المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الجمعة 12 نيسان 2024 20:12:44
استجواب وتعذيب حتّى الموت، لعلهما الكلمتان الأنسب لتوصيف جريمة خطف واغتيال الصراف اللبناني محمد سرور (57 عامًا)، المُدرج على لائحة العقوبات الأميركية منذ العام 2019، بتهمة دعم حركة حماس ماليًا، وتسهيل مرور الأموال من إيران إلى حركة حماس.
استجواب طويل
المُعطيات الأمنية المُستجدة في هذه القضية، تُفيد حتى الساعة، أن عملية قتل سرور نُفذت بدقة عالية جدًا، وأنه استدرج إلى بلدة بيت مري مرتين حتى خطفه في المرة الثانية داخل الفيلا حيث قُتل بالرصاص بعد تعذيبه. وحسب معلومات أمنية خاصة حصلت عليها "المدن"، فإن أحد الأشخاص من خارج لبنان كان على تواصل مع سرور خلال الفترة الماضية، طالبًا منه تسليم بعض المبالغ المالية لسيدة تقيم في بيت مري، تُدعى زينب حمود.
توجه سرور في المرة الأولى إلى فيلا السيدة برفقة إبن شقيقه. وفي الزيارة الثانية والأخيرة، عمدت مجموعة كانت تنتظره في الداخل إلى تصفيته. ويمكن القول أن الهدف كان احتجاز سرور في الزيارة الأولى لقتله، إلا أن وصوله برفقة إبن شقيقه أدى إلى تأخير تنفيذ المهمة.
بمعنى أوضح، وحسب المصادر الأمنية، فإن الشخص الذي تواصل مع سرور، كان على علمٍ بطبيعة عمله، وكان يهدف للإيقاع به، وتواصل معه بحجة عمله بمجال الصيرفة، وطلب منه تسليم السيدة مبالغ مالية. والمؤكد اليوم، أنه وبعد وصوله إلى الفيلا، استجوب بعنف لساعات طويلة، وقامت المجموعة بتعذيبه وبعدها أُطلق الرصاص عليه، قبل العثور عليه جثة مضرجة بالدماء. ويُظهر الكشف الطبي على الجثة، أنه تعرض لإطلاق 7 رصاصات تقريبًا بشكل متفرق.
مخطط دقيق
والفيلا التي استدرج إليها سرور، تعود لسيدة، استأجرتها عبر تطبيق AIR BNB منذ أشهر عبر حساب ماليّ مصرفيّ من خارج لبنان، إلا أن السيدة أبلغت صاحب الفيلا برغبتها بدفع الايجار لمدة سنة كاملة، وأعطته 48 ألف دولار نقدًا. وبعد التوسع بالتحقيقات، تبيّن للأجهزة الأمنية أن هوية السيدة التي استخدمتها مزورة. وبالتالي، فجميع المعلومات المتعلقة باسمها وبعائلتها هي معلومات مزورة وغير صحيحة، كما أنها توارت عن الأنظار منذ الحادثة.
وانطلاقًا من هذه المعطيات، يمكن التأكيد إن "الفيلا" استؤجرت بهدف تنفيذ عملية تصفية سرور، من بعد استدراجه لاستجوابه وتعذيبه حتى الموت، حيث أكدت المصادر الأمنية وجود آثار للكدمات على جسده، ما يؤكد تعرضه للتعذيب.
استدراج ممنهج
توجه سرور إلى الفيلا مرتين فقط. وحسب معلومات "المدن"، ففي المرة الأولى رافقه إبن شقيقه على دراجة نارية، وسلّم السيدة المبلغ المالي وغادر، ومن ثم طُلب منه تسليم السيدة مبلغًا آخر، فتوجه وحيدًا واختفى في اليوم نفسه، أي يوم الأربعاء، الثالث من نيسان الجاري. وبعد تأخره عن موعد الإفطار العائلي، أبلغت عائلته الجهات الأمنية، التي أعلنت عن مقتل سرور بعد حوالى الأسبوع، علمًا أن المصادر الأمنية تؤكد أنه كان يتوجه إلى الفيلا من دون هاتفه الخلوي الخاص به، بل عمد إلى شراء هاتف جديد ووضع بداخله شريحة إلكترونية جديدة للتواصل مع السيدة فقط.
وأكدت مصادر قضائية لـ"المدن" أن جريمة القتل نُفذت بمسدسين، ووضعت جميع أدوات الجريمة داخل براميل مليئة بالمياه والصابون لإزالة البصمات عنها.
عمليًا، إن توسع التحقيقات سيوضح خلال الأيام المقبلة عن هوية الأشخاص الذين تواصلوا مع سرور قبل قتله، والأرقام الموجودة على هاتفه، وسط تأكيدات بأن الأجهزة الأمنية لم تتوصل بعد إلى أي تفاصيل حول هُوية الأشخاص المسؤولين عن تنفيذ مهمة القتل. والعملية نُفذت بدقة كبيرة وبحرفة عاليةز وبالتالي، قد تحتاج هذه القضية إلى أسابيع طويلة للتوصل إلى معطيات مؤكدة حول هوية القتلة.
ويمكن القول أن استجواب سرور كان يهدف للحصول على معلومات حول علاقته بحزب الله وحركة حماس، خصوصاً أنه متهم من قبل واشنطن بتسهيل نقل الأموال إلى الجناح العسكري لحماس، ولعمله لصالح إيران. وترجح المصادر الأمنية أن الموساد هو الذي نفذ عملية القتل بهذه الدقة، وأنه استعان بمجموعة أشخاص بجنسيات مختلفة، حضروا إلى لبنان تباعًا لتنفيذ المهمة وغادروا إلى بلدانهم.
وأمام خطورة هذه العملية، تبرز جدلية جديدة حول تواجد الموساد في لبنان وهشاشة الوضع الأمني، ما يشي بأن الحالة الأمنية في لبنان دخلت في مرحلة حساسة جدًا، ما يزيد من احتمال أن هناك مسلسلاً لعمليات ممنهجة مستقبلية لتصفية جميع الداعمين لحركة حماس ولحلفاء إيران، بأساليب جديدة ودقيقة.