المصدر: وكالة أخبار اليوم
الأربعاء 24 شباط 2021 16:25:12
كتب أنطوان الفتى في أخبار اليوم:
لسنا شيئاً، ولا حتى ذرّة غبار لنسمح لأنفسنا بتوجيه طلب الى رأس الكنيسة البابا فرنسيس. ولكن بما يخرج عن العواطف التي تقودنا الى التمنّي لو أن "الحبر الأعظم" يزور لبنان مرات ومرات خلال سنة واحدة، نطلب منه على مسافة عشرة أيام من بدء زيارته التاريخية الى العراق، أن لا يزور لبنان في وقت قريب أبداً!
غير جاهز
صحيحٌ أن المرضى هم بحاجة الى طبيب، لا الأصحاء. وصحيحٌ أن لبنان والعراق، هما من أكثر بلدان المنطقة المريضة، فساداً وفقراً وجوعاً وإرهاباً واحتلالاً وسلباً للحريات العامة والخاصّة، وللكرامة الشخصيّة، ولحقّ تقرير المصير، إلا أن لبنان غير جاهز لاستقبال النّور في الوقت الراهن، إذ لا نيّة فيه بالتّوبة.
فهذه الحالة تمنع المؤمن من الحصول على المناولة المقدّسة، قبل أن يُمارس سرّ التوبة، أي الإعتراف بالخطايا، الذي يسبقه فَحْص الضّمير، وتجديد العَزْم على عَدَم العودة الى الخطيئة، بعد الإعتراف بها.
نار آكِلَة
الزيارات البابوية ليست حدثاً عادياً، إذ تحمل متغيّرات كثيرة يُمكن ملاحظتها بسهولة لمن نُزِعَت قشور "العالم" عن أعيُنهم. وهذه المتغيّرات ليست "حمائمية" دائماً بالضّرورة، إذ قد تكون أحياناً كثيرة بمفاعيل قاسية ومحلِّقَة، أعلى من النّسور.
حقّقت أهدافها
هنا، نعود بالذّاكرة الى زيارات البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني الى لبنان (عام 1997) والى سوريا (عام 2001)، فنجد أنه رغم استغلال "خواريف" الإحتلال السوري الزيارة آنذاك، لإظهار القدرة على النّجاح في تنظيم حدث من مستوى رفيع جدّاً، إلا أنها حقّقت أهدافها في تثبيت سيادة واستقلال لبنان، والإعتراف به ككيان مستقلّ عن الدولة السورية، في وقت كان جميع رؤساء دول العالم الوازِنَة يُعالجون مشاكل الملف اللبناني في ذلك الوقت، عبر اتّصال هاتفي واحد مع القيادة السورية.
أما نزول البابا القدّيس (يوحنّا بولس الثاني) في دمشق، عام 2001، فكان على وقع ترنُّح رياح "ربيع دمشق" آنذاك، الذي شكّل مرحلة من التحرُّر السياسي تلَت وفاة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد (حزيران عام 2000)، وهي تميّزت بحركة وبأفكار إصلاحية وسياسية وقانونية وإقتصادية، وذلك قبل القضاء عليها، بحجّة الحفاظ على الخصوصيات القومية والعروبية... و"المعزوفات" الديكتاتورية المعروفة.
"مِثْل الشّاطر"
فالبابا يوحنا بولس الثاني زار سوريا ليتحدّث معها عن حرية السوريين، وعن منحهم الحقّ بالكرامة الإجتماعية والفكرية، وعدم الإكتفاء بما ينحصر بتوفير الحاجات المعيشية والتربوية والصحية. وللحديث مع الأسد عن العلاقات اللبنانية - السورية أيضاً، وضرورة احترام سيادة لبنان واستقلاله، وذلك بعد أشهر من نداء المطارنة الموارنة في لبنان، في أيلول عام 2000. بالإضافة الى مناقشة أدوار دمشق في الملفَّيْن الفلسطيني والعراقي (قبل سقوط الرئيس الراحل صدام حسين آنذاك).
ورغم فساد الإرادة البشرية، وتصلُّبها أمام النّعمة، إلا أن الجيش السوري انسحب من لبنان "مِثْل الشّاطر" عام 2005، أي بعد أربع سنوات من الزيارة البابوية لدمشق، وبعد ثماني سنوات من الزيارة البابوية للبنان. والفضل في ذلك لله، وكلّ الشّكر له.
طغمة منافِقَة
واليوم أيضاً، يواجه البابا فرنسيس تصلّباً أمام النّعمة في العراق، على أكثر من مستوى. ولكن لا بدّ من أن تهبّ رياح التغيير على تلك البلاد، بعد الزيارة البابوية. فالفاتيكان من أقوى دول العالم، رغم عدم امتلاكه أسلحة وترسانات عسكرية، وذلك كما كان يردّد الرئيس السوفياتي الراحل جوزف ستالين، أمام معارفه.
أما لبنان، فنطلب من البابا فرنسيس أن لا يزوره أبداً في وقت قريب، بسبب وجود طغمة مسيحيّة منافِقَة فيه، هجّرت النّعمة منه، وجعلته مسكناً للشياطين.
قلّة إيمانها
نحصر كلامنا بالطّغمة المسيحيّة المُنافِقَة تلك، لأنها تصلب المصلوب وهي تدرك ما تفعله. طغمة مُنافِقَة ستستغلّ الزيارة البابوية لتنفخ نفسها بمزيد من الكبرياء والعجرفة، ولتسجّل في سجّلها زيارة بابوية، ولتقول إن الفاتيكان يدعم خياراتها، بدلاً من أن تجد في الزيارة فرصة للتوبة، وللعودة الى الله طلباً للشّفاء الذاتي، والوطني.
طغمة مسيحية مُنافِقَة، تحدّ عمل النّعمة، وتعرقله، نظراً لقلّة إيمانها، وكثرة كلامها.
أسهَل
طغمة مسيحية مُنافِقَة في لبنان، قد تحاول خداع البابا من خلال إقناعه بجدوى زيارة سوريا، وإيران. و"الله ينجّينا" من أهدافها في هذا الإطار، مُتناسِيَةً أن زيارة بابوية لهذا النّوع من البلدان في الوقت الرّاهن، يُشبه تماماً دخول أحد ملائكة السّماء الى الجحيم. و"فِهْم الجميع كفايي".
طغمة مسيحية مُنافِقَة في لبنان، نزعت تاج المسيح عن رأسها، لتستبدله بآخر، لن يوصلها إلا نحو الجحيم، على خطّ "رَوْحَة بلا رَجْعَة".
فالى "الحبر الأعظم"، أكثر من تمنٍّ. هو طَلَب. لا تشرّف تلك الطّغمة بزيارة، بل تابع أوضاع لبنان من روما. فمن هناك يبقى العمل أسهَل.