ". وفي هذا النشيد النبويّ عن العظائم التي صنعها لها الله القدير، أنشدت مريم "رحمته إلى جيل فجيل" (لو 1: 50) . ونحن في نشيد "يا أمّ الله" نسألها أن "تتحنّن على موتانا".
وتابع: "لقد أتينا لنلتمس معًا من الله رحمته لعزيزينا مالك وهيثم، فينعم عليهما بالمشاهدة السعيدة في السماء، حيث تتلألأ كالشمس العذراء أمّ الإله والقدّيسون والأبرار في ملكوت الآب. وأتينا لنلتمس من الله رحمته لعائلتيهما المجروحتين في صميم القلب، فيعرف أفراد هاتين العائلتين كيف يضمّون جرحهم وآلام حزنهم إلى آلام الفادي الإلهيّ، وكيف يحوّلون الضحيّتين إلى قربان فدىً عن العدالة والحقيقة والسلام.
وأتينا لنلتمس من الله رحمته لكي يحرّر العدالة من تدخّل السياسيّين والنافذين، ومن إعطائها لونًا طائفيًّا أو مذهبيًّا، ومن تعطيل ممارستها بردود شكليّة غير منطقيّة أو غير قانونيّة أو غير واقعيّة. فلا بدّ من الحفاظ على القاعدة الذهبيّة "العدل أساس الملك!" فنحن لا نحتكم إلّا إلى عدالة القانون والسلطة القضائيّة في الدولة. فالعدالة القضائيّة المتحرّرة من أي تدخّل سياسيّ وأي تلوين ديني أو طائفيّ أو مذهبيّ هي العمود الفقريّ في حياة الدولة وحفظ حقوق المواطنين وواجباتهم".
وقال: "إنطلاقًا من هذه المبادئ، التي تتجلّى فيها العدالة النابعة من الله، ندعو البلديّات المعنيّة بالقرنة السوداء الى أن تتجاوب، بما لديها من وثائق قانونيّة وتاريخيّة، مع قاضي التحقيق العقاري في الشمال في كلّ ما يختصّ بعمليّات التحديد والتحرير. ومعلوم أنّ هذه العمليّات بدأت بأمر قضائي يعود إلى تاريخ 13 حزيران 1978، بموجب المرسوم الصادر في 27 تشرين الأوّل 1947. ما يعني أنّه لا يحقّ لأحد أن يعرقل هذه العمليّات أو يبطئ في تنفيذها، تفاديًا للخلافات والنزاعات والمخالفات والإعتداءات، التي تؤدّي إلى نتائج وخيمة".
وختم الراعي: "وإنّا نقدّم باسمكم وباسمنا التعازي القلبيّة الحارّة لعائلة المرحوم مالك: زوجته وابنيه وابنتيه ووالدته وأشقّائه وشقيقته وعائلاتهم، ولعائلة المرحوم هيثم: والدته وشقيقيه وشقيقاته، وسائر ذويهم وأنسبائهم في الوطن والمهجر، راجين لهما من رحمة الله، الدائمة من جيل إلى جيل، الراحة السعيدة في الملكوت السماويّ، والعزاء الإلهيّ لقلوب عائلتيهما. له المجد والشكر إلى أبد الأبدين، آمين".
كيروز
وفي نهاية القداس، القى رئيس بلدية بشري فريدي كيروز كلمة باسم النائبين جعجع وطوق قال فيها:
"كما قمت يا ربنا من الموت في اليوم الثالث وبقيت معنا على الأرض أربعين يوما من بعد قيامتك, وبتمام الأربعين عدت الى السماء.
هكذا نطلب منك بشفاعة القديسين, أن ترافق شهيدينا مالك وهيثم الى السماء.
اليوم وبعد 40 يوما على عملية الغدر في قمة الشهداء، وبعد أن آلينا على نفسنا السكوت والصلاة لراحة نفس شهيدينا، فلا بد لنا ان نحكي ونضع النقاط على الحروف.
اولا": إن مدينة المقدمين تعودت على تقديم الشهداء على مذبح الوطن، وكنا الأوائل الذين واجهنا المحتل الذي كان يريد أن يغتصب ارضنا من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب. ولا يوم ترددنا عن الدفاع عن أرض لبنان، وسنظل ندافع عن كل شبر من أرضنا، طالما هناك أمهات تنجب رجالا في هذه المدينة.
ثانيا": جريمة القرنة السوداء لم تحصل عن عبث ولسيت حادثا وقطع، ما حصل كان مخططا له، وكان هناك محرضون لهذه الجريمة وكلنا سمعناهم والكل يعرفهم، والمؤسف إن هذا التحريض إستمر من بعد عملية الغدر وكأن ما حصل قضاء وقدر، لدرجة لم يتركوا جرحا إلا وحاولوا أن يفتحوه , ولم يحترموا حرمة الموت، لا بل أمعنوا بالتحريض وبخطابات الفتنة من خلال مؤتمراتهم الصحافية وتزويرهم للحقائق. بثوا روح التفرقة وإستحضروا الشعائر الدينية بخطاباتهم، معتقدين أن بامكانهم أن يتاجروا بالدم".
أضاف: "أما نحن لم نرد، تكلمنا بالقانون وانتظرنا أن يقول القضاء كلمته، ولكن للأسف تخطوا الخطوط الحمر وحاولوا استعمال القضاء لتغطية جريمتهم".
اليوم سنقول كلمتين:
- بشري ولا مرة تعدت على أحد، بشري دافعت عن كل مظلوم مهما كان دينه، فتحت بيوتها للمضطهدين، ولن نقبل أن يتعدى عليا أحد من دون أن يحاسب.
- بشري هي المدماك الأول لبناء دولة القانون والمؤسسات، وسنبقى ندافع ونكون مثالا لتطبيق القانون حتى يتحقق الحق وسنترك الامر للقضاء وننتظر اصدار الأحكام حتى يعاقب ويحاسب المجرمون الذين غدروا بأهلنا .
-بشري اليوم تطالب بإخلاء سبيل رياض طوق ومنصور سكر فورا".
اما من الناحية النزاع العقاري نقول: نحن كبلدية بشري قمنا بواجبنا وقدمنا كل الإثباتات والوثائق والحجج والمراجع التي تثبت ملكيتنا للقرنة السوداء ومحيطها".
وناشد رئيس البلدية "العقلاء والحكماء من أهل الضنية الذين عشنا معا مئات السنين وسوف نبقى، أن يكون القانون والقضاء هو الفاصل بالخلافات وليست شريعة القتل. ونحن نلتزم بقرار القاضي العقاري المكلف وكل محاولة للضغط على القاضية لن نقبل به ".
كلمة شقيق مالك
ثم ألقى شقيق مالك طوق كلمة قال فيها: "بشري الجنة حزينة، نعم يا غبطة البطريرك، انعصرت قلوبنا حزناً وتمزقت دموعنا وجعاً وانهارت قوانا ألماً.
لكن اشتدت عزيمتنا إيماناً لشدة أحزاننا وتماسكت إرادتنا لكثرة أوجاعنا وازدادت قناعتنا برحابة صدركم. فكنتم المثل والمثال صلابةً وايماناً.
فكنتم الراعي الصالح يا غبطة البطريرك والصخرة التي مهما رُشقت أبواب الجحيم لن تقوى عليها ابداً.
نحن شعب لا تنحني رؤوسنا الا للرب يسوع ننظر الى السماء ونتضرع ونستمد الأمل والرجاء، ولقد اعتدنا يا غبطة البطريرك في هذه البقعة المقدسة من ارض لبنان أن نقدم شهداءً على مذبح الوطن ،دفاعاً عن الارض والحق والكرامة أو نقدم قديسين على مذابح الكنيسة.
لم ولن نتعمد الغدر والقتل يوماً، ولو كنا…لفعلنا…بل كنا نُدافع عن أرضننا وحقنا بكل الوسائل التي تفرضها علينا قيمنا وأخلاقُنا والعيش المشترك والوحدة الوطنية والجار قبل الدار".
أضاف: "اليوم نقول لمالك وهيثم لأبطالنا، لشهدائنا، فلتسترح نفوسكم بسلام مع العذراء مريم وكونوا مطمئنين أننا على قدر المسؤولية لحمل الأمانة والدفاع عن الارض حتى الشهادة وعد لروحكم الطاهرة ودمائكم الذكية.
سكتنا يوم كان السكوت واجباً وطنياً وحاجة ماسّة على ساحة الوطن احتراماً لهيبة الدولة ومؤسساتها الدستورية، سكتنا من اجل الوحدة الوطنية والعيش المشترك، سكتنا احتراماً للقضاء وافساح المجال للتحقيق واحتراماً للقضاة الشرفاء، سكتنا ايماناً منّا ببناء الدولة. لكن لا يظن أحد أنّ سكوتنا ضعف أو تنازل عن حقنّا أو خوف أو خضوع فإن كان للباطل جولة فللحق ألف جولة وجولة، لذلك من عمق صمتنا وسكوتنا ندعو الدولة بكامل مؤسساتها الدستورية والقضائية والعسكرية الى تحمل مسؤولياتها كاملة لكشف الحقيقة وعدم التراخي والمماطلة والتغاضي عن كشف جرائم الغدر والقتل بالاسماء والوقائع واعطاء الحكم لترسيم الحدود، لانها حددت بدماء شهدائنا الابرار وتكللت بارواحهم الطاهرة، ولن نتنازل عن شبر واحد بعد اليوم، وندعو الدولة ومؤسساتها لعدم الانجرار وراء التسييس او اتخاذ القضاء رهينة لمصالحهم الفاسدة" .
وختم: "ارفعوا ايديكم عن القضاء لمن يريد التسييس والمماطلة وطمس الحقيقة، ومن يحب اللعب بالنار سيجد نار جهنم مفتوحة امامه، شاء من شاء وابى من أبى ، وكلامنا واضح كعين الشمس . لا قوة ولا عدالة ولا قانون سيقف في وجهنا لاخذ حقنا كاملاً وغير مجزأ عبر الدولة ومؤسساتها او بقوة الند بالند والسلاح بالسلاح. نحن شعب لا نخاف السجون لاننا ابناء الحرية ولا نخاف الموت لاننا ابناء القيامة ولا نخاف الظلمات، لاننا ابناء النور فليعلم قادة التحريض والفتنة ان يوم القيامة والحرية والنور آت. وليعلم ارباب الفتنة ان المتاريس التي بنيتموها في ارضنا ستكون مقبرة لامثالكم والتاريخ سيشهد لان من يطالب بالحق والعدالة النصر حليفه ومن يطالب بطمس الحقيقة فجهنّم مقبرته" .
كما كانت كلمة لمحامي العائلتين د. زياد بيطار، أكد فيها "ضرورة عدم مساواة ابناء بشري بالقتلة الذين غدروا الشهيدين وإطلاق سراح منصور سكر ورفيقه رياض طوق واحقاق العدل"، لافتا الى "تحويل القضية الى المجلس العدلي في حال لم تصدر الأحكام العادلة لان القضية باتت تمس بالأمن الوطني".