قصة مها المحظوظة لا تشبه سائر القصص....

انها رحلة عذابين، عذاب جسدي يحتاج الى علاج عاجل وآني، وآخر نفسي، يضمحل حين يتوفر العلاج الأول. مها (اسم مستعار) عانت من هذين العذابين، فهي مريضة تعاني من سرطان الرحم، وهي تخضع منذ حوالي سنة الى العلاجات الكيميائية التي يجب ان يبلغ عددها 12 جلسة حتى ينتهي العلاج. بصعوبة كبيرة استطاعت مها ان تكمل علاجها مع ارتفاعات وانخفاضات سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وقد ساعدها وجود ابنتها في اميركا على تأمين تكاليف العلاج والادوية التي تحتاج اليها، فالجهة الضامنة التي تتعاون معها باتت بدون جدوى او فعالية في ظل الظروف الاقتصادية.

قد تكون قصة مها من القصص الجميلة، وقد تكون هذه السيدة من المحظوظات في بلدنا اللواتي يمتلكن قريبا او شخصاً في الغربة ليساعدهنّ في هذه الازمة، الا ان الكثيرات والكثيرين في لبنان، من مرضى السرطان، يعيشون الأمرّين ويعانون معاناة الذل والكرامة الى جانب معاناتهم الجسدية والصحية.

 

نصار: حكومتنا تقتلنا وبعض المرضى ينتظرون وفاة غيرهم للحصول على دوائهم

يوضح هاني نصار، رئيس جمعية بربارة نصار لدعم مرضى السرطان، ان ازمة الدواء تنتج عن سببين: السبب الأول هو التأخير الذي يحصل في وصول الشحنات بسبب تأخير توقيع مصرف لبنان على استيراد الادوية اما السبب الثاني فهو يتمثل في الكميات الضئيلة التي تصل الى لبنان بعد تأمينهامن شركات الادوية.

ويؤكد نصار ان تهافت المرضى على الادوية لدى وصولها يجعل من الامر كمقولة " غط الحمام طار الحمام"، اضافة الى عدم التنظيم الواضح للتوزيع من قبل وزارة الصحة.

كل ذلك، يدفع المريض الى تأمين ادويته من خلال مساعدات المغتربين في الخارج وبالـfresh، او الحصول على الادوية مناهالي مرضى سبق وتوفّاهم الله، لا سيما ان دواء السرطان يعتمد على الاستمرارية في العلاج.

 

استغلال غير مقبول من المستشفيات على مرضى السرطان

الا ان المشكلة لا تكمن فقط في استيراد الدواء، بل بالاستغلال غير المقبول الذي تمارسه المستشفيات على مرضى السرطان.وفي هذا الاطار، يفسر نصار، ان بعض المستشفيات تلزم المرضى على دفع 25% من سعر الدواء مقابل مجرد وضعه في المصل، وذلكحتى لو كان المريض قد أمن دواءه بنفسه. في الموازاة، تعمدبعض المستشفيات على تأمين الدواء للمريض بنفسها، بعد ان تكون قد احتكرته في مستودعاتها، ثم تدرج اسمه ضمن لائحة الدعم التي تقدمها لمصرف لبنان مما يدخل اموالاً اضافية على صندوقها، على حساب المريض.

هذا عدا عن الفاتورة الاستشفائية الباهظة التي تتفاوت من مستشفى الى اخر. اما عن قيمتها، فحدّث ولا حرج، فقد باتت خيالية بعد ارتفاع سعر الصرف، هذا فضلاً عن ان الجهات الضامنة لم تعد قادرة على تغطيتها، ولا حتى المواطن يستطيع دفعها في ظل انعدام قدرته المادية.

 فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة جلسة العلاج الكيميائي بشكل عام حوالي 4 ملايين ليرة، من هنا، فاذا كان يحتاج المريض الى 3 جلسات، فهذا يعني انه سيدفع 12 مليون ليرة شهرياً، هذا عدا عن تكلفة الأدوية المرافقة للعلاج والمسكنة للألم والعوارض الناتجة عنه والتي تبلغ كحد ادنى حوالي مليوني ليرة.

الى جانب هذا كله،يتطرق نصار الى التكلفة المرتفعة للفحوصات المختبرية التي تساعد المريض على تقييم المرحلة التي هو في صددها ليستدرك كيفية استكمال علاجه، مما يدفع مئات المرضى الى تجاهل هذه الفحوصات.

وحول اين وزارة الصحة من كلهذا؟ يؤكد نصار ان وزير الصحة يضع خطة لمراقبة الهدر في الوزارة ولمكننة العمل، لكن هذه كلها ليست آنية ولا تصب في هموم المرضى اليومية من تأمين الادوية وكلفة العلاج. وعلى الرغم من ان جمعيته، كسائر الجمعيات، تناصر مرضى السرطان وتضغط على شركات الادوية ومصرف لبنان لتأمين الادوية، الا انه لا يمكن لاحد ان يحل مكان الدولة الغائبة عن السمع، فالحكومة، بحسب نصار " هي المرجع ولكن حكومتنا تقتلنا بدلاً ان تقوم بدورها بشكل جاد وحازم لانقاذ حياة المرضى".

ختاماً اكد نصار ان هذه المشاكل لا تطال اطفال مرضى السرطان (لحسن الحظ)، انما وللأسف تطال البالغين وتهدد حياتهم ومصيرهم، لا سيما ان هناك 12 الف حالة سرطان جديدة تسجل سنوياً، داعياً الى الوقوف الى جانبهم مالياً ومادياً من اجل انهاء هذه المرحلة بأقل اضرار جسدية ونفسية ممكنة.*

 

الأمل لا يزال موجوداً؟!

مقابل الجحيم الذي يعيشه مرضى السرطان، يرفض نقيب الصيادلة د. جو سلوم ان يسيطر اليأس على اذهانهم، مشددا ًعلى ان " الامل لا يزال موجوداً ولا يجب ان نفقده ابداً".

ويطمئن الى ان بعض الادوية عادت الى السوق والامور تسير نحو التحسن، مؤكداً ان العمل قائم مع مصرف لبنان ووزارة الصحة والمستوردين من اجل فتح اعتماد لهذه الادوية واعادة توفرها بالشكل المطلوب.

 

*لمن يرغب بالتبرع لمرضى السرطان التواصل على: 70/666933