المصدر: الحرة
الأحد 30 نيسان 2023 21:15:54
منذ أكثر من ثلاثة أشهر، حذرت وزارة الخزانة الأميركية من أن الولايات المتحدة وصلت إلى حد الاقتراض، المعروف باسم سقف الدين.
ومنذ ذلك الحين، اتخذت الوزارة "إجراءات استثنائية" لضمان استمرار الحكومة الأميركية في تسديد تكلفة الخدمات التي تقدمها للمواطنين.
لكن الوقت ينفد بسرعة. وأمام الكونغرس والبيت الأبيض مهلة حتى أواخر الصيف لرفع سقف الدين، وإلا فإن الولايات المتحدة ستتخلف عن سداد ديونها، وهي سابقة تاريخية قد تعني عواقب اقتصادية وخيمة محتملة.
فما هو سقف الدين؟
خلافا لمعظم الاقتصادات المتقدمة، هناك حد أقصى للمبلغ الذي يمكن لحكومة الولايات المتحدة اقتراضه لدفع تكلفة الخدمات التي تقدمها، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية وغيرها.
وسنويا، تحصل الحكومة على إيرادات من الضرائب وغيرها من التدفقات المالية، مثل الرسوم الجمركية، لكنها في النهاية تنفق أكثر مما تجمعه، مما يؤدي إلى عجز يتراوح ما بين 400 مليار إلى 3 تريليونات دولار كل عام على مدار العقد الماضي. وهذا العجز المتبقي في نهاية العام يتم إضافته في نهاية المطاف إلى إجمالي ديون البلاد.
ولاقتراض الأموال، تصدر وزارة الخزانة الأميركية أوراقا مالية، مثل سندات حكومية تسددها في نهاية المطاف بفائدة. وبمجرد أن تصل حكومة الولايات المتحدة إلى حد ديونها، لا تستطيع الخزانة إصدار المزيد من الأوراق المالية، مما يؤدي بشكل أساسي إلى وقف تدفق الأموال الرئيسية إلى الحكومة الفيدرالية.
والكونغرس هو المسؤول عن تحديد سقف الدين، ويجب أن يصوت عليه من أجل الموافقة على رفع سقف الدين الذي يبلغ حاليا 31.4 تريليون دولار. وهذا الموقف تكرر 78 مرة منذ بداية ستينيات القرن الماضي، لكنه مر في غالب الأحيان بلا صعوبة.
ماذا يحدث إذا تخلفت الولايات المتحدة عن السداد؟
لم تتخلف الولايات المتحدة عن سداد مدفوعاتها من قبل، لذا فإن ما سيحدث بالضبط في تلك الحالة غير واضح، لكنه على الأغلب لن يكون جيدا.
وحذرت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الثلاثاء الماضي مجددا، من أن التخلف عن السداد "سيسبب كارثة اقتصادية ومالية"، مؤكدة أنه سيتسبب في ضرر للاقتصاد الأميركي "لا يمكن إصلاحة"، موضحة أنه سيؤثر على حياة الأميركيين والاستقرار المالي العالمي.
وتعتبر ديون الخزانة الأميركية أساس تقييم الأصول الآمنة في العالم، ومعدلات فائدتها هي الأساس لتسعير المنتجات والتعاملات المالية في جميع أنحاء العالم.
وقالت يلين: "يجب أن يصوت الكونغرس لرفع أو تعليق سقف الديون. يجب أن يفعل ذلك من دون شروط ويجب ألا ينتظر حتى اللحظة الأخيرة".
وتقول صحيفة "الغارديان" إن "تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها، سيؤدي إلى أن يفقد المستثمرون الثقة في الدولار الأميركي، مما يتسبب في ضعف الاقتصاد، وتقلص عدد الوظائف، وعدم استطاعة الحكومة الفيدرالية أن تواصل تقديم خدماتها بشكل كامل".
أين تذهب أموال الحكومة؟
يذهب الجزء الأكبر من الإنفاق الحكومي الأميركي إلى البرامج الإلزامية، مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، التي تشكل ما يقرب من نصف الميزانية السنوية الإجمالية.
ويستحوذ الإنفاق العسكري أيضا على 12 في المئة من الميزانية، بينما تشمل البنود الأخرى باهظة التكلفة الإنفاق على التعليم والتدريب على التوظيف والخدمات والمزايا للمحاربين القدامى في الولايات المتحدة.
لماذا لا يرفع الكونغرس سقف الدين؟
في 26 أبريل، مرر الجمهوريون مشروع قانون في مجلس النواب من شأنه أن يرفع سقف الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار، لكنه فرض تخفيضات شاملة في الإنفاق بمقدار 4.8 تريليون دولار خلال السنوات العشر المقبلة.
يقلص مشروع القانون الإنفاق إلى مستويات 2022 ثم يضع حدا للنمو عند واحد بالمئة سنويا، ويلغي بعض الحوافز الضريبية المتعلقة بالطاقة المتجددة ويشدد متطلبات العمل ببعض برامج مكافحة الفقر.
في المقابل، عبر الديمقراطيون عن أسفهم للتخفيضات الشديدة في الإنفاق التي قد يجلبها الإجراء إلى برامج مثل الرعاية الصحية للفقراء، وبرامج أخرى تشمل إنفاذ القانون وعمليات أمن المطارات، مؤكدين رفضهم ربط التفاوض بشأن رفع سقف الدين بالتخفيض في الإنفاق.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن في مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، قبل معرفة نتيجة التصويت الأربعاء الماضي، "سأكون سعيدا بلقاء رئيس مجلس النواب الجمهوري كيفن مكارثي، لكن ليس بشأن رفع أو عدم رفع سقف الدين"، مؤكدا أن هذا الأمر "غير قابل للتفاوض".
ومع ذلك، يبدو الجمهوريون مصرين على استخدام الجدول الزمني عالي المخاطر تجاه التخلف عن السداد للضغط على الديمقراطيين للموافقة على خفض الإنفاق.
ونجح الجمهوريون في مواجهة مماثلة عام 2011، عندما وافق الديمقراطيون على خفض الإنفاق قبل 72 ساعة من تعثر الحكومة وتخلفها عن السداد.
وأدت المواجهة في ذلك الوقت إلى خفض التصنيف الائتماني للحكومة، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض وعصف باستثمارات.
"لكن هذه المرة، مع إصرار الجانبين على موقفهما، يمكن أن يؤدي استمرار الجمود إلى اقتراب الاقتصاد الأميركي من كارثة"، بحسب "الغارديان".