المصدر: الحرة
الثلاثاء 10 كانون الاول 2024 12:23:06
"كابوس عبور الحدود والخوف من الاعتقال زال والحلم تحقق".. حلم رآه السوريون بالفعل صعب التحقيق على مدار 13 سنة تقريبا.. ففكرة العودة إلى بلادهم التي مزقتها الحرب الأهلية تحت حكم بشار الأسد، كانت بعيدة المنال، خوفا من الملاحقات الأمنية أو حتى الموت، إلا أنها أصبحت اليوم واقعا إثر انهيار النظام.
وبكلمات محمود العنجاري، الذي عاد إلى مدينته حمص قادما من الشويفات في لبنان بعد غياب 12 عاما، فإن "تطور الأحداث الأخيرة والانهيار السريع في صفوف قوات النظام، دفع العديد من السوريين إلى الاستعجال في العودة، خاصة وأن كابوس عبور الحدود والخوف من الاعتقال زال أخيرا".
ويؤكد لموقع "الحرة"، أنه "حزم حقائبه وتجهز للعودة لحظة إعلان سيطرة فصائل المعارضة على حمص"، مضيفا: "كانت لدي مشاعر متضاربة من الفرح والأمل والذهول وعدم التصديق، إنه كحلم يتحقق".
ويتابع العنجاري: "شعوري كشعور جميع السوريين المهجرين قسرا خارج بلادهم، المتشوقين للم الشمل مع أُسرهم، ولقاء أحبائهم ورؤية منازلهم وقراهم التي هُجّروا منها، لهذا لا استغرب أبدا هذا الازدحام الذي تشهده المعابر ".
ومهَّّد انهيار نظام الأسد طريق العودة الآمنة لملايين اللاجئين السوريين حول العالم، فمنذ اليوم الثاني من سقوطه، بدأت المعابر الحدودية التي تربط سوريا بالدول المجاورة تشهد حركة للآلاف العائدين إلى وطنهم.
وأظهرت مقاطع فيديو حديثة توافد أعداد كبيرة من السوريين على المعابر الحدودية، بالإضافة لمئات السيارات التي تحمل عائدين من لبنان والأردن وتركيا.
وتواجه المعابر الحدودية في سوريا ازدحامًا كبيرا في ظل غياب كامل للأمن العام السوري على الحدود السورية الأردنية واللبنانية منذ 3 أيام، فيما يتواجد تتواجد قوات تابعة للمعارضة عند المعابر الواقعة على الحدود السورية التركية.
ويشهد معبر نصيب على الحدود السورية الأردنية، ومعبر باب الهوى على الحدود التركية السورية، ومعبر المصنع على الحدود اللبنانية السورية، حركة كثيفة لآلاف اللاجئين العائدين إلى سوريا، رغم تعقيدات العودة والمخاوف التي ترافقها.
ويقول ملحم سليمان من مدينة حلب، العائد من غازي عنتاب جنوبي تركيا بعد غياب 11عاما: "على الرغم من المخاوف والشكوك بشأن العودة، فإن الحماس يسود غالبية اللاجئين الذين شعروا بأن سقوط (الرئيس بشار) الأسد يمثل فرصة للعودة إلى وطنهم".
ومن معبر باب الهوى، يوضح سامر العمر، الذي ينتظر الدخول إلى سوريا بعد أن غادرها إلى تركيا منذ عام 2013: "ترددت كثيرًا في العودة إلى سوريا سابقا، لكن بعد سقوط الأسد، اتخذت قرار العودة خلال دقائق".
ويستطرد لموقع الحرة: "هناك المئات اليوم عند المعبر والأعداد تزداد، أتمنى أن يتم فتح كل المعابر الحدودية مع تركيا، حتى لا يحدث هذا الازدحام ونعود جميعا في أقرب وقت ممكن".
ويضيف سامر أن "أعدادا كبيرة من أصدقائه وأقربائه عادوا منذ اليوم الثاني والثالث لتحرير مدينة حلب، إذ قاموا بتسليم بطاقات الحماية المؤقتة وعادوا بشكل نهائي إلى منازلهم".
ويقول: "يجب أن نعود إلى وطننا ونساهم في بنائه، عشنا في الاغتراب لأكثر من 10 أعوام، ويكفينا هذا التعب".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد قال، الإثنين، إنه "سيتم افتتاح معبر كسب الحدودي مع سوريا لتسهيل حركة العائدين، ولتجنب الاكتظاظ الحالي في المعابر الأخرى".
كما تمت إعادة فتح معبر جابر/نصيب الحدودي مع الأردن، بعد إغلاقه يوم الجمعة الفائت.
وأكد وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، أن الوضع على معبر جابر آمن، وأنه يتم تسهيل حركة السوريين العائدين إلى بلدهم.
وأضاف الوزير الأردني أنه "يوجد تنسيق مع الجهة المسيطرة على الطرف الآخر من المعبر"، أي المعارضة السورية، "لاستقبال أي أردني عائد من سوريا".
تسهيلات في العبور.. وفوضى
تحدث بعض العائدين عن تسهيلات كبيرة في العبور إلى سوريا من لبنان عبر معبر المصنع الواقع في منطقة جديدة يابوس، لكن كثافة العابرين من الجهتين تسببت بتباطؤ العمل وفترة انتظار طويلة.
أما على الجانب السوري، فيقول العائدون إن هناك "فوضى" في بعض النقاط، و"غياب تام لموظفي الأمن العام".
وبدورها، أكدت المديرية العامة للأمن العام اللبناني، غياب الأمن العام السوري عند معبر المصنع في جديدة يابوس، موضحة أنه نتيجة لذلك "تدفقت أعداد كبيرة من السوريين باتجاه مركز المصنع الحدودي، وحاول قسم منهم الدخول عنوةً ومن دون الخضوع لإجراءات الأمن العام اللبناني".
وفي باب الهوى على الحدود التركية السورية، شهد المعبر أيضًا كثافة في أعداد الراغبين بالعودة.
ووصف بعض السوريين الإجراءات بأنها "عادية" مقارنة بالمعابر الأخرى، خاصة وأن إدارة المعبر ما زالت على حالها، وهي تحت سلطة الحكومة المؤقتة في الشمال السوري، في حين أن معابر أخرى مثل معبر المصنع في لبنان ومعبر نصيب في الأردن، تشهد بعض الفوضى بسبب غياب التنسيق الأمني مع الجانب السوري.
طرق غير شرعية
من جانبهم، اختار العديد من السوريين العودة إلى بلادهم عبر طرق غير شرعية تربط لبنان بسوريا. وأفاد عدد ممن تواصل معهم موقع "الحرة"، بأن هذه الخطوة "كانت صعبة ومكلفة في السابق".
"الطريق عبر المعابر غير الشرعية يتطلب المشي لأكثر من ساعة أحيانا، لكن الحماس للعودة إلى سوريا دفعنا لاختيار هذا الطريق، رغم أن معبر المصنع الشرعي مفتوح ويتم تسهيل حركة الخروج، لكننا كنا عالقين في طوابير طويلة"، وفق ما يقول منير، وهو أحد العائدين مؤخرا إلى سوريا رفقة عائلته المؤلفة من 4 أشخاص.
ويضيف منير: "قصدت لبنان فارا من الخدمة العسكرية الإلزامية، حيث كنت مطلوبا للنظام، أما السبب الذي اضطرني لاختيار المعابر غير الشرعية للعودة ليس خوفا من الاعتقال كما جرت العادة، بل لأني أردت الوصول بسرعة كي أعيش وعائلتي لحظات الانتصار والاحتفال ولحظات إسقاط الطاغية"، في إشارة إلى الأسد.
بدورها، تقول نهى محمود التي عادت من لبنان، الإثنين، إلى مدينة بريف دمشق: "كان الراغبون بالدخول والخروج من لبنان عن طريق المعابر غير الشرعية يدفعون 100 دولار للمهربين، لكن الآن، دخلت عبر معبر غير شرعي بعد دفع 5 دولارات فقط".
وتشير إلى أن "المهرّب كان يراقب طوابير المنتظرين، ويعرض على البعض تسهيل الدخول إلى سوريا عبر أحد المعابر غير الشرعية، مقابل مبلغ يتراوح بين 5 و10 دولارات للشخص، إذ يوصله بسيارته لنقطة معينة، ومن ثم يواصل السير مشيا على الأقدام لمسافة تقارب الساعة، حتى يصل إلى الداخل السوري".
وبالنسبة لآخرين، فإن العودة عبر طرق غير شرعية كانت خيارا "اضطروا للجوء إليه"، كي "لا يحصلوا على منع دخول دائم إلى لبنان". يأتي ذلك نتيجة تواجد أعداد كبيرة من السوريين الذين دخلوا إلى لبنان بشكل غير قانوني في السنوات الماضية، وبالتالي لا يمكنهم الخروج من المعابر القانونية.
ورغم ضبابية المشهد بالنسبة للعائدين إلى ديارهم بعد سنوات من الغياب، وعدم اليقين بشأن مصير بيوتهم أو مناطقهم، فإن فكرة العودة إلى الوطن كانت المحفز الأساسي الذي دفع الآلاف منهم إلى الإسراع في العودة، وسط آمال بمستقبل أفضل.