قصر منصور لن يُعتمَد لمجلس الوزراء وبحث عن مقرّ آخر

تراجعت الحكومة اللبنانية عن فكرة عقد جلسات مجلس الوزراء في مبنى قصر منصور في منطقة المتحف، بعد مشاورات طوت طرح تلك الوجهة من دون تذييل قرار الانتقال، لكنّ مقترح البحث عن مقرّ خاص بمجلس الوزراء بقيَ راسخاً بين أهداف رئاسة الحكومة.

فقد تبيّن أنّ مبنى قصر منصور ليس نموذجياً لانعقاد الجلسات من الناحية الأمنية، باعتباره غير مناسب لكل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء، إضافة إلى الزحمة الإضافية التي يمكن أن يسبّبها قرار مماثل في منطقة مكتظة، رغم أن المبنى لا يحتاج إلى ترميم أو أي ترتيبات لوجيستية كبرى.
في متابعة "النهار" للمعطيات، البحث مستمر عن مقرّ آخر أكثر ملاءمة لانعقاد الجلسات بعد توافق رئيس الجمهورية جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، في انتظار تجهيز مكان مناسب، رغم أنه ليس شرطاً ملزماً لعقد الجلسات، ولم يعد مقترحاً آنيّاً، لكنّ ذلك لن يلغي أهميته من مبدأ حكوميّ يسعى إلى تخصيص مقرّ لمجلس للوزراء تطبيقاً لاتفاق الطائف، وباعتباره مؤسسة قائمة بمعزل عن الرئاستين.
ما التفسير الدستوريّ والقانوني لمطلب رئيس الحكومة نقل اجتماعات مجلس الوزراء إلى مكان خاص؟ هل من أهمية للطرح؟ وهل يحتاج إلى قوانين تنظيمية؟
يقول وزير الإعلام الدكتور بول مرقص لـ"النهار" إنّ "المادّة 65 من الدستور اللبنانيّ تنصّ على انعقاد مجلس الوزراء في مقرّ خاص. وليست هناك حاجة إلى أيّ قانون تنظيميّ، بل المطلوب تقرير مكانٍ للاجتماع لا يسبّب ازدحاماً مروريّاً". ويختصر سبب اتخاذ القرار بـ"ضمان استقلالية مجلس الوزراء. إن المقرّ الخاص يعني مقرّاً مخصّصاً لمجلس الوزراء. القصر الجمهوري والسرايا الحكوميّة هما مقرا رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، لا مجلس الوزراء".
ثمة انطباعات متنوعة عن فكرة المقرّ الخاص لمجلس الوزراء. يصرّح المحامي والقانوني صلاح حنَيْن لـ"النهار" أنّ "الدستور يتحدّث عن اجتماع مجلس الوزراء في مكان خاصّ، وليس في مكان خاصّ بمجلس الوزراء. إن المكان الخاصّ يشمل كلّ مكان غير مفتوح بوجه العموم، ولا يمكن ولوجه إلا بموافقة من يشغله أو بإذنٍ منه، كما هو الحال في قصر بعبدا".
في رأيه أنّ "نقل اجتماعات مجلس الوزراء يضرّ ولا ينفع. استخدم نواف سلام كلمة "اجتماع في مكان مستقل". إنما في الدستور واتفاق الطائف تم استخدام عبارة "مكان خاصّ". مكان مستقل. لا يمكن استخدام كلمة مستقل، فذلك يعطي انطباع سلخ ويطعن بالسلطة التنفيذية التي تعتبر سلطة واحدة وجسماً واحداً".
ويلفت حنَيْن إلى أن "رئيس الجمهورية يبقى رأس السلطة التنفيذية ورأس الهرم. قصر بعبدا ليس مفتوحاً للعموم. فهو مكان خاصّ يجتمع فيه الوزراء، وفي إمكانهم الاجتماع في السرايا الحكوميّة إذا قرّر رئيس الجمهورية عدم حضور الجلسة". ويستذكر فترة من عهد إميل لحود حيث "كانت تُعقد اجتماعات مجلس الوزراء في مقر مستحدث لأن كان هناك خلاف حاد بينه وبين الرئيس رفيق الحريري. ولكن لمَ الأخذ حالياً بمنطق الخلاف والاتجاه نحو قراءة خاطئة للدستور توحي أن هناك انقساماً؟ السلطة التنفيذية واحدة ولا حاجة إلى تغيير هذه القواعد لأي سبب كان".