قراءة في خلفيات موافقة ايران واسرائيل على الهدنة في لبنان!

مع بدء سريان مفعول وقف إطلاق النار، ارتسمت في الافق علامات استفهام كثيرة حول الاسباب التي دفعت برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لقبول الهدنة، خاصة وأنه رفض كل محاولات إرساء هدنة مع حركة "حماس" في غزة؟ فهل في الخلفيات نقص السلاح والذخيرة بعد حربين خاضهما منذ سنة على جبهتين؟ أم ان وصول إدارة اميركية جديدة وعقد اتفاق مع الرئيس دونالد ترامب دفعه للتهدئة؟ أم ان قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه كانت عاملاً مساعداً؟ وهل من تحول في الموقف الاميركي تجاه اسرائيل جعله يفقد القدرة على المواجهة، رغم ان نتنياهو تحدّث عن سلاح نوعي ستمدّه به الولايات المتحدة الأميركية في وقت لاحق؟ 

وبعد...ماذا عن خلفيات قبول ايران بالهدنة؟ وهل  حيّدت لبنان حقيقة عن نفوذها الاقليمي؟

رئيس "المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان" النائب السابق فارس سعيد يؤكد لـ"المركزية" ان "الجميع يتحضّر لاستقبال الإدارة الأميركية الجديدة، ويحاول ان يقدّم نفسه كطرف مُحاوِر في المنطقة لاستقبال الإدارة الجديدة، ومَن سعى للتوصّل إلى هذا الواقع هو الجانب الايراني، لأنه يُدرِك ويعرف ان ترامب سيستلم الإدارة في 20 كانون الثاني، وهو تعامل خلال ولايته السابقة مع الملف الايراني بخشونة استثنائية، قتل قاسم سليماني وانقلب على الاتفاق النووي . أمام هذا الواقع، وجدت ايران نفسها على قاب قوسين من استقبال إدارة أميركية قد تستمر بالنهج نفسه تجاهها،  فقررت وقف إطلاق النار في لبنان بشروط بنيامين نتنياهو".

ويضيف: "عملياً، في السياسة، بغض النظر عما يقال في لبنان وعبر وسائل الاعلام، فإن ايران سعت، منذ العام 1982 اي منذ 42 عاماً ان تكون على حدود اسرائيل من أجل أن تحتفظ لنفسها بموقع في المنطقة وبمقعد تفاوضي مع الولايات المتحدة، دفعت الغالي والرخيص، من مال وعتاد ودعم ودم وحضور سياسي، كي تكون موجودة على حدود اسرائيل بدلاً من الدولة اللبنانية. حاول الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006 ان يضع الدولة اللبنانية على حدود اسرائيل، انقلبت عليه ايران في 7 أيار 2008 واستعادت موقعها. اليوم بعد 42 عاماً، خرجت ايران من معادلة المنطقة ومن كونها قوة اقليمية تجد نفسها قادرة على تحريك الجبهة مع اسرائيل. اما ما تبقّى من السلاح شمالي الليطاني، بعكس ما يقال في لبنان بأنه يشكل خطرا على أي فرد، فإن هذا السلاح عندما يفقد وظيفته الاقليمية يصبح في الداخل خردة. السلاح قوي في الداخل إذا كانت له وظيفة إقليمية، اما إذا فقدها  فيضعف ويتحوّل إلى سلاح مزعِج لمن يحمله. منذ مئتي عام، شارل موريس تاليران الذي كان مستشار الامبراطور نابوليون، قال له بعد خسارة معركة "واترلو": "سيد، كل شيء ممكن ان تفعله مع السلاح إلا ان تجلس على حرباته". في شمالي الليطاني، اعتقد ان "حزب الله" سيجلس على حربات بندقياته لأنه فقد قيمته الاقليمية بخروجه من معادلة المنطقة".

وعن مدى ثبات الهدنة، يجيب سعيد: "هناك هيئة إشراف دولية لها القدرة، وفق ما اتُفِق عليه، على التدخل، أي إذا كان ثمة من يسعى الى خربطة أو عدم تنفيذ ما اتٌفق عليه، ستتدخل الولايات المتحدة، بالتعاون والتنسيق مع اسرائيل لضرب هذا الاحتمال. لا أعتقد بعد ما حصل، ان ايران ستقوم بأي  "خربطة"، إلا إذا لم تنجح منذ الآن حتى سنة او سنتين في استعادة او كسب ودّ الإدارة الأميركية الجديدة، ربما تعود إلى ذلك، لكن ستكون عملية محدودة جداً بعدما خرجت من جغرافيا المنطقة. منذ ستة أشهر، قال السيد حسن نصرالله قبل استشهاده: "يقولون لنا أن ننقل سلاحنا الى شمالي الليطاني، اسهل ان ننقل الليطاني الى الحدود مع اسرائيل من نقل سلاحنا الى شمالي الليطاني". هذا الطرح أصبح واقعا اليوم، واعتقد ان الجميع يعلم ان الليطاني بقي مكانه والسيد نصرالله أصبح مع الإمام علي والأنبياء".

وعمّا إذا كان "الحزب" سيستفيد من الهدنة لإعادة ترتيب صفوفه، يقول: "لا يستطيع "حزب الله ان يبني ترسانته السياسية، كل ما يمكنه فعله هو ان يأتي برئيس صديق للبيئة التي يمثلها لا اكثر".