المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الكاتب: جوانا فرحات
الأربعاء 24 تموز 2024 16:42:18
على هامش الأحداث الكبرى في الجنوب مر خبر اتخاذ مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة قرار خفض عدد موظفيها في لبنان مع تخفيض الميزانيات التي كانت ترصدها الدول الغربية المانحة للنازحين السوريين المتواجدين في لبنان. ولم يصدر حتى الآن أي موقف رسمي، علما ان التداعيات التي تتوقف على هذا القرار تجمع بين الإيجابيات والسلبيات. والأهم أنها تضع حجر الأساس لحل أزمة النزوح السوري في لبنان.
القرارا لذي اتخذته مفوضية اللاجئين يشمل تغييرات تشغيلية وهيكلية يبدأ تنفيذها إعتبارا من نيسان 2025 والسبب تراجع التمويل الذي كانت تحظى به المفوضية التي بدأت عملها في لبنان منذ العام 2016 بنسبة 12 في المئة للسنة المقبلة. واللافت أن هذا القرار يأتي بعد الموقف المتنعت وغير المبرر من قبل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تزويد مديرية الأمن العام بالداتا الكاملة للنازحين السوريين وهذا ما اعتبره البعض "انتهاكاً صارخاً لمبادئ السيادة الوطنية للبنان".
إزاء هذا التعنت صدرت مواقف طالبت بضرورة إعادة النظر في العلاقة مع المفوضية وفقا لاتفاقية 2003، التي نظمت العلاقة على أساس أن لبنان هو بلد عبور وليس لجوء، وعلى أساس ترحيل كل طالبي اللجوء إلى بلد ثالث خلال مهلة سنة من قدومهم إلى لبنان. لكن المفوضية لم تنفذ هذه الاتفاقية، مما تسبب في بقاء أكثر من ثلاثة ملايين نازح سوري في لبنان على مدى 13 عاما.أما الرد الأكثر صراحة فتمثل بمطالبة الحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين "اتخاذ إجراءات حاسمة ونهائية، منها إقفال مكتب المفوضية في لبنان وطرد ممثليها كإجراء دبلوماسي يتخذ في حالات مشابهة في العالم". واللافت أن هذه الحملة التي شملت عددا من أحزاب المعارضة توقفت بعد تلقي المراجع اللبنانية وعدا من المفوضية بتسليم الدولة والأمن العام الداتا بأعداد النازحين. إلا أن شيئا لم ينفذ.
توقف الدول المانحة عن مد المفوضية بالمساعدات الكافية يعود بحسب ما تقول مصادر متابعة لـ"المركزية" إلى تخصيصها الجزء الأكبر من هذه المساعدات للحرب في أوكرانيا إضافة إلى الوضع الإقتصادي في أوروبا. وتشير إلى أن بوادر الشح بدأت ملامحها منذ حوالى 8 أشهر بحيث لم تقبض الفئة المصنفة الأقل حاجة من النازحين السوريين المبلغ الشهري والمساعدات المرصودة لها من قبل المفوضية، كذلك لم تتمكن العائلات والأفراد من غير النازحين الذين كانوا سجلوا أسماءهم على لوائح المفوضية بهدف الإستفادة من مبلغ الفريش دولار من تحصيل "حصصهم العينية والمادية" التي كان يتولى أحد النازحين في لبنان قبضها وتحويلها لهم.
المنسق العام "للحملة الوطنية لإعادة النازحين السوريين" يجيب ردا على السؤال حول إمكانية استمرار عمل المفوضية في ظل شح المساعدات من قبل الدول المانحة "إن المسألة ترتبط مباشرة بقدرة الدول والحكومات الأوروبية على تمويل المفوضية في ظل الأزمة الإقتصادية العابرة للقارة الأوروبية وأيضا بالحرب في أوكرانيا. إلا أن هذا القرار لن يغيّر في موقف الدول الأوروبية السياسي من مسألة إبقاء النازحين السوريين في لبنان".
ويضيف" لكن ثمة إيجابيات من قرار خفض التمويل وتخفيض عدد موظفي المفوضية السامية وتتمثل أولا بتنشيط حركة العودة الطوعية إلى سوريا ووقف حملة استقدام السوريين إلى لبنان وتسجيلهم على اللوائح بصفة نازح"
التداعيات السلبية لا تقل أهمية "مع الشح في المساعدات المالية سيرتفع عدد جرائم السرقة وصولا إلى اكثر من ذلك ربما، خصوصا أن هناك عدد كبير من العائلات التي كانت تعول على هذه المساعدات، مما سيضطرها إلى البحث عن مصادر أخرى للعيش ولن تكون حتما على الصراط المستقيم".
على المستوى الرسمي، يلفت الخولي إلى أن الدولة اللبنانية ستتحمل الجزء الأكبر من تداعيات هذا القرار إذ ستزداد نسبة الأعباء المالية التي ستتكبدها خزينة الدولة للتعويض على النازحين عن الخسائر التي فرضها قرار وقف المساعدات سواء في الخدمات أو ألطبابة أو التعليم إضافة إلى دفع فواتير الماء والكهرباء والمحولات ورفع النفايات وتنظيف الأقنية. ومع الوقت سيخلق النقص في عدد الموظفين فوضى في عملية إدارة ملف النازحين السوريين في لبنان خصوصا أن هناك داتا مسجلة بثلاثة ملايين نازح".
حتى الآن لا يعرف الموظفون الذين تقرر صرفهم إعتبارا من نيسان 2025 مصيرهم، فهل سيتمكنون من قبض تعويضاتهم أم لا؟ الخولي يشير إلى أن إمكانية تحصيل حقوقهم كاملة ضئيلة جدا، لأن المفوضية السامية للاجئين هي ذات طابع ديبلوماسي ولا تجوز محاكمة أي ديبلوماسي على الأراضي اللبنانية من هنا تبدو استحالة تحصيل حقوقهم".
يشير تقرير البنك الدولي بأن كلفة النزوح بلغت 80 مليار دولار، وهذا دليل قاطع على حجم تداعيات هذا الملف ماليا واقتصاديا واجتماعيا وديموغرافيا على لبنان. ومع تراجع التمويل الذي كانت تحظى به المفوضية بنسبة 12 في المئة لسنة 2025، وخفض المصاريف بنسبة تقارب الـ10 في المئة فهذا يعني أن تفاعلات الأزمة ستتفاقم، عدا عن مصير آلاف الموظفين اللبنانيين الذين سيجدون أنفسهم عاطلين من العمل بسبب القرارات التي اتخذتها المفوضية ومنها إقفال عدد من المكاتب في المناطق ودمج أخرى بالقيادة المركزية. أما على المستوى الإجتماعي فمن الواضح أن تراجع التمويل على مستوى المشاريع سيشمل التقشف قطاعي الإستشفاء والتعليم والآتي أعظم إذا بقي موقف الإتحاد الأوروبي من مسألة النازحين السوريين في لبنان على حاله.