كواليس زيارة ميقاتي لنيويورك ما قبلها وبعدها... "ديو تنسيقي" مع بري فهل من "تفاهم أيلول"؟

من نافل القول أنه لدى الحروب تحصل هدنة أو وقف إطلاق النار، وصولاً إلى مفاوضات وتسوية وسوى ذلك، إذ إن القرار الذي تم التوصّل إليه على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، من الدول المعنية بالملف اللبناني، على قدر كبير من الأهمية، ويدل على أن ثمة مساعي جدية للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، والسؤال كيف حصلت هذه الاتصالات؟ وماذا جرى لدفع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى السفر إلى نيويورك بعدما كان ارتأى أنه لا يمكنه المغادرة؟ ما حصل وفق معلومات لـ"النهار"، أنه جرى اتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس ميقاتي، حيث التواصل لم ينقطع بينهما يومياً، كما أن أطرافاً عربية تمنّت على ميقاتي أن يأتي إلى نيويورك لدقة المرحلة، ويجب أن يكون حاضراً ما يسهل المفاوضات، حيث اطلع على المشروع الذي سيُعدّ من أجل وقف إطلاق النار، وجاء ذلك بعد اجتماع لوزراء الخارجية العرب بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

وحصل ضغط كبير من فرنسا مارسه شخصياً الرئيس إيمانويل ماكرون بعد الاتصال الناري الذي جرى بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما كُشف بوضوح خلال المداولات التي جرت على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي وسائل الإعلام كافة العربية والغربية، إلى اللقاء المفصلي بين ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن. ومع مشاركة ميقاتي بالمداولات، كان قرار وقف إطلاق النار وسط تساؤلات، هل ستلتزم إسرائيل بالاتفاق؟ لذا نتنياهو يعيد التاريخ نفسه من خلال ذريعة عودة أهالي المستوطنات في شمال إسرائيل إلى منازلهم، ما يدفعه إلى حرب كبيرة وإنشاء منطقة عازلة، لكن الترقّب الثقيل لماهية الوصول إلى وقف إطلاق النار، وكيف سيكون الوضع، فذلك ما سيتبدّى في الأيام القليلة المقبلة. ومشاركة ميقاتي تذكّر بالدور، وإن كان ليس على المستوى عينه، الذي قام به الرئيس الشهيد رفيق الحريري، مع وزير خارجية فرنسا هيرفيه دي شاريت، والذي أدى إلى تفاهم نيسان، فهل ثمة تفاهم آخر بعد وقف إطلاق النار أو ترتيب جديد للقرار 1701 أو قرار آخر؟ كل هذه المسائل ستتضح معالمها في وقت ليس ببعيد، وإن كان الميدان لا يزال مشتعلاً وربما كل المفاجآت واردة في ظل هذا العدوان الإسرائيلي المتمادي الذي بلغ ذروته.

أوساط مقرّبة من الرئيس ميقاتي تؤكد أن العمل ينصبّ على آلية تطبيقية للقرار 1701 وأن الاتصالات التي قام بها ميقاتي كان لها دورها مع الرئيس التركي أو الفرنسي، وكذلك مع الرئيس الإيراني، حيث لهذا اللقاء دلالته في مثل هذه الظروف، لكن ثمة ترقّب وانتظار لما ستفضي إليه الجهود الجارية ليُبنى على الشيء مقتضاه، وبالتالي هناك تواصل دائم ما بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري لوضعه في صورة ما يجري، على أن تتبلور ماهيّة هذه الأجواء في وقت ليس ببعيد.

وتخلص المصادر المقرّبة من رئاسة الحكومة، إلى أنه فور انتهاء الاجتماع الذي جمع ميقاتي ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بحضور الموفد إلى المنطقة آموس هوكشتاين، اتصل الأخير برئيس مجلس النواب نبيه بري وكذلك ميقاتي، دون معرفة ما إن كان هوكشتاين سيعود إلى بيروت، لكن الأجواء تشي بأن ثمة حركة موفدين غربيين وعرب بمن فيهم هوكشتاين، سيصلون إلى بيروت أواخر الأسبوع الحالي، من أجل بلورة الوضع ومراقبة تطبيق وقف إطلاق النار إذا سرى مفعوله كما هو مخطط ومرسوم له.

ويبقى أخيراً، وفق المتابعين لكواليس لقاءات نيويورك، أن ثمة استراتيجية جديدة تكمن في تطبيق القرار 1701 ربما معدلاً مع مراقبة دولية، وصحيح أن الفرنسيين كان لهم دور أساس، لكن بالتوافق والتنسيق التام مع الأميركيين، باعتبار أن واشنطن هي الأساس ودونها لا يمكن التوصّل إلى أيّ اتفاق على صعيد وقف إطلاق النار أو سواه، خصوصاً ما يربطها بإسرائيل. وعلى هذه الخلفية، فالقرار أميركي فرنسي ومدعوم عربياً وإقليمياً، ولا سيما أنه جرت مشاورات على أعلى المستويات بين زعماء كثُر والرئيس الإيراني. ويبقى أن السباق مستمر بين الديبلوماسية والسعي لوقف إطلاق النار، حيث ما زالت إسرائيل تستغل الوقت الضائع عبر تدميرها الممنهج جنوباً وبقاعاً، فيما يبقى السؤال: هل يتجه لبنان نحو تفاهم أيلول على غرار تفاهم نيسان؟