المصدر: الجمهورية
الخميس 9 كانون الثاني 2025 07:10:57
اليوم الخميس 9 كانون الثاني 2025، يقف الاستحقاق الرئاسي على مفترق حسم وجهته، إما في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية بما يعيد الانتظام للحياة السياسية والدستورية في لبنان، وإمّا في اتجاه استمرار الدوران في حلقة الفراغ المستحكم بالموقع الرئاسي الأول منذ مطلع تشرين الثاني من العام 2022.
مؤشرات المشهد الداخلي السابق لجلسة اليوم تشي بأنّ الاستحقاق الرئاسي على نار فوق الحامية، والسباق الإنتخابي محصور نظرياً بمجموعة قليلة من المرشّحين، فيما الوقائع تؤشّر إلى أنّ التركيز هو على قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح يتقدّم بسرعة نحو القصر الجمهوري. واللافت للانتباه في هذا السياق، كانت مبادرة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية إلى الانسحاب من المعركة الانتخابية، وقال في بيان: «اما وقد توفرت ظروف انتخاب رئيس للجمهورية يوم غد (اليوم)، وإزاء ما آلت اليه الأمور، فإنني أعلن عن سحب ترشيحي الذي لم يكن يوماً هو العائق أمام عملية الانتخاب. وإنني إذ أشكر كل من اقترع لي، فإنني انسجاماً مع ما كنت قد أعلنته في مواقف سابقة، داعم للعماد جوزف عون الذي يتمتع بمواصفات تحفظ موقع الرئاسة الاولى. وإنني اتمنى للمجلس النيابي التوفيق في عملية الانتخاب، وللوطن ان يجتاز هذه المرحلة بالوحدة والوعي والمسؤولية».
الرياح انتخابية
الوقائع التي تسارعت في الساعات الأخيرة على أكثر من خط داخلي، تؤكّد أنّ الرياح انتخابيّة ورئيس الجمهورية سيولد في الجلسة الانتخابية التي ستُعقد في المجلس النيابي اليوم، وتوازي ذلك شراكة خارجية بصورة علنية ومباشرة؛ أميركية، فرنسيّة، سعوديّة ليس فقط، في إنضاج الطبخة الرئاسية، بل تعكف على رفع أسهم قائد الجيش وتدفع بقوة إلى انتخابه رئيساً للجمهورية.
في تقييم أجواء الاتصالات الأخيرة، يتبدّى جلياً أنّ الدفّة الرئاسيّة تميل نحو قائد الجيش، وثمة جهات سياسية استبقت الجلسة بحسم نتائجها سلفاً، والإعلان عن أنّ العماد جوزف عون رئيس للجمهورية مع وقف التنفيذ. فيما تقاطعت جهات اخرى على التأكيد أنّ الجلسة الانتخابية ستفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وإذا كان العماد جوزف عون قد أصبح على باب القصر الجمهوري، وعلى مسافة خطوة من فوزه برئاسة الجمهورية، فإنّ من الأفضل التريّث في انتظار ما ستقرّره صندوقة الاقتراع، على اعتبار أنّ الحسم المسبق ينطوي على استعجال وتسرّع، وخصوصاً انّ باب المفاجآت ليس مقفلاً.
اتصالات
وبحسب معلومات موثوقة لـ«الجمهورية»، فإنّ حضور الوسيط الاميركي آموس هوكشتاين ظلّ قوياً ومباشراً على الخط الرئاسي، بتزكية قوية لخيار قائد الجيش، الذي تبنّاه أيضاً، وبصورة واضحة، الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان وكذلك الموفد السعودي يزيد بن فرحان، في اللقاءات والاتصالات التي أجرياها في الساعات الأخيرة.
ووفق المعلومات، فإنّ لقاء لودريان برئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس «كتلة الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، كان جيداً، جرت فيه مقاربة موضوعية للوضع اللبناني بصورة عامة. وأشارت مصادر المعلومات، إلى أنّ الموفد الفرنسي أعرب عن ارتياح الإدارة الفرنسية من اقتراب لبنان من حسم استحقاقه الدستوري، كخطوة تعتبرها باريس بداية انتقال لبنان من وضعه الراهن وأزماته الصعبة، إلى مرحلة الإنقاذ والإصلاح والإجراءات الإنعاشية للاقتصاد اللبناني. وقارب بصراحة العماد جوزف عون كخيار رئاسي قادر على مواكبة ضرورات المرحلة المقبلة ومتطلباتها، بالشكل الذي يخدم مصلحة لبنان ويحقق تطلعات اللبنانيين. وشدّد لودريان على أهمية أن يحظى بالقدر الأعلى من توافق المكونات السياسية.
وأفيد بأنّ النائب رعد كان إيجابياً جداً في اللقاء مع لودريان، وإبلاغ الموفد الفرنسي بموقف «حزب الله» الداعي إلى إتمام الاستحقاق الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، واستعداد الحزب للتوافق على الشخصية التي تشكّل مصلحة للبنان. كما اكّد في الوقت نفسه انّ «حزب الله» منفتح على كل الخيارات، ولم يقف امام إجماع اللبنانيين على اسم رئيس للجمهورية».
ووفق معلومات «الجمهورية»، فإنّ اتصالات الموفد السعودي ركّزت على الخيار نفسه، وانّ العماد جوزف عون يشكّل الخيار الرئاسي الذي يحظى بمروحة دعم وقبول واسعة داخلياً وعربياً ودولياً، وهذا سينعكس بطبيعة الحال مصلحة للبنان واللبنانيين. ونقلت مصادر المعلومات عنه أجواء تفيد بمقاربة سعودية متحمسة للتفاعل الإيجابي للعهد الرئاسي الجديد، وانّ «المملكة ستكون كما كانت على الدوام إلى جانب لبنان، ومبادرة إلى توفير ما يعيد للبنان زهوه وانتعاشه ويوفّر لأبنائه الازدهار والرخاء».
والبارز في اتصالات الموفد السعودي، لقاء أمس، مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل. وبحسب المعلومات فإنّ البحث دار بصورة بالغة الإيجابية، ولم يُحصر فقط بالملف الرئاسي، بل تعداه إلى ما بعد الانتخاب بالبحث في الوضع الحكومي ومتطلباته الداخلية، وما يمكن ان يحظى به لبنان من دعم الأصدقاء والأشقاء لمساعدته في تجاوز ازماته وآثار العدوان الاسرائيلي وإعادة الإعمار. وتحدثت مصادر مسؤولة مواكبة لحركة الاتصالات عن وجود ما سمّتها ضمانات عربية خليجية، وسعودية بصورة خاصة، بالحضور بفعالية إلى جانب لبنان وتوفير المساعدات التي يحتاجها في شتى المجالات.
من الدورة الاولى!
على صعيد جلسة الانتخاب، فقد اكتملت التحضيرات المجلسية لانعقادها، ووجّهت الدعوات إلى البعثات الديبلوماسية في لبنان لحضور الجلسة التي ستُنقل وقائعها مباشرة على الهواء عبر الإعلام المرئي والمسموع، فيما رجحت مصادر سياسية مسؤولة عدم الحاجة إلى جلسات أو دورات متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية، ذلك انّ مجريات الساعات الاخيرة حسمت انتخاب الرئيس ربما في الدورة الاولى او في الدورة الثانية، وخصوصاً انّ بورصة الأصوات شهدت تراكماً ملحوظاً لصالح قائد الجيش.
واشارت المصادر إلى انّ انسحاب فرنجية من السباق الانتخابي حرّر ثنائي حركة «أمل» و»حزب الله» من الالتزام بترشيحه، ما يفتح الباب امامهما على السعي إلى التوافق على الشخصية التي يعتبرانها الأكثر مقبولية وملاءمة مع المرحلة الراهنة. وتبعاً لذلك، فإنّ انضمامهما إلى سرب التوافق على قائد الجيش ليس محسوماً بصورة نهائية حتى الآن، الّا انّه أمر وارد وليس مستبعداً. وإن سارت الامور في هذا الاتجاه ليس مستبعداً أن يُصار قبل انعقاد الجلسة الانتخابية اليوم إلى الاعلان عن انّ قائد الجيش مرشح توافقي. وهذا معناه أنّه يفوز من الدورة الانتخابية الاولى بنسبة تتجاوز ثلثي اصوات النواب. واذا ما تعذّر ذلك فالفوز مؤكّد في دورة الاقتراع الثانية.