في 21 آذار...قلب "الأم البديلة" ينبض أيضا حبّاً وماما رحاب تخشى رحيلهم: لن أتخلّى عنكم نهائيًا!!

"الأم هي التي تربّي".. مقولة نسمعها في مجتمعنا وجسدتها العديد من النساء اللواتي يمتلئ قلبهنّ بالحبّ والحنان الذي يعوّض عن غياب الأم الحقيقية.

وفي مجتمع مليء بالتحديات والضغوطات، يعاني العديد من الأطفال من غياب رعاية الأم نتيجة ظروف اجتماعية أو اقتصادية قاسية جعلتهم أيتاما.

فهنا تظهر "الأم البديلة" كملاذٍ أخير يمنح هؤلاء الأطفال الحنان والرعاية.

الأم البديلة في قرى الأطفال "SOS"

قرى الأطفال "SOS"  هي منظمة غير حكومية تقدّم الرعاية والحماية للأطفال والشباب الذين يوضَعون تحت رعاية الأسرة المنظمة، وتخلق لهم بيئة أسرية آمنة.

في حديث خاص لموقع "kataeb.org"، تشير المرشدة الإجتماعية في قرى الأطفال "SOS" السيّدة رولا مهاوج الى أن "نسبة النساء اللواتي يرغبن بأن يكنّ "أماً بديلة" تضاءلت مع بدء الأزمة الإقتصادية في لبنان، نظرًا للمسؤولية التي تتوجّب عليها داخل المؤسسة وعدم تمكنّها من العمل خارجها،" لافتة الى وجود ثماني أمهات وثلاث خالات في قرية "بحرصاف".

وتلفت الى أن "الأم البديلة" في SOS يجب أن تكون عزباء، أرملة، منفصلة أو مطلّقة، لسبب واحد، هو أن لا يكون لديها ارتباط آخر خارج المؤسسة، لأنه يتوجّب عليها مسؤوليات عدّة ، فهي "أم" وبالتالي عليها الإهتمام بأطفالها وتكون الى جانبهم في كلّ المناسبات والظروف.

وتكشف مهاوج أن عمل "الأم البديلة" في المؤسسة ليس عملًا تطوعيًّا، إنما هي وظيفة لأن "الأم" بحاجة الى أن تهتم بنفسها وتؤمّن مستقبلها ". وأشارت الى أنها تتقاضى راتبًا ثابتًا شهريًّا وتبقى مضمونة كل حياتها حتى لو لم تعد داخل المؤسسة".

وتؤكد أن "الأم البديلة" تتواجد مع الأطفال 24/24 ولكن لدينا "خالات" يساعدن "الأم" في حال مرضت أو عندما تريد أن تزور أهلها".

وعن مستقبل "قرى الأطفال SOS"، تعتبر مهاوج أن وضع البلد المجهول يجعلنا أمام هاجس الخطر، ولكن نحن نسعى للبقاء أقوياء، ونتعايش مع الأزمة ونواجهها.

ماما رحاب: الأم هي التاريخ بأكمله

"ماما رحاب"، أم بديلة لستة أطفال في SOS، بدأت عملها داخل المؤسسة كموظفة، كانت في البداية "خالة" أي مساعدة للأم تقتصر مهامها على أمور بسيطة ومسؤوليات محدّدة.

وتقول "ماما رحاب" لموقعنا أنها لم تكن تعرف ماذا تعني "إم SOS"، ولم يكن لديها أي رغبة بأن تصبح "أمّاً"، ولكن مع الوقت شعرت بأن دور "الأم" عظيم جدًّا، فالعمل مع الطفل مميّز وممتع، فقررت بأن تكون "إم SOS".

وتضيف: ""الأم البديلة" تتميّز عن "الأم البيولوجية" كونها تستقبل أطفالًا من بيئات مختلفة، وطفل الـ SOS له حالة اجتماعية خاصة وخلفية صعبة، فالتعامل معه ليس سهلًا ومع الوقت تكتشفين صعوبات جديدة، فربما يكون تعرّض للعنف في السابق، وهذا قد يولّد لديه الشعور بالكره والخوف من الآخرين، ولكنه بحاجة الى الوقت للشعور بالأمان وهنا يأتي دور "الأم البديلة" لتأمين له الرعاية اللازمة.

وتلفت ماما رحاب الى أن عمل "الأم البديلة" يتطلّب تضحيات منها، فهي ستترك عائلتها وتعيش في منزل آخر لفترة طويلة، ولكن مع الوقت تصبح العلاقة بين الطفل والأم وطيدة جدًّا، وهذا ما يتطلّب تفريغ وقتها للبقاء مع أطفالها، لأن أمامها مسؤوليات كبيرة، وفي الوقت نفسه أن هذا الطفل محروم من جوّ الأسرة لذلك علينا كأمهات أن نضحّي من أجله ومن أجل رعايته".

وتقول: "العائلة التي أعيش معها هي "عائلتي" وأشعر بهاجس الخوف يوميًا عندما أفكّر بأنه سيأتي يومًا وسيغادرون المنزل وينطلقون في المجتمع وحياتهم الخاصة، ولكن هذا الأمر طبيعي عند كل إنسان، لذلك أعمل على تهيئتهم لدخول الجامعات وسوق العمل ومواجهة التحديّات الحياتية".

وتتابع: "دائمًا، أكرّر وأقول لهم: "لن أتخلى عنكم نهائيًا وحتى SOS تبقى داعمة للطفل بعد أن يغادرها".

وتشير ماما رحاب الى أن "المشاعر التي تحملها تجاه كل طفل هي نفسها، وهذا الموضوع متعب في بعض الأحيان، لأنه يمكن أن يكون هناك طفل له وضعية خاصة يتطلّب اهتمامًا أكثر من غيره من الأطفال، لذلك ينبغي أن أكون دقيقة في التعامل معهم وألّا أسمح لهم بالشعور بالغيرة في ما بينهم".

وفي الختام، تقول "ماما رحاب": "الأم هي الدنيا، الحياة، العطاء، الحنان والتضحية، الأم هي التاريخ بأكمله."