المصدر: وكالة الأنباء المركزية
الجمعة 20 آذار 2020 14:11:51
صحيح أن الذعر الذي زرعه فيروس كورونا دفع السلطة السياسية إلى اتخاذ إجراءات من شأنها تخفيف الاختلاط بين الناس وتفادي التجمعات المكتظة. لكن الحكومة حفظت شيئا وغابت عنها أشياء ليس أقلها أن قنبلة الاكتظاظ البشري إنفجرت منذ زمن في السجون التي لا تذكرها الدولة إلا عند حلول الكوارث والأزمات. بدليل أن السجن المركزي في رومية يضم اليوم ما بين 4 و5 آلاف سجين، أي ما يفوق قدرته الاستيعابية الأساسية بما يقارب 4 أو 5 أضعاف. إنها إذا صورة مهينة للمساجين وكرامتهم الانسانية، بغض النظر عن سجلات بعضهم التي قد تكون حافلة بتاريخ إجرامي بامتياز في بعض الأحيان. إلا أن الأهم يكمن في أن الأزمة الراهنة كشفت مجددا فصلا من فصول التقصير الرسمي الفاضح في مجال صون حقوق الانسان وصورة الدولة وهيبتها، مع العلم أن كثيرا من الخطط وضعت في مراحل سابقة لتأهيل السجون وأماكن الاحتجاز، غير أنها لم تكمل طريقها إلى التنفيذ الجدي بفعل المناكفات السياسية المعروفة.
وفي تعليق على وضع السجون في ظل ازمة استفحال فيروس كورونا، أسف وزير الداخلية السابق زياد بارود في حديث لـ "المركزية" لكوننا "لا نتذكر السجون ووضعها المأساوي إلا عند وقوع الكوارث"، مذكرا بأن في خلال ولايته في وزارة الداخلية عام 2009، أجري مسح بالتعاون مع الدكتورعمر نشابة (الاختصاصي في قضايا وشؤون السجون) شمل 24 سجنا ونظارة، وتم وضع خرائط لهذه السجون، إضافة إلى العمل مع مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة على وضع معايير هندسية للسجون، وتأهيل قاعة المواجهة في السجن المركزي في رومية"، لافتا إلى أن ايطاليا كانت قدمت هبة بقيمة 400 الف أورو لتأهيل مطبخ السجن الذي احترق في خلال أعمال الشغب التي طالته في مرحلة لاحقة.
وأكد بارود أن "مشكلة الاكتظاظ يمكن أن تفسر من باب كوننا لا نملك العدد الكافي من السجون، مع العلم ان الجميع يعرفون مدى تأثير اللاجئين السوريين على عدد المساجين"، منبها إلى أن "حوالى 35 ألف شخص يوقفون ويطلقون من السجون سنويا، وهذه الحركة الكثيفة دليل إلى بعض الثغرات في قانون أصول المحاكمات الجزائية".
وأشار إلى أن المشكلة تحمل 3 أبعاد، يرتبط أولها بوضع السجون حيث أن سجن رومية الذي يتسع أصلا لـ .١٠٥٠ سجينا يضم اليوم 4 إلى 5 آلاف شخص"، داعيا إلى اعتماد خطة قائمة على لامركزية السجون، بدليل أن سجنين في الشمال والجنوب قيد الانشاء راهنا، ما قد يساعد في حل المشكلة".
وفي ما يتعلق بالمستوى الثاني، دعا بارود إلى تسريع المحاكمات المتوقفة منذ سنوات، وذلك من زاوية احترام حقوق الانسان أولا، لا سيما لجهة حقه في محاكمة عادلة، بما قد يؤدي إلى إبقاء من يجب إبقاؤهم في السجون، وإطلاق من يجب إطلاقهم"، منبها إلى أن بعض من يقضون محكوميتهم لا يخرجون إلى الحرية بفعل عجزهم عن دفع الكفالات المالية المتوجبة
عليهم، معتبرا أن في بعض هذه الحالات، يمكن الاكتفاء بالمدة التي سبق للسجين أن قضاها في التوقيف بدلا من إبقائه في السجن، وذلك بهدف تخفيف الاكتظاظ".
وعما إذا كان إقرار قانون العفو العام خطوة على طريق الحل، اعتبر بارود أن التجارب اللبنانية السابقة في هذا المجال لم تكن مشجعة، مبديا تفهمه لأهالي بعض الموقوفين الذين يطالبون بإقرار عفو عام، على أن يأتي ذلك من ضمن خطة اجتماعية تلحظ خطوات لإعادة تأهيل المساجين لينخرطوا مجددا في المجتمع"، مشددا على ضرورة استكمال نقل السجون من وزارة الداخلية إلى وزارة العدل".