المصدر: الراي الكويتية
السبت 23 آب 2025 23:56:12
كشف مسؤول في حركة «فتح» لـ «الراي» أن «قطار تسليم السلاح الفلسطيني من مخيمات لبنان انطلق في مساره الصحيح من برج البراجنة – بيروت، على أن يُستكمل قريباً بخطوة أخرى تشمل مخيمات جنوب الليطاني الثلاثة، وتحديداً الرشيدية والبص والبرج الشمالي، وذلك في إطار تطبيق القرار الدولي 1701 واتفاق وقف النار بين إسرائيل ولبنان في أكتوبر 2024».
وبينما يُتوقع أن تتم الخطوة الثانية مطلع الأسبوع المقبل، تَزامُناً مع زيارة المبعوث الأميركي توم براك والمسؤولة مورغان أورتاغوس على رأس وفد أميركي رفيع للبنان، رأت أوساط فلسطينية أن التوقيت بالغ الحساسية، معتبرة أن الخطوة تحمل رسالة إحراج لكل من «حزب الله» وحركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وسائر الفصائل الفلسطينية الأخرى.
وأكد المسؤول أن تنفيذ القرار يأتي التزاماً بالاتفاق الذي جرى بين الرئيسين جوزف عون ومحمود عباس خلال زيارة الأخير للبنان في 21 مايو الماضي، والتي شددت على سيادة لبنان على كامل أراضيه وبسط سلطة الدولة وتطبيق مبدأ حصرية السلاح بما في ذلك على المخيمات.
كما أتى هذا القرار ترجمةً لمقررات الاجتماع المشترك للجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني في 23 مايو برئاسة رئيس الوزراء نواف سلام، وبمشاركة ممثلين للسلطات اللبنانية والفلسطينية، حيث تم الإتفاق على آلية تنفيذية وجدول زمني واضح لمعالجة ملف السلاح الفلسطيني.
وتَقاطَعَ هذا الموقف مع ما أعلنه رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني السفير رامز دمشقية، الذي واكَبَ ميدانياً عملية تسليم شحنة الأسلحة من مخيم برج البراجنة، حيث أكد أن هذه الخطوة تُشَكِّلُ المرحلةَ الأولى من مسارٍ متكامل لنزع السلاح غير الشرعي من المخيمات، مشيراً في المقابل إلى أن التنسيق اقتصر على حركة «فتح» كونها مرتبطة بسلاح السلطة الفلسطينية.
اعتراض فلسطينيي الممانعة
وواجه وضْعُ تسليمِ السلاح الفلسطيني على النار اعتراضاً سياسياً من تَحالُف القوى الفلسطينية (أي أذرع «الممانعة») والجبهتين الشعبية والديموقراطية، معتبرين أنها خطوة ناقصة ولم تأتِ في إطار موقف موحّد أو ثمرة حوار مشترك مع الدولة اللبنانية عبر «هيئة العمل الفلسطيني المشترك».
ورأت هذه القوى أن «فتح» ضربت بعرض الحائط مساعي التوافق، خصوصاً أن تصوراً كان قد أُعدّ يقوم على تنظيم وضبط السلاح من خلال «القوة الأمنية المشتركة» بدل تسليمه، وبإشراف «هيئة العمل الفلسطيني المشترك» وبالتنسيق مع الجيش اللبناني.
وقالت تلك الفصائل في بيانها: «إن ما جرى في برج البراجنة شأن تنظيمي داخلي يخصّ حركة فتح وحدها، ولا يمت بصلة إلى ملف السلاح الفلسطيني في المخيمات»، معلنة حرصها «على أمن واستقرار مخيماتنا وجوارها، وتشديدنا على الالتزام بالقوانين اللبنانية واحترام سيادة الدولة، مع التأكيد أن سلاحنا سيبقى مرتبطاً بالقضية الفلسطينية وحق العودة، ولن يُستخدم إلا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي إلى أن ينال شعبنا حريته ويقيم دولته المستقلة على أرضه».
عودة الملف إلى الواجهة
عاد ملف السلاح الفلسطيني إلى صدارة الاهتمام السياسي والأمني اللبناني والفلسطيني بعد سقوط نظام بشار الأسد (8 ديسمبر 2024) في سوريا وتَسَلُّم الجيش اللبناني المواقع العسكرية التابعة لتنظيم «القيادة العامة» و«فتح الانتفاضة» على الحدود اللبنانية - السورية، وصولاً إلى الناعمة على التخوم الجنوبية لبيروت، ليُختم بالشمع الأحمر ملف وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات.
ومع انتخاب العماد جوزف عون رئيساً للجمهورية (9 يناير 2025)، وخطاب القَسَم الذي ألقاه في مجلس النواب، ثم تشكيل الرئيس نواف سلام حكومته (26 فبراير 2025) وما ورد في بيانها الوزاري حول حصر السلاح بيد الدولة بما فيها المخيمات، خَرَجَ هذا الملف من الحظيرة.
ولعلّ المحطة الأبرز كانت مع القمة التي جمعتْ الرئيسين عون وعباس في القاهرة (4 مارس 2025) حيث أعرب «ابو مازن» عن رغبته في زيارة بيروت لتأكيد دعم السلطة الفلسطينية للإجراءات اللبنانية، وصولاً إلى قيامه بهذه الزيارة (21 مايو 2025) حيث جرى الاتفاق على بدء المرحلة الأولى من سحب السلاح الفلسطيني من المخيمات وتشكيل لجان مشتركة للتنسيق، مقابل منْح الفلسطينيين حقوقاً مدنية واجتماعية تشمل حق العمل والتملك.
لكن المرحلة الأولى التي كان مقرَّراً إطلاقُها في 16 يونيو 2025 من ثلاثة مخيمات في بيروت (برج البراجنة، مار الياس، شاتيلا)، تعثرت بفعل العدوان الإسرائيلي على إيران وغياب أي حوار فلسطيني داخلي موحد.
ولاحقاً، عاد الملف إلى الواجهة مع إعادة ترتيب البيت «الفتحاوي» وإجراء تغييرات في الأطر العسكرية والديبلوماسية، تزامناً مع تحركات سياسية وعسكرية شملت زيارة نجل الرئيس عباس ومستشاره الخاص ياسر، وقائد قوات الأمن الوطني الفلسطيني اللواء العبد إبراهيم خليل، فضلاً عن مباشرة السفير الفلسطيني الجديد في لبنان محمد الأسعد مهامه خلفاً للسفير السابق أشرف دبور.
12 مخيماً و57 تجمعاً
يقيم أكثر من 235 ألف لاجئ فلسطيني (مسجّلين) في لبنان داخل 12 مخيماً موزَّعين بين محافظات عدة، بالإضافة إلى 57 نقطة تجمّع. معظمها خارج سيطرة الدولة اللبنانية، وتسيطر عليها فصائل أبرزها «فتح»، و«حماس»، و«الجهاد الإسلامي»، و«الجبهة الشعبية».
تاريخ السلاح الفلسطيني في لبنان... تواريخ
1969: اتفاق القاهرة أتاح للفصائل الفلسطينية العمل العسكري من المخيمات.
1975: اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية وتَعاظُم النفوذ المسلح الفلسطيني، وصولاً لإلغاء الاتفاق بالقانون 25/1987.
1989: اتفاق الطائف أدرج السلاح ضمنياً في بند نزع سلاح الميليشيات.
2004: القرار الدولي 1559 دعا صراحة إلى نزع سلاح الميليشيات بما في ذلك السلاح الفلسطيني.
2006: طاولة الحوار الوطني أوصت بسحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات خلال 6 أشهر لكن التنفيذ تعثّر.
2024: تعديلات القرار 1701 نصّت على بدء نزع السلاح من جنوب الليطاني بما يشمل المخيمات الثلاثة (الرشيدية، البص، البرج الشمالي).
2025: الرئيس اللبناني جوزف عون أعلن أن هذه السنة هي «عام حصر السلاح» في يد الدولة اللبنانية، بما فيه السلاح الفلسطيني.