يفترض أن يصدر القرار الرسمي المتعلق ببدلات الإنتاجية لأساتذة الجامعة اللبنانية خلال الساعات المقبلة، وذلك بعد أخذ ورد استغرق أكثر من شهر.
تفاصيل القرار
من خلال اطلاع "المدن" على بعض مقتطفات القرار، تبين أنه تقرر إعطاء الأساتذة في ملاك الجامعة بدلات إنتاجية بقيمة 650 دولاراً بالشهر، في حال حضر الأستاذ ما لا يقل عن 80 بالمئة من أيام العمل الفعلية. وتحتسب الأيام الفعلية وفق الدوام الرسمي المعتمد في لبنان، أي يحسم من أيام الشهر فرص نهاية الأسبوع والعطل الرسمية. وتنخفض قيمة بدلات الإنتاجية تباعاً إلى حد الحضور أقله ستين بالمئة من أيام العمل الفعلية، وبعدها لا يستحق الأستاذ أي بدل إنتاجية. وتدفع هذه البدلات لمدة 11 شهراً، وتصل أيام العمل الفعلية إلى 21 يوماً كحد أقصى، وصولاً إلى 16 يوماً، بحسب العطل الرسمية في كل شهر.
أما بما يتعلق بالمساعدات من صندوق التعاضد، فيفترض أن يتلقى الأساتذة في الملاك بدلات بالليرة اللبنانية توازي بدلات الإنتاجية الآنفة الذكر. لكن احتساب السقف الأعلى والأدنى لكل أستاذ يكون حسب وضعه الوظيفي والترقيات والدرجات التي نالها. ما يجعل مجموع ما يحصل عليه الأساتذة من مساعدات وبدلات إنتاجية ورواتب يزيد عن 1500 دولار بالشهر.
مجرد موظفين عموميين
هذا القرار حوّل أساتذة الجامعة اللبنانية إلى موظفين عموميين أو إداريين، كما يقول أساتذة مندوبون في مجلس المندوبين لرابطة الأساتذة المتفرغين. وتشرح المصادر أن إدارة الجامعة اللبنانية باتت تتعامل مع الأساتذة كموظفين إداريين، فيما الوضعية القانونية والإدارية للأساتذة مختلفة. فلا دوام رسمياً للأستاذ يلزمه بالحضور إلى الجامعة لأنه غير ملزم بدوام رسمي.
وتشرح المصادر أن الأستاذ في ملاك الجامعة، حسب عقد العمل الموقع معه، ليس ملزماً بدوام رسمي يومي، بل بعدد ساعات سنوية. فالأستاذ المعيد ملزم بـ375 ساعة، والأستاذ المساعد ملزم بـ350 ساعة، والأستاذ ملزم بـ225 ساعة بالسنة. وحسب المواد التي يدرّسها كل أستاذ في الفصل، قد يكون مضطراً لتنفيذ ساعاته خلال خمسة أيام بالأسبوع أو بيوم واحد فقط. ما يعني أن الأستاذ قد يكون ملزماً بالحضور خمسة أيام أو عشرين يوماً بالشهر. بينما -حسب قرار إعطاء بدل الإنتاجية- بات الأستاذ ملزماً بالحضور بين 14 و17 يوماً بالشهر، وذلك وفق العطل الرسمية. وهذا بمعزل عن أن حضوره سيكون لتدريس الطلاب أو لمجرد توقيع جداول الحضور، في حال لم يكن لديه حصص خلال كل أيام الأسبوع.
إلزامية الحضور لا الإنتاج
وتلفت المصادر إلى سابقة حصلت في هذا الشأن. فقد جرت محاولة لجعل الأستاذ ملزماً بدوام يومي أيام رئيس الجامعة السابق فؤاد أيوب، الذي حاول فرض البصمة الإلكترونية. وقام أساتذة الجامعة ضده ولم يطبق القرار. لكن حالياً تمكن رئيس الجامعة بسام بدران من تحويل الأستاذ الجامعي إلى موظف عمومي همه الحضور يومياً إلى الجامعة لتسجيل اسمه في جدول الحضور، هذا رغم أنه ليس للأستاذ مكتب خاص به في الجامعة يعمل منه، أو يلتقي فيه مع طلابه للإشراف على أبحاثهم.
وتضيف المصادر، أنه في جميع الكليات يوجد مكتب مشترك لجميع الأساتذة لا تتخطى مساحته الأربعة أمتار. وفي زحلة مثلاً لا يوجد حتى غرفة للأساتذة. وغالباً يلتقي الأساتذة بالطلاب في المقاهي المجاورة للكلية لمناقشة أبحاثهم. وعليه فأن قرار بدلات الإنتاجية مؤداه هو حشر عشرين استاذاً أو أكثر في غرفة صغيرة لتسجيل الدوام وللقول إنهم يحضرون إلى الجامعة.
وتسأل المصادر: هل الإنتاجية هي في الحضور إلى الجامعة وشرب القهوة مع الزملاء، أم في الأبحاث والمقالات التي ينتجها الأستاذ الجامعي وتعليم الطلاب. وتعلّق بأن الجامعات الخاصة تفسخ عقودها مع الأستاذ الذي لا ينتج ثلاثة مقالات علمية في السنة. أما في الجامعة اللبنانية فيصرون على إلزام الأستاذ بالحضور لعشرين يوماً للحصول على بدلات الإنتاجية، عوضاً عن إلزامه بإنتاج الأبحاث.
تكريس التجاوزات
وتضيف المصادر بالقول: يجب على الرئيس بدران أن يدير الجامعة ويحفظ فيها النظام. وهو محقّ بأنه لا يحق للأستاذ السفر على هواه ومن دون إذن سفر. ولا يحقّ للأستاذ عدم تعليم الطلاب أو الإضراب ساعة يشاء. لكن الرئيس يعلم بالأوضاع الخاصة التي يتمتع بها بعض الأساتذة المحظيين الذين لا يحضرون إلى الجامعة إلا للتوقيع على الدوام كل آخر شهر. ويفترض أن جميع التقارير تصله من الكليات. وحالياً أتى قرار بدلات الإنتاجية لتعزيز هذا الأمر. فيما لو فكّر بوضع مبدأ إنتاجية قائم على النتاج العلمي للأساتذة لكان أوقف كل التجاوزات.
ووفق المصادر، في الأساس مبدأ الإنتاجية يكمن بما ينتجه الأستاذ من أبحاث، وليس في تدريس الطلاب حصراً أو في الحضور إلى الجامعة لتسجيل اسمه. فلماذا لا يلزم الأستاذ بكتابة مقالات وأبحاث، كي تكون الجامعة في الصدارة عوضاً عن ملاحقة الأساتذة لتسجيل الحضور؟ وكيف تحتسب مراجعة أبحاث الطلاب ضمن بدلات الإنتاجية، طالما أن جهد الأستاذ يكون في بيته؟ أو هل كتابة ومراجعة الأبحاث عمل غير منتج ولا يستحق الإنتاجية؟ تسأل المصادر.
إلى ذلك ينتقد الأساتذة عزم بدران إلزام الأساتذة بقانون التفرغ، لناحية منع الأساتذة من التعاون مع جامعات خاصة، والذي لم يكن منفذاً طوال السنوات السابقة. وتقول المصادر: قبل محاصرة الأساتذة بكل هذه القرارات، يجب أقله أن يحصل الأستاذ على حقه بالراتب اللائق. فاليوم ورغم أن رواتب الأساتذة وكل بدلات الإنتاجية لا تعيد من قيمة الراتب إلا ربعه، يُحاصر الأساتذة بقرارات تجعلهم مجرد موظفين عموميين، ولا تحترم خصوصيتهم الأكاديمية.