كيف تجاوز أرسنال فنون ريال مدريد المظلمة ليجيب عن سؤال محوري؟

مع بدء المباراة في ملعب "سانتياغو برنابيو" واجه ريال مدريد صعوبة كبيرة في اختراق دفاع أرسنال، فحاولوا الوصول إليهم بطريقة مختلفة، إذ حاولوا التأثير في تركيزهم النفسي من خلال المواجهات المباشرة.

كان هذا تكتيكاً واضحاً مع استهداف خاص لبوكايو ساكا، إذ تدخل ديفيد ألابا عليه بقوة بعد أربع دقائق، وتحدث جود بيلينغهام مع ساكا قبل أن يضيع ركلة الجزاء، وحاول داني كارباخال استفزازه بعد ذلك.

تصرف ساكا ببساطة بتسجيل الهدف الحاسم برفع الكرة من فوق تيبو كورتوا، لكن هذا حدث لأن أرسنال ثبتوا أقدامهم ووقفوا صامدين.

ربما كان هذا هو الجانب الأكثر أهمية في هذه المواجهة، إلى جانب الفوز الساحق لأرسنال في المباراتين، والآن قلما يشكك أحد في صلابتهم، ولا ينبغي لأحد أن يتحدث عنهم كفريق هش أو يفتقر إلى الخبرة، بل سيكونون اختباراً صعباً وقوياً لأي فريق.

لقد ارتقوا في أكبر مسرح على الإطلاق، وهذه نتيجة مباشرة لكيفية صقل ميكيل أرتيتا التدريجي للجوانب النفسية لهذا الفريق.

وقال أرتيتا "الشعور الذي لدينا حقيقي"، وهذا هو السبب الذي جعل ديفيد رايا يتحدث عن كونه "مقتنعاً تماماً".

لم تكن هذه مجرد كلمات، فقد أشاد أرتيتا بـ"الأسلوب والطريقة التي فعلنا بها ذلك".

"ليس فقط من خلال طريقة لعبنا، ولكن أيضاً مع الظروف، وكمية الإصابات التي تعرضنا لها. لذلك أعتقد أن الأمر بصورة عامة يظهر شخصية هذا الفريق، وهذا النادي".

كان الأداء أكثر إثارة للإعجاب نظراً إلى اعتراف مفاجئ من أرتيتا، الذي ربما لم يكن ليقوله لو خسروا، إذ تحدث حول "هالة برنابيو" التي أثرت عليهم بالفعل، على رغم أن مدريد فشل في ذلك.

وكشف أرتيتا عن أنه "كانت المرة الأولى لي كمدرب في ذلك المقعد التقني، واليوم أدركت بعد ثلاث دقائق أن أي شيء ممكن في هذا الملعب. إنهم متخصصون في خلق هذه الفوضى، هذا الاعتقاد، ومن الصعب جداً فهم ما يحدث حقاً في المباراة والتأكد من كيفية السيطرة عليها".

يمكن أن تشعر بأن الأمور خرجت عن السيطرة عندما يندفع فينيسيوس جونيور فجأة من الجهة اليسرى بسرعة، هذا عندما تتحول "الهالة" إلى حقيقة، كما أشار مايلز لويس سكلي، قائلاً "بصراحة، عندما تشاهدها على التلفزيون، الأمر يختلف كثيراً عما تراه مباشرة. لذا عندما خرجت للمرة الأولى، كان الأمر كبيراً، ولكن عليك فقط استيعاب اللحظة والاستمتاع بها".

وتتجلى هذه الكلمات بصورة لافتة، لأنها تعكس تماماً تعليقات أرتيتا حول ضرورة "الاستمتاع" بهذه اللحظات.

يمكن أن يكون ذلك صعباً عندما تدرك فجأة كيف يمكن لحدث واحد أن يشعل سلسلة من ردود الفعل، كما حدث في هذا الملعب سابقاً، وأوضح أرتيتا بالتفصيل كيف "سيطروا" على الموقف، وإن كان ببعض التعجب "لدينا أدوات معينة لمحاولة تحقيق ذلك، لكن عند التطبيق العملي، تدرك كم هو صعب للغاية".

"لكنني أعتقد أننا فعلنا ذلك، وفي لحظات عدة بطريقة ذكية حقاً. لأن المباراة قد تدفعك لسيناريو يعمل ضدهم، وهم ليسوا جيدين في ذلك إطلاقاً. كنا واضحين جداً في شأن كيفية الخروج من ذلك وتمكنا من تحقيقه".

لقد أجرى أرتيتا وفريقه المعاون بحثاً عميقاً حول ما يحدث في الدقائق التالية للحظات الحاسمة في "برنابيو"، وحاولوا التعامل مع الأمر بعقلانية، وهذا ما جعل مناقشاته مع بيب غوارديولا، بما في ذلك واحدة صباح يوم المباراة، مفيدة جداً، إذ تمكن أرتيتا من عزل لاعبيه في مواقف عدة، وهو شيء ساعدهم في الحفاظ على سيطرتهم في المباراة.

لكن يبقى عليك أن تمسك بزمام الأمور، وهذا ما فعله ديكلان رايس.

وإذا كان ساكا قدم اللحظة الحاسمة، فإن خط الوسط قدم الأداء الأكثر تميزاً وكانت هذه مباراة انتقل فيها رايس إلى مستوى آخر تماماً، وقد تحدث أرتيتا عن كيف كان رايس "حاسماً في المواجهة" لكن هذه المرة "بطريقة مختلفة"، وكان كذلك بكل ما في الكلمة من معنى.

وإذا كانت قصة المباراة تتمحور حول صمود أرسنال، فإن رايس جسد هذا المفهوم، لكن ذلك لم يعن الوقوف ساكناً أبداً. وكان ينتقل فوراً إلى التحدي التالي، إذ يستحوذ على الكرة ثم يدفعها للأمام، لقد كان في كل مكان.

وقال أرتيتا "أعتقد أنه كان رائعاً حضوره، القوة التي أظهرها، هدوئه تحت الضغط، ومن دون الكرة، لقد قاد الفريق في عدد من اللحظات وحول مجرى المباراة لصالحنا".

كان هذا حرفياً في كثير من الأحيان، فقد كانت هناك لحظات عديدة بدا فيها أن مدريد على وشك الهجوم أو الاختراق، فكان رايس يعكس اتجاه اللعب، وكان هذا أكثر بكثير من مجرد إيقاف الهجمات، ولم يتمكن خط وسط أنشيلوتي من التعامل معه.

لقد اختار ريال مدريد الفريق الخطأ لبدء مشاجرة، خصوصاً مع وجود ديكلان رايس.

كانت هناك أيضاً المتعة التي تحدث عنها أرتيتا، حتى أن المدرب ضحك وهو يذكر شعوره بأنه يريد أن "يصفع" ساكا على أذنه بسبب ركلة الجزاء الضائعة، خلال الجزء الإسباني من مؤتمره الصحافي.

لم يتمكن مدريد من الاقتراب منهم، واستطاع أرسنال الصمود جسدياً والأهم نفسياً.