قلق باريس على لبنان يتصاعد والتنسيق الأميركي - الفرنسي مستمر

يعيش لبنان لحظات عصيبة في ظل حشره دولياً وعبر ضغوط قلّ مثيلها من المجتمع الدولي، وتحديدا واشنطن، وصولا إلى باريس. فماذا يجري في عواصم القرار ولا سيما في فرنسا التي لطالما كانت تدور الزوايا وتعمل لمصلحة لبنان وتبذل جهدا لثني إسرائيل عن أي عدوان وتتواصل مع الجميع في ظل الروابط التاريخية التي تجمعها بالبلد ثقافياً واجتماعياً وفرنكوفونيا؟

تفيد معلومات لدى بعض السياسيين الذين عادوا من العاصمة الفرنسية، أن موقف المسؤولين الفرنسيين راهناً مغاير عن السابق، إذ لم يعد في إمكانهم تغطية السلاح وتفهم الموقف اللبناني، ولهذه الغاية، للمرة الأولى يتفاعل مستوى التنسيق بين واشنطن وباريس، وهو ما تبدّى في اللقاء المطول الذي جمع الموفد الأميركي توم براك بالمبعوث الشخصي للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جان - إيف لودريان، حيث عرض موضوع السلاح وزيارة براك للبنان ومؤتمر الدول المانحة، ناهيك بالإصلاح الذي يتوجب على الحكومة اللبنانية أن تقوم به.

في المستجدات، ظهر موقف فرنسي متشدد ومقلق في آن واحد، إذ ترى باريس أنه قد لا يكون هناك عدوان إسرائيلي في هذا التوقيت إنما القلق والخوف على الداخل اللبناني، وهذا الموقف سمعه مسؤول لبناني من سفير فرنسي سابق لديه مهمات أساسية في الإليزيه وهو قريب من الرئيس ماكرون، بمعنى أن فرنسا في أجواء التحسب ليس لـ7 أيار جديد، بل لخضات في الداخل على خلفية موضوع السلاح، وبناء عليه فالرئيس نواف سلام، بما يتمتع به من حكمة ودراية ورأي سديد، تجاوز ما أثير في زيارته الأخيرة لفرنسا والاجتماع بالرئيس ماكرون، وخصوصا أنه سمع أن إسرائيل ستقوم بعدوان كبير على لبنان وثمة مخاوف في الداخل. وهذا بات في متناول أكثر من مسؤول سياسي لبناني، يشيرون إلى أن باريس خائفة ولديها أجواء ومعطيات مقلقة في شأن الوضع الداخلي.

رئيس لجنة العلاقات البرلمانية اللبنانية - الفرنسية النائب سيمون أبي رميا يقول لـ"النهار": "لبنان يعني فرنسا كثيرا وثمة روابط تاريخية وثيقة بينهما، لكن لفرنسا أجندتها الدولية وعلاقاتها، وقد لمست في كل زياراتي للعاصمة الفرنسية ولقاءتي مع كبار المسؤولين أن هناك حرصا على دعم لبنان ولا سيما في الزيارة الأخيرة. ولكن بصراحة متناهية ثمة قلق فرنسي، أكان من خلال العدوان الإسرائيلي أم في الداخل، لذا علينا أن نتجنب ذلك في لبنان من خلال الوعي والحكمة، وأن تمر الأمور بخير لأن ذلك ليس لمصلحة أي طرف".

ويخلص أبي رميا: "هناك تنسيق فرنسي- أميركي حول الملف اللبناني وتحديداً موضوع السلاح وحصريته، إضافة إلى موضوع الإصلاح ومؤتمر الدول المانحة، وهذا التنسيق يبلغ ذروته أكان على مستوى واشنطن وباريس أم من خلال اللجنة الخماسية، وبالتالي لا نخفي أن هناك أجواء لدى الفرنسيين مقلقة حول الوضع اللبناني برمته".