"قانون زراعة القنب".. سلام: خطوة تنموية إيجابية

رعى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، صباح اليوم، في السرايا مؤتمر "زراعة القنّب بين الواقع والمرتجى"، بحضور وزراء الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، العدل عادل نصار، الصناعة جو عيسى الخوري، إضافة إلى عدد من النواب والمعنيين.

وأكد سلام أن " تنظيم هذا القطاع يمكن ان يشكل رافعة لالاف العائلات"، مشيرًا إلى أن "هذه الزراعة قادرة على تحقيق مردود مالي كبير للاقتصاد اللبناني من خلال إطلاق القدرات نحو اقتصاد منتج ومستدام، والدراسات الطبية أكدت أنه يمكن تعزيز الامن الدوائي من خلال استخدام القنّب".

وقال: "نصر من خلال قانون زراعة القنب على تقديم خطوة تنموية إيجابية تترك أثراً جيداً في مجالات عدة لا سيما في المناطق الريفية".

 

 

 

 

كلمة سلام كاملة

قال سلام: "أشكر دعوتكم الكريمة، ويسعدني أن أشارك في هذا المؤتمر المهم الذي يتناول مسألة وطنية دقيقة تجمع بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، وتتطلب نقاشًا علميًا وتشريعيًا هادئًا ومسؤولًا. ينعقد هذا المؤتمر في توقيت محوري ضمن مسار السياسات التنموية التي تعتمدها الحكومة لإعادة بناء الاقتصاد على أسس منتجة، عادلة، ومستدامة. وفي قلب هذه الرؤية، تحتلّ الزراعة موقعًا مركزيًا بعدما كانت لسنوات ركيزة منسية، لكنها اليوم تعود لتكون، كما تقول حملة وزارة الزراعة، "نبض الأرض والحياة"".

وأضاف: "من هذا المنطلق، تنظر الحكومة إلى زراعة القنب، بوجهيها الطبي والصناعي، كقطاع واعد لم يعد محظورًا أو هامشيًا في السياسات العامة، بل أصبح في عدد متزايد من الدول رافعة اقتصادية وتنموية تخلق فرص عمل، وتعيد الحياة إلى المناطق الريفية المهمّشة، ضمن إطار قانوني ورقابيّ صارم.

أقرّ مجلس النواب عام 2020 القانون رقم 178، الذي شرّع زراعة القنّب للأغراض الطبية والصناعية. خطوة متقدّمة وضعت لبنان في مصاف الدول الساعية إلى الاستفادة العلمية والاقتصادية من هذا القطاع، غير أن الترجمة العملية لهذا القانون ما زالت تواجه بعض التعقيدات التنظيمية والمؤسساتية، التي نسعى إلى معالجتها بتنسيق محكم وجهد مشترك بين السلطات المعنية".

نصرّ على المضي في هذا المسار لأننا نواجه فرصة تنموية حقيقية، من شأنها أن تترك أثرًا مباشرًا في ثلاثة مجالات رئيسية:

أولًا: على المستوى الاقتصادي والإنتاجي
يتيح هذا القطاع إنشاء سلسلة قيمة متكاملة تشمل الزراعة، والصناعة الدوائية والغذائية، والتكنولوجيا الحيوية. وهو قادر على خلق فرص عمل نوعية، خصوصًا في المناطق الريفية، وتحفيز الاستثمار في البحث والتطوير. وتشير التقديرات إلى أن هذه الزراعة، إذا ما أُديرت بمهنية وشفافية، قادرة على تحقيق إيرادات تفوق المليار دولار سنويًا عبر الإنتاج المباشر، والصناعات التحويلية، والتصدير.

ثانيًا: على مستوى العدالة الاجتماعية والتنمية المناطقية
لطالما عانت مناطق مثل البقاع من التهميش وغياب البدائل الاقتصادية. تنظيم هذا القطاع بشكل عادل ومدروس يمكن أن يشكّل رافعة تنموية تُشرك آلاف العائلات في دورة قانونية منتجة، وتمنحهم بديلًا حقيقيًا عن اقتصاد الهشاشة. وهذا يستدعي نموذجًا شفافًا في توزيع التراخيص، ودعمًا فعليًا لصغار المزارعين، بعيدًا عن الاحتكار والمصالح الضيقة.

ثالثًا: على المستوى الصحي والبحثي
تؤكد الأدلة العلمية الاستخدامات الطبية المفيدة لمركّبات القنب، خصوصًا في علاج أمراض مزمنة أو مستعصية. ويمكن للبنان أن يتحوّل إلى مركز إقليمي رائد في تصنيع الأدوية المستخلصة من القنّب، مما يعزز الأمن الدوائي، ويدعم الابتكار، ويخفّف من كلفة الاستيراد.

السيدات والسادة،

القضية إذن ليست قضية زراعة نبتة، بل مشروع متكامل لبناء قطاع اقتصادي حديث ومتعدد الفوائد. ونحن في الحكومة نعمل على استكمال الإطار التنفيذي لهذا القانون عبر:

  1. تشكيل هيئة ناظمة مستقلة تشرف على كامل سلسلة الإنتاج والتسويق، وقد تم هذا الأسبوع اختيار أول عضوين من أعضائها بموجب آلية التعيينات المعتمدة.
  2. إصدار المراسيم التطبيقية بالتشاور مع الخبراء والمعنيين.
  3. تطوير منظومة رقابية فعالة تضمن الامتثال للقانون وتحقيق أهدافه.

نحن لا نريد لهذا القطاع أن يتحوّل إلى مساحة للفوضى أو الاستغلال أو الإقصاء، بل إلى نموذج جديد من الاقتصاد الإنتاجي المسؤول الذي يوزّع الفرص بعدالة، ويستند إلى المعرفة والتخطيط السليم، ويعيد الثقة بالدولة.

في بلد صغير كلبنان، يواجه أزمات مزمنة وتحديات بنيوية، لا خيار أمامنا سوى الاستثمار في طاقاتنا الذاتية، وفي مواردنا البشرية والطبيعية. وزراعة القنب، ضمن القانون وتحت إشراف علمي صارم، تمثل فرصة حقيقية لإطلاق قدرات مناطقنا الزراعية وبناء اقتصاد منتج، مستدام، وغير ريعي.

ختامًا،
أتوجه بالتحية والتقدير لكل من ساهم في الوصول إلى هذا اليوم، وأخص بالشكر معالي وزير الزراعة وفريقه، الذين يثبتون أن الزراعة ليست قطاعًا هامشيًا، بل هي قلب لبنان الأخضر، ومحور نهوضه الاقتصادي والاجتماعي.

وأتمنّى أن تكون نقاشاتكم اليوم خطوة فعلية نحو تطبيق هذا القانون، بما يعكس طموحات اللبنانيين، ويواكب التحوّلات العالمية.

وشكرًا.

ثم قدم وزير الزراعة درعاً تكريمية للرئيس سلام.