المصدر: اللواء
الجمعة 5 تموز 2024 07:00:36
كتب عبدالرحمن قنديل في اللواء:
«ماذا لو اندلعت الحرب الشاملة»؟ سؤال يردده اللبنانيون بكثرة في الأيام الأخيرة نتيجة للتهديدات المتكررة باحتمالية أن لا تبقى محصورة المواجهة الجنوبية ضمن أراضي الجنوب،وأن المواجهة ستكون شاملة بين حزب الله واسرائيل وأن الخطر على لبنان قائم لا محالة نتيجة هذا الأمر،والجميع بدأ بالتفكير قبل احتمالية اندلاع هذه المواجهة من عدمها في تداعياتها على اللبنانيين وبالأخص التداعيات الإقتصادية عليهم.
لا يزال لبنان يعاني إقتصادياً،ولكن لطالما شكل موسم الصيف بوابة إنتعاش لهذا الإقتصاد من خلال «عودة المغتربين» وما تشكل هذه العودة من عامل مهم وأساسي لهذا الإنتعاش ومردوده على لبنان وخزينته من خلال النمو الإقتصادي الذي يحققه لبنان نتيجة هذه العودة وحجم تأثيرها خصوصاً على القطاع السياحي،ولكن مع التهديدات بتوسيع الحرب من قبل اسرائيل وبأن هذا الصيف سيكون صيفاً ساخناً مع لبنان فكيف ممكن أن تؤثر سخونة توسيع الحرب على الإقتصاد في لبنان؟
في هذا السياق يلفت رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة والصناعة النائب فريد البستاني لـ«اللواء» إلى أن العدوان الإسرائيلي الحاصل هو عدوان يستهدف بشكل متعمَّد الأراضي اللبنانية بشكل عام، وعلى الجنوب بشكل خاص لأن إسرائيل هي من بادرت بالإعتداء وهذا يشكل ظلماً لأهالي الجنوب بما فيهم المقيمين في المناطق الحدودية.
ويعتبر البستاني أن القنابل الفسفورية التي يتعمَّد الجيش الإسرائيلي رميها في الجنوب تساهم بشكل أساسي في تدمير المواسم الزراعية من خلال تدمير الأراضي الزراعية، وهذا سبب إضافي في زيادة العواقب الإقتصادية في حال استمراره مع احتمالية الإتجاه إلى مواجهة شاملة بين حزب الله واسرائيل.
ويؤكد أن هذا العدوان من قبل إسرائيل له عواقب إقتصادية كبيرة،لاسيما على السياحة في لبنان بشكل أساسي باعتبار أن لبنان دخل ضمن فلك الموسم الصيفي بالتزامن مع تدفق المغتربين والزائرين بأعداد كبيرة لزيارة لبنان،فأي مؤشر معين يساهم في توسيع رقعت الحرب أو العدوان الإسرائيلي الحاصل قد يؤثر على الموسم السياحي بشكل كبير،لأن هذا القطاع هو من أهم القطاعات في لبنان لقدرته على أن يكون سبباً للإنتعاش الإقتصادي من خلال جلب الأموال بشكل فوري لخزينة الدولة بالإضافة إلى المؤسسات التي ساهمت بفتح «المطاعم» و«الفنادق» بالإضافة إلى «شركات تأجير السيارات» على سبيل المثال، وهذا ما يشكل خطراً على هذا القطاع بشكل أساسي لأن الحرب الشاملة قد تساهم في تدمير هذا القطاع برمته.
ويشير إلى أنه بالإضافة إلى التداعيات الكارثية التي ممكن أن يحملها شبح «توسيع الحرب» على الموسم السياحي بشكل أساس،ولكن توسيع الحرب سيؤثر أيضاً على شركات الطيران،وعلى الإقتصاد ككل، فلا شك أن القطاعات التي ذكرناها هي قسم من الإقتصاد ككل ولكن لا شك أن شبح توسيع الحرب سيطال الإقتصاد برمته.
ويختم البستاني قائلاً:«نحن بغنى عن توسيع رقعة الحرب الدائرة لأنه في حال حدث ما يخشاه الجميع،وتوسعت رقعة الحرب ولم تقف عند نطاقها الجنوبي في المناطق الحدودية وحدثت ضربات طالت العمق اللبناني بشكل أساسي فهنا ستكون الكارثة الأكبر التي ستقع على لبنان نتيجة تداعيات توسيع الحرب،لذلك نحن لسنا من الراغبين في توسيع الحرب على الرغم من الظروف الإقليمية التي تساعد في فرض هذه الحرب علينا».
ومن جهته يشير الخبير المالي والمصرفي نقولا شيخاني لـ«اللواء» إلى أن يتم المساهمة في خلق نمو إقتصادي لتحسين الإقتصاد من خلال ناتج محلي يتراوح بين الـ4 و الـ6% ضمن 3 إلى 4 سنوات كحد أقصى،وهذا عامل أساسي يساهم في عودة الإقتصاد في لبنان إلى سابق عهده ويكون بالكاد ضمن المرحلة التي كان عليها الإقتصاد في عام 2016.
ويشدد شيخاني على أنه لكي يكون هناك قدرة على خلق هذا النمو يجب أن يكون هناك خطة بنيوية واضحة المعالم ترتكز على «البنى التحتية» وكيفية تطويرها بشكل أساسي من خلال إعادة تفعيل قطاع «الكهرباء» و«الإتصالات» وتحسينها بالإضافة إلى«المياه» و«المرافئ» أيضاً ويجب أن تكون كلفة هذه الإجراءات بين الـ3 والـ6 مليار دولار لكي تكون هناك قدرة على تأهيلهم بشكل كلي لتكوين بنى تحتية صلبة تساعد على تكوين البنى التحتية اللازمة.
ويؤكد أنه إضافة إلى كل هذه العوامل فيجب أن تكون هناك خطة تتعلق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي للقدرة على تمويل هذا النمو الإقتصادي من خلال رد الثقة للنظام الإقتصادي، ومن خلال خلق مناخ إستقرار في لبنان وانطلاقاً من أهمية هذا العامل لا يجب أن تتوسع الحرب في لبنان.
ويحذر من خطورة أن يتم إدراج لبنان على اللائحة الرمادية نظراً لخطورة تداعياته الخطيرة على الإقتصاد،لذلك في حال لم تفعل السلطة أي شيء لتحسين واقع القطاع المصرفي لتخفيف «إقتصاد الكاش» القائم في لبنان، وهذه مسؤولية حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري أن يقوم بهذا الأمر باعتبار أن هذه الخطوة هي خطوة منتظرة منذ 6 أشهر تقريباً ولكن لا زالت الأمور على حالها ولم يحصل أي تقدم يذكر في هذا الخصوص وهذا خطأ كبير.
ويختم شيخاني قائلاً:«أنه في حال تم إدراج لبنان ضمن اللائحة الرمادية فهذا الأمر حتماً سيؤدي إلى إنكماش إقتصادي كبير يتراوح بين الـ3 والـ8%، وهذا ما لا يجب أن يحصل لأنه في نهاية المطاف النمو الإقتصادي يبقى الأساس يتراوح بين الـ3% إلى 5% خلال 3 أو 4 سنوات متتالين، ففي حال توسعت الحرب ستكون تداعياتها كارثية على المستثمرين سواء الداخلين أو الخارجين مما يؤدي إلى زيادة الإنكماش بين الـ5 إلى 7%، وفي حال أدت الحرب إلى تدمير في البنى التحتية ممكن أن يصل الإنكماش إلى حدود الـ15% وهذا ما يؤدي إلى تأخير التعافي الإقتصادي لمدة تتراوح بين الـ10 إلى 12 سنة كحد أقصى، وهذا أمر خطير قد يساهم في عودة لبنان إلى إقتصاد أوائل الـ 2000 الذي كان قائماً منذ 25 سنة الماضية».