المصدر: المدن
الكاتب: فرح منصور
الجمعة 30 أيار 2025 17:49:31
أسابيع قليلة تفصل المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ طارق البيطار عن انهاء جلسات الاستجواب مع كل المدعى عليهم في الملف. ثلاثة قضاة مثلوا أمامه، كان آخرهم المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري، الذي حضر جلسة استجواب لم تتخط الـ25 دقيقة، صباح اليوم الجمعة، 30 أيار فيما يتبقى استدعاء كل من الوزير السابق غازي زعيتر، والمدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات.
مرحلة حساسة
تحظى مرحلة استجواب القضاة بحساسية كبيرة، وهي سابقة أن يتم استدعاء أربعة قضاة إلى القضاء في ملف ضخم بصفة "مدعى عليهم". فالبيطار هو المحقق العدلي الأول الذي ادعى على قاض كان يشغل منصب المدعي العام التمييزي وطلب استجوابه.
بمفرده، ومن دون أي وكيل قانونيّ، قرر الخوري حضور جلسة الاستجواب والمثول أمام البيطار. هذه الجلسة لم تتخط مدة الـ25 دقيقة، أبدى فيها دفاعه القانونيّ وأثار نقاطًا قانونيّة ذاكرًا "المخالفات القانونية المرتكبة في الملف شكليًا، وتحديدًا تلك المتعلقة بدوره كمحام عام تمييزي في مسألة تخزين نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12".
وحسب معلومات "المدن"، فإن البيطار طلب من الخوري تقديم شرح مفصل حول أسباب عدم توسع النيابة العامة التمييزية بالتحقيق، وسبب حفظ المحضر داخل قلم النيابة العامة التمييزية، فردّ الخوري "بعدم صلاحية البيطار في ملاحقة القضاة وتحديدًا قضاة النيابة العامة التمييزية، إضافة لكونه أعلى درجة من المحقق العدلي، مؤكدًا أنه لا يملك أي معلومات عن نيترات الأمونيوم"، واستند إلى المادتين 13 و14 من أصول المحاكمات الجزائية التي ذكر فيهما أن النيابة العامة التمييزية لا حق لها بالادعاء على أي ملف، كما أن التحقيق الذي أجراه أمن الدولة أحيل للنيابة العامة التمييزية، بعدما أبلغ مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية آنذاك بيتر جرمانوس أمن الدولة أن الأمر يخرج عن صلاحياته، وأن الملف حُفظ في النيابة العامة التمييزية بناءً لطلب القاضي غسان عويدات.
مثول القضاة أمام المحقق العدلي ليس تفصيلًا عاديًا. وحسب مصادر "المدن" فإن الدقائق الأولى للجلسة لم تكن هادئة كثيرًا كالجلسات السابقة، ولم يكن الخوري "لطيفًا جدًا" بل كان "حادًا" بعباراته وكان الغضب ظاهرًا على ملامح وجهه، وبعد أن أبدى دفاعه القانونيّ انتهت الجلسة من دون اتخاذ أي إجراء قانونيّ بحقه.
استجواب القضاة
ومع بدء مرحلة استدعاء القضاة، استجوب البيطار كل من القاضيين كارلا شواح وجاد معلوف في الثالث والعشرين من أيار الجاري. وحسب المعلومات فإن جلسة شواح لم تتخط الـ15 دقيقة، اكتفت فيها بشرح "المخالفات القانونية التي ارتكبها البيطار في استدعائها"، على اعتبار أنها نظرت في طلب وحيد يتعلق ببيع مادة النيترات المخزنة في العنبر رقم 12، بناءً على مذكرة تسلمتها من قيادة الجيش آنذاك لم يذكر فيها أي عبارة عن خطورة هذه المواد. لذلك، حضرت الجلسة "احترامًا لأهالي الضحايا، ولتأكيد براءتها مما حصل". في المقابل، امتدت جلسة استجواب معلوف لأكثر من 4 ساعات، عرض فيها كل المعلومات التي طلبت منه، وكان بحسب معلومات "المدن" متعاونًا إلى أقصى حد مع البيطار خلال التحقيقات.
عمليًا، يقترب البيطار من ختم تحقيقاته، ولم يتبق إلا التحقيق مع الوزير السابق غازي زعيتر، والمدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات. مصادر "المدن" تشير إلى أنه من المتوقع أن تحدد جلسة استجواب زعيتر الأسبوع المقبل، على أن تحدد جلسة أخرى لاحقة لعويدات. ومن المتوقع عدم حضور كل من زعيتر وعويدات جلستي استجوابهما، خصوصًا أن رئيس مجلس النواب نبيه بري سبق وأن طلب من زعيتر والوزير السابق علي حسن خليل عدم المثول أمام البيطار لكونه "ليس الجهة المختصة للتحقيق معهما"، كما أن عويدات يرفض حضور جلسة الاستجواب. وقد تولى المدعي العام التمييزي جمال الحجار مهمة تبليغ القضاة بجلسات استجوابهما، ولم يعرف بعد الطريقة التي سيبلغ بها عويدات بموعد استجوابه، إن كان عبر القاضي الحجار هاتفيًا الذي سيطلب الاجتماع به لتبليغه أو عبر الرئيس الأول لمجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، على أن تتولى المباحث الجنائية المركزية مهمة تبليغ زعيتر بجلسة استجوابه.
الحاجة إلى معلومات خارجية
الجدير بالذكر، أن البيطار يتجه إلى الاستماع لمجموعة من الشهود قبل ختم تحقيقاته، وأيضًا إلى استدعاء شخصيات أخرى من المدعى عليهم حديثًا، وهذه الشخصيات سبق وأن استمع إليها بصفة "شاهد".
تشير مصادر قضائية لـ"المدن" إلى أن مرحلة ختم التحقيقات باتت قريبة، وهناك الكثير من المعلومات التي أضيفت للتحقيقات بعد أن استمع البيطار لعدد كبير من المدعى عليهم منذ شهر شباط الماضي، إلا أن القرار الاتهامي لن يصدر قبل أن تُسلم بعض الدول كل المعلومات المطلوبة منها، فمنذ أسابيع حوّل البيطار مجموعة من الاستنابات لعدة دول أوروبية وعربية للحصول على معلومات حساسة تخدم الملف، وهو بانتظار الحصول على هذه المعطيات ليضيفها إلى تحقيقاته، لذلك فإن فترة إصدار القرار الاتهامي قد تمتد قليلًا إلى ما بعد الذكرى الخامسة لقضية تفجير المرفأ.