قناة "الجديد" في مواجهة الترهيب... وما علاقة حسن يعقوب؟

الى أي درجة من الغوغائية وصل البعض؟ في أي عصر نعيش؟ وعن أي حريات إعلامية نتكلّم؟ أي سلطة تحكم بلدنا وتسمح لمتظاهرين، لا يعرفون معنى التظاهر الحضاري، بالإعتداء على مبنى وسيلة إعلامية أمام أعين الأجهزة الأمنية؟ أهُم متظاهرون أم غوغائيون يفجرون غضبهم بأعنف الوسائل وينسحبون بسحر ساحر عند بلوغ كلمة السرّ آذانهم؟

فوضى عارمة شهدها مبنى قناة "الجديد" ليل الثلاثاء، وسط تخبّط رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ في مواقف لا تليق بمؤسسة يُفترض أن تكون المدافع الأول عن الوسائل الإعلامية.

قصة "رمانة" أم قصة "قلوب مليانة"؟ فقد بات واضحاً أن برنامج "دمى كراسي" عبر قناة "الجديد" لم يكن إلا شرارة القنبلة الموقوتة التي فُجّرت أمام مبنى "الجديد"، لتصل شظاياها الى المسّ بحرية الإعلام.

وفي هذا السياق، أوضح مدير العلاقات العامة في قناة "الجديد" ابراهيم الحلبي أن "هذا البرنامج النقدي السياسي ليس وحيداً على الساحة الإعلامية الا أننا نعتقد أن هناك أكثر من خلفية تقف وراء الذي حصل أمام مبنى "الجديد" وقد يكون هناك أسباب أخرى لاعتصامهم".

الحلبي وفي حديث لموقع Kataeb.org أعلن أن "الدائرة القانون التابعة لقناة "الجديد" ادعت على كل من حاول الإعتداء واقتحام مبنى القناة وقدمنا شكوى قضائية أخرى ضد موزّعي الكايبل الذين قطعوا بثّ القناة"، معتبرا أن "تمادي مافيات الكابلات غير مقبول وهي تحاول أن تكون أداة للضغط على الصوت الحرّ في لبنان"، وقال: "ليست المرة الأولى التي يتمّ تهديدنا فيها انما كنّا نتلقى تهديدات بشكل دائم".

وشدد على "أننا تحت سقف القانون ومن لديه أي شكوى ضدنا فليذهب الى القضاء ولكن وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام والقضاء ووزارة العدل يجب أن تكون مع المؤسسات الإعلامية لتحميها ولحماية الأملاك العامة والخاصة، فالقانون يلزمنا باعطائهم حق الردّ ويلزمنا باستيعاب الرأي الآخر والإعتصامات والتظاهر أمام المؤسسة ولكن بشكل سلمي".

ورأى الحلبي أن "ما حصل ليس ردة فعل عفويّة انما هناك من يحرّك الجمهور، ولو كانت عفوية لكانت قيادة حركة "أمل" قالت إن التعبيرعن الرأي حصل وهذا يكفي لكنّ الممارسات التي شهدناها الثلاثاء غير مقبولة، علما أننا لم نسيء الى الإمام موسى الصدر"، معتبراً أنه "يجب على من يقوم بهذه الممارسات العنيفة أن يتذكر أن الإمام الصدر أثناء الحرب الأهلية كان يشجب العنف وكل الممارسات العنفية".

وأشار الى أن "صون الحريات الإعلامية مقدّس وعلى وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام وكل المسؤولين الرسميين اتخاذ موقف واضح من الموضوع، نحن نحترم الإستاذ عبد الهادي محفوظ كثيرا لكننا نعتبر أن الموقف الذي أعلنه لم يتناسب مع واقع الأمر وتجاهل المحاولة العنفية الجدية لإقتحام مبنى "القناة" والتسبب بالإيذاء لكل من كان في الداخل، وهو يعرف أيضاً أن محاسبتنا تكون عبر القانون وليس في الشارع".

واعتبر الحلبي أن "الخسارة الأساسية هي التعاطي مع الوسائل الإعلامية على أن حرياته مصانة وفي لحظة من اللحظات نتعامل معها على أنها مجرد مؤسسة ضعيفة ممكن أن نستبيحها".

مخرج ومعدّ برنامج "دمى كراسي" شربل خليل أشار في حديث لموقعنا إلى أن أسبابا عدة أدت الى ردة الفعل التي حصلت أمام مبنى "الجديد" معتبرا أن المسألة قصة "قلوب مليانة"، لأن "الجديد" تفضح أمورا وتكشف حقائق ليس من مصلحتهم أن تُكشف وهم يريدون أن "يفشوا خلقهم" بالقناة ويحتاجون الى سبب والسبب الرئيس برأيي كان استضافة النائب السابق حسن يعقوب واعطاؤه مساحة للتعبير عن رأيه في الإعلام وهذا أمر مستفز بالنسبة اليهم.

أضاف خليل: يحتاجون الى سبب لإنزال المشاغبين على الأرض وقد فبركوا رسائل تناقلوها عبر الواتساب جاء فيها أن برنامج "دمى كراسي" على "الجديد" صنع دمى للإمام موسى الصدر للإستهزاء به ونزلوا الى مبنى "الجديد" وبالتالي نزلوا جراء كذبة مفبركة.

وشكك في أن يكون ما حصل "ردّة فعل شعبية صافية لأن دعوات وُجّهت للإلتقاء في أماكن محددة وكأنها أوامر كما أنهم وفي فورة غضبهم انسحبوا فجأة وكأن في الامر إيعازا".

وردا على الإتهامات التي تُوجه الى شربل خليل شخصيا لناحية المسّ بالرموز الدينية من أجل رفع نسبة المشاهدة، رأى خليل ان "هذا اتهاما سخيفا وقال: يكفي مشاهدة الحلقة للتأكد من أن ليس هناك أي "حركشة" بأية رموز لبنانية ولمعرفة ان الاتهام باطل".

واكد أننا لا نحتاج الرايتينغ فلدينا أعلى نسب مشاهدة في لبنان، معتبرا أننا بعد 25 سنة عمل ونجاحات لسنا بحاجة الى رايتينغ. ونفى ان تصل الأمور الى إيقاف البرنامج لأنه أكبر من أن يتمكن أحد من إيقافه.

قضائيا لفت خليل إلى انه يبحث وإدارة "الجديد" مدى فعالية انضمامه الى الدعوى القضائية التي رفعتها المحطة، كاشفا أنه اذا كان انضمامه يصب في مصلحة الدعوى فسينضم إلى المدعي.

بين احترام الحريات الإعلامية والرقابة المسبقة أو اللاحقة على الإعلام شعرة معاوية. إرهاب فكري مورس بالأمس على وسيلة إعلامية يمكن أن يصبح بسهولة نهج اعتراض متبع. فهل تتكرّس الإعتداءات على وسائل الإعلام وتُستغلّ المسائل الحساسة لتدجين الإعلام والحدّ من دوره في إثارة النقاش في الرأي العام؟

ونجد نفسنا أخيراً بحاجة الى التذكير بأن الحرية الاعلامية يكفلها الدستور ويصونها النظام الديموقراطي الحر الذي يحترم الرأي والرأي الآخر.