قرارات الحكومة "ضربة معلّم": حشرت إسرائيل ونسفت منطق "الحزب"!

سجّل لبنان الرسميّ، خلال زيارة الموفد الأميركي توم برّاك إلى بيروت الإثنين الماضي، نقطة في مرمى إسرائيل و "حزب اللّه" في آن معًا.

التردّد أراح تل أبيب

فبحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لبنانية متابعة للمسعى الأميركي منذ انطلاقته، لـ "نداء الوطن"، كانت نقطة ضعف بيروت، اشتراطَها الدائم تنازلاتٍ من تل أبيب كي تشرع هي في مسار حصر السلاح، علمًا أن "حزب اللّه" خسر حرب الإسناد. وهذه الوضعية، التي كانت ناتجة عن رغبة رسمية في الوقوف عند خاطر "الحزب" وفي عدم استفزازه، كانت مريحة تمامًا لإسرائيل، إذ أعطتها كلّ الذرائع التي تحتاجها للمضيّ قدمًا في عملياتها الأمنية في لبنان وفي تثبيت وجودها في النقاط الخمس التي تحتلّها جنوبًا. ولسان حالها: لبنان لم يُطبّق اتفاق وقف النار وهو ساكتٌ عن سلاح "حزب اللّه" وعن إعادته ترميمَ بنيته العسكرية، وبالتالي، نحن سنواجه هذا التهديد لأمننا وهذا الخرق لاتفاق 27 تشرين، بسواعدنا وآلاتنا العسكرية.

انقلاب المشهد

لكن بعد جلستي 5 و 7 آب الوزاريّتين ونزعِ الدولة اللبنانية الغطاءَ الشرعي عن سلاح "الحزب" وإعلانِها أنه سيصبح مجرّدًا من سلاحه بحلول 31 كانون الأول المقبل، انقلبت معالم الصورة رأسًا على عقب، تتابع المصادر. لبنان بادر واتخذ الخطوة الأولى وخرج من مربّع مسايرة "الحزب"، فحشر إسرائيل. الضغط الأميركي والدولي الذي كان يُمارس على الحكومة اللبنانية، انتقلت وجهته اليوم إلى تل أبيب. برّاك الذي رافقته مورغان أورتاغوس إلى بيروت، هنّأ الدولة على ما أنجزته وعلى جرأتها، وأعلن بوضوح أن الطابة باتت اليوم في ملعب إسرائيل التي سيتعيّن عليها تقديمُ خطوة تلاقي ما قدّمه لبنان. وبالفعل، انتقل الدبلوماسي الأميركي من بيروت إلى تل أبيب، على وقع إعلان مصدر سياسي إسرائيلي أن دولته لا تنوي الاحتفاظ بأراضٍ لبنانية، لاستعجالها اتخاذ إجراءات "إيجابية" في المرحلة المقبلة.

تكريس المقاربة الرسمية

كان قرار حصر السلاح، "ضربةَ معلّم" إذًا، تقول مصادر نيابية سيادية لـ "نداء الوطن"، إذ عزّز موقعَ لبنان التفاوضيّ وأعتَقَه من الضغوط وكرّس مبدأ الخطوة مقابل خطوة، الذي لطالما نادى به أهل الحكم. وتأكّد بعد تطوّرات الأيام الماضية أنّ مراعاة "الحزب" لم تقدِّم شيئًا إلّا تأخير مسار تحرير الأراضي اللبنانية. وتطرّقت  المصادر إلى "منطق" الممانعين، مِن "حزب اللّه" ومَن يدور في فلكه مِن إعلاميين وروحيين، وصولًا إلى سيّدهم الإيراني، الذين تحدثوا عن رضوخٍ للأميركي وقد انتقد علي لاريجاني مِن بيروت "الإملاءات الأميركية على الحكومة اللبنانية"، فقالت إن هذا "المنطق" قد تمّ نسفُه خلال زيارة برّاك الأخيرة، حيث اعتمد برّاك، المقاربةَ الرسمية اللبنانية وحملها معه إلى إسرائيل، لا العكس.

1 - 0 للحكومة على العنتريات

وبغضّ النظر عن تجاوب تل أبيب أو عدم تجاوبها، تقول المصادر إن قرارات الحكومة حرّكت أقلّه المياهَ الراكدة على ضفة تحرير الجنوب، وتحت سقف الشروط اللبنانية، من دون التفريط بأية حقوق أو مكاسب. "السكور" بات إذًا "1" لصالح لبنان ودبلوماسيته وحكومته، مقابل "صفر" لـ "حزب اللّه" وتخوينه ومنطقه وبطولاته الوهمية. فهل يلتحق بالمساعي الرسمية ويُعزّزها بتعاونٍ مِن قبله، مع خطة حصر السلاح؟ تسأل المصادر.