المصدر: سكاي نيوز
الأحد 30 حزيران 2024 16:42:03
أدت نتائج الانتخابات الرئاسية في إيران، التي شهدت نسبة مشاركة متدنية، إلى الإعلان عن جولة إعادة في الخامس من تموز المقبل، بين المرشحين الإصلاحي مسعود بيزشكيان والمتشدد سعيد جليلي.
نسبة مشاركة منخفضة
وفقا لأرقام الحكومة، لم يصوت سوى 40 بالمئة من الإيرانيين المؤهلين، وهو معدل إقبال منخفض تاريخيا.
ورغم أن الانتخابات الإيرانية كانت تجتذب حشودا من المصوتين في السابق، فإن السنوات الأخيرة شهدت إحجاما شعبيا عن التصويت، كشكل من أشكال الاحتجاج ضد النظام الحاكم على ما يبدو.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2013، وضع عدد كبير من الإيرانيين ثقتهم في المرشح الإصلاحي حسن روحاني، وكانوا يأملون أن يخفف القيود الاجتماعية والسياسية ويتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يرفع العقوبات الغربية، في مقابل تقييد الأنشطة النووية لبلادهم.
وأبرم روحاني بالفعل هذه الصفقة، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحب منها وأعاد فرض العقوبات في عام 2018، مما أدى إلى تراجع الاقتصاد الإيراني، الذي يقول المحللون إنه عانى أيضا سوء إدارة.
إلا أن الحريات الاجتماعية التي نالها الإيرانيون في ظل رئاسة روحاني، تبخرت بعد انتخاب إبراهيم رئيسي، الرئيس المتشدد الذي توفي في حادث تحطم مروحية الشهر الماضي.
وبلغ الغضب الشعبي ذروته عام 2022، عندما اندلعت احتجاجات مناهضة للحكومة على مستوى البلاد استمرت شهورا بعد وفاة الشابة مهسا أميني.
ماذا قد يحدث في جولة الإعادة؟
رغم خيبة أمل العديد من الناخبين في الحكومة الحالية التي يهيمن عليها المحافظون، فمن غير المؤكد أنهم سيخرجون لدعم الإصلاحي بيزيشكيان خلال جولة الإعادة.
ويبدو أحد الأسباب التي جعلت بيزيشكيان يصل إلى جولة الإعادة، رغم كونه الإصلاحي الوحيد في المشهد الانتخابي المزدحم، أن المرشحين الرئيسيين من المحافظين جليلي ورئيس البرلمان المتشدد محمد باقر قاليباف قسموا أصوات المحافظين.
أما جليلي فليس من المضمون أن يكتسب أصوات منافسه السابق قاليباف، لأن استطلاعات الرأي السابقة أشارت إلى أن العديد من هؤلاء الناخبين لم يكونوا مهتمين بدعم جليلي.
لكن هذا قد يتغير بعد أن طلب قاليباف من أتباعه، السبت، التصويت لجليلي لضمان فوز المحافظين.
وبشكل عام، يبدو أن المؤسسة الحاكمة بقيادة المرشد علي خامنئي تفضل فوز جليلي، فالمرشد يشترك معه في وجهات نظر عدة، فيما انتقد مؤخرا بزشكيان بشكل غير مباشر لارتباطه الشديد بالغرب.
وحقيقة أن المجلس الديني الذي يفحص المرشحين الرئاسيين سمح لخمسة محافظين بالترشح جنبا إلى جنب مع إصلاحي واحد، تشير إلى أن المرشد الأعلى يريد من يتبنى أجندة مماثلة.
ما أهمية منصب الرئيس؟
في النظام الإيراني، يتخذ المرشد الأعلى جميع القرارات الكبرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا مثل المفاوضات النووية والسياسة الخارجية، لكن الرئيس يمكنه تحديد الطريقة لتنفيذ هذه السياسات، كما فعل روحاني في سعيه إلى التوصل إلى اتفاق نووي مع الغرب.
ومن المرجح أن يتمتع من يتولى الرئاسة بحرية أكبر في إدارة أمور القيود الاجتماعية، ليس فقط فرض الحجاب الإلزامي، بل أيضا مثل ما إذا كان بوسع المغنيات الإناث الظهور على خشبة المسرح.
كما سيكون له بعض النفوذ على السياسة الاقتصادية للبلاد، فقد ارتفعت معدلات التضخم في السنوات الأخيرة وانخفضت قيمة العملة الإيرانية، الأمر الذي جعل الحياة صراعا شاقا بالنسبة للإيرانيين الذين شهدوا ذوبان قيمة رواتبهم ومدخراتهم، وأصبح شراء الفواكه والخضراوات واللحوم أمرا صعبا بالنسبة للكثيرين.
ماذا يعني هذا بالنسبة لأزمة الشرق الأوسط والبرنامج النووي الإيراني؟
خارج إيران، تتجه كل الأنظار إلى السياسة الخارجية والنووية الإيرانية في المرحلة المقبلة.
فإيران لاعب حاسم في الصراع المعرض للاتساع في غزة، حيث تشن إسرائيل، العدو اللدود لإيران منذ فترة طويلة، حربا دامية على القطاع.
ودعمت إيران ومولت وسلحت، ليس فقط حماس، بل أيضا حزب الله اللبناني، فيما بات يعرف إعلاميا بحرب الوكالة.
ورغم أن المواجهات بين إسرائيل وحزب الله لم تتحول بعد إلى حرب، ويرجع هذا جزئيا إلى أن إيران لا تريد الانجرار إلى صراع أوسع نطاقا، فقد شددت إسرائيل مؤخرا من لهجتها، محذرة من أنها قد تحول تركيزها من غزة إلى لبنان.
ولم تعد إيران وإسرائيل تقتصران على المعارك بالوكالة أو الضربات السرية، فقد نفذ الجانبان هذا العام ضربات مفتوحة، وإن كانت محدودة، على أراضي كل منهما.
ومن غير الواضح أيضا ما قد يعنيه انتخاب رئيس جديد للجهود الغربية التي استمرت لسنوات، لكبح البرنامج النووي الإيراني.
فبعد 6 سنوات من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الأصلي، أصبحت إيران الآن أقرب من أي وقت مضى إلى القدرة على إنتاج الأسلحة النووية، وفق تقارير استخباراتية غربية.