كنعان وضرغام ليسا في وارد الخروج من "التيّار": العمل للإصلاح من داخل المؤسسات أمر مجدٍ

موجة التأويلات حول مستقبل الوضع داخل "التيار الوطني الحر" ومكانته السياسية بعد التطوّرات الداخلية الأخيرة التي كان أبرزها محطات ثلاث بدأت بقرار فصل النائبين الياس أبو صعب وآلان عون وانتهت بالاستقالة الطوعية للنائب سيمون أبي راميا من عضوية التيار، وهو من الرعيل المؤسّس، احتجاجاً على أداء قيادة التيار وتعاطفاً مع زميله عون، ما انفكت تتوالى متوقعة مزيداً من الضربات والاهتزازات المماثلة لتختم تحليلها بالاستنتاج أن هذا التيار قد سلك طريق التفكك بعدما بدأ عهد التراجعات منذ زمن.

وبناءً على ذلك فإن السؤال المحوري الذي يطرح نفسه في هذا الإطار هو عن صحة ما يشاع عن وجود نواب آخرين من التكتل العوني أُدرجوا على لائحة المرشحين للانضمام الى النواب الثلاثة الخارجين لتوّهم من التنظيم والتكتل لتسجّل ظاهرة غير مسبوقة في دورة الحياة السياسية والنيابية في الشارع المسيحي تحديداً وغير المسيحي، وهي ظاهرة تؤذن بـ"انفراط" عقد تيار سياسي كان كاسحاً في شارعه عندما استحوذ على النسبة الكبرى من أصوات الشارع المسيحي في دورتين انتخابيتين متتاليتين عامي 2005 و2009.

وكان بديهياً في هذا الإطار أن تتوجّه الأنظار مباشرة الى نائبين آخرين من أعضاء التكتل هما إبراهيم كنعان وأسعد ضرغام انطلاقاً من اعتبارين أساسيين:

الأول أن ثمة أوساطاً سياسية وإعلامية سبق أن أدرجت خلال الأشهر الماضية الاهتزاز التنظيمي الذي عصف بالتيّار، باسمي النائبين في خانة الذين لديهم ملاحظات على أداء قيادة التيار فضلاً عن أنهما يضمران تعاطفاً مع طروحات النواب الثلاثة الذين أخرجوا أو خرجوا تحت ذريعة أنهم "مارقون ومتمردون على التوجهات العامة للتيار".

الثاني، فضلاً عن ذلك فإن كنعان وضرغام لم يسلكا مسلك زملاء لهم في التيار جنحوا الى موقف المتفرّج من الخلافات الدائرة بل كان لهما حراك ومبادرات تحت عنوان "رأب الصدع ومعالجة أساس الخلافات قبل فوات الأوان".

والمعلوم أن كنعان أبلغ متصلين به سابقاً أن عنده مبادرة "للمصالحة" وأنه شرع في حراك تمهيدي عبر اتصالات ولقاءات ثنائية وموسّعة طاولت كل المحاصرين بتهمة مخالفة النظام الداخلي للتيار والرافضين الدفاع عن أنفسهم عبر المثول أمام "مجلس الحكماء" الذي يرأسه الرئيس ميشال عون، لكن كنعان آثر، بعدما أخفقت جهوده، الانكفاء والابتعاد عن الأضواء رافضاً الرد على أسئلة الإعلاميين أو إبداء أي رأي، فيما بذل ضرغام أيضاً جهوداً على هذا المستوى ونجح في عقد لقاءات، لكنه رغم إخفاقه ولا سيما بعد إبعاد آلان عون واستقالة أبي رميا، خرج الى الإعلام موضحاً. وحسب معلومات مستقاة من أجواء ضرغام فإنه تعمّد خلال الأسبوع الماضي، لكي يبرّئ ذمّته، إجراء ثلاثة لقاءات إعلامية نفى فيها نفياً مطلقاً ما سبق أن أشيع عن نيّته الخروج من التنظيم وتكتله النيابي توطئة ليكون رابع النواب الخارجين، بل إنه بادر خلال الساعات الماضية الى إثبات العكس تماماً.

وإضافة الى ذلك أعرب ضرغام عن قناعة فحواها "أن العمل من داخل صفوف التنظيم وإطاره النيابي هو أفضل وأنجع بكثير من فكرة الخروج من صفوفه والتمرّد عليه إن كان المراد سعياً للإصلاح والتغيير". ومع ذلك فإن ضرغام لا ينفي أنه خرج من التجربة كلها محبطاً يتملكه شعور بالخيبة لكونه صرف خلال الفترة الماضية جهوداً جبّارة لتلافي الوصول الى ما وصلت إليه الأمور في الأيام الماضية وذلك عبر لقاءات واتصالات بدت في مراحل متقدمة وواعدة نجح في إجرائها على أمل الوصول الى قواسم مشتركة من شأنها أن تشكل مدخلاً لحل التباينات، لكنه للأسف لم يُكتب له التوفيق.

وينقل عن ضرغام قوله: "ما يشكل لي بعض التعزية عن هذا الإخفاق أنني عملت ما كان يجب علي أن أعمله وأبذله وبقيت مستمراً في مسعاي على هذا المنوال حتى اللحظة الأخيرة. وأضاف: ربما هناك من الزملاء من أخذ على خاطره منّي لأنني كنت متحمساً وجاداً في محاولاتي وحريصاً كل الحرص على ألا نصل الى الخواتيم غير السعيدة، لكنني من جهتي كنت شفافاً وصريحاً عندما أوضحت منذ البداية أنني أؤدي دور المصلح وأن لاينتظر مني أحد أن أكون طرفاً أو مع فريق في يوم من الأيام لأنني مع المؤسسة ولأنني على قناعة تامة بأن الخروج من المؤسسة لا يحقق شيئاً ولا ينجز إصلاحاً وأمامنا شواهد وتجارب عدة".

وفي معرض نفيه للكلام الذي أشيع عن أنه أعطى وعداً بأنه سينضم يوماً الى موكب الخارجين عن الإطار المؤسسي يقول ضرغام: "أنا منذ نحو أربعة أشهر لم يعد لي أي كلام في الموضوع مع أي من الزملاء المعنيين (النواب الثلاثة). وأذكر أن آخر لقاء جمعني بهم يوم رافقت الزميل أبو صعب لتقديم واجب العزاء لصديق مشترك، وهناك التقيت للمرة الأخيرة بالنائب آلان عون ولم يكن بيننا أي كلام حول الأمر. قبلها بفترة كان لي والنائب عون نقاش وجدال وقد اقترحت عليه يومها أن نذهب أنا وإياه ورئيس التيار #جبران باسيل لنمثل أمام مجلس الحكماء. وقد وعد الآن بالرد لكنه تراجع عن الوعد".

ويخلص ضرغام الى القول إنه "لا يريد أن يحمّل أحداً بعينه تبعة ما آلت اليه الأمور، ولكن للأمانة أقول إنني كنت وما أزال أجد تجاوباً ومرونة وانفتاحاً عند الرئيس عون والنائب باسيل حيال أي اقتراح كنت أعرضه بغية تلافي ما حصل ومعالجة الأمور وتسوية الخلافات. ولكن في النهاية بلغت الأمور ما كنا لا نتمنّاه إطلاقاً".