المصدر: وكالات
الكاتب: د. إيلي صقر
الجمعة 10 تشرين الأول 2025 14:35:17
كتب الدكتور إيلي صقر:
في صباح 10 أكتوبر 2025، أعلن اللجنة النرويجية لنوبل عن فوز زعيمة المعارضة الفنزويلية María Corina Machado بجائزة نوبل للسلام لعام 2025، معتبرةً أن ما قامت به من “عمل لا يكلّ في تعزيز الحقوق الديمقراطية لدى شعب فنزويلا ونضالها من أجل انتقال عادل وسلمي من النظام الاستبدادي إلى الديمقراطية
في اللحظة التي سارع فيها الإعلام لنقل الحدث، كان اسم دونالد ترمب قد برز كذلك كمرشحٍ “مُعلن الطموح” للفوز بالجائزة، فطرحه علنيًّا ونادى بأنه “مستحقّ” بفضل بعض المبادرات الخارجية التي يدّعيها، لكنه في النهاية خسر، وذهبت الجائزة إلى المعارضة الفنزويلية.
هذه النتائج تحمل قراءة مزدوجة: أولاً، عودة الجائزة إلى قيم النضال المدني ضد الاستبداد، وثانيًا، توجيه رسالة إلى الزعماء الكبار بأن الجدارة ليست في الشعارات أو النفوذ، بل في المخاطر المُتحملة والعمل دامغ الملموس.
في ما يلي تحليل تفصيلي للضغوط والرؤية الكامنة خلف اختيار Machado، ثم مقارنة بين ملفها وملف ترمب.
من هي María Corina Machado؟ خلفية ورؤية
الجذور السياسية والنشاط المبكر
التقديرات الدولية والجوائز التي سبقت نوبل
لماذا اختارت اللجنة Machado وليس ترمب؟ قراءة في المعايير الاستراتيجية
نوبل للسلام غالبًا تختار شخصية تُجسّد مقاومة ضد استبداد أو ظلم داخلي، وليس شخصًا يترأس قوة عظمى أو متورطًا في ملفات خارجية معقدة. Machado تُجسّد ذلك: عملية نضال مدني، رفض الاستسلام رغم المنع والقمع، والتزام بينها وبين شعب تحت ضغط عسير
ترمب، رغم دعواته للتوسط أو مبادرات السلام، يُنظر إليه داخل الساحة السياسية الأمريكية كقطب سياسي مثير للانقسام، كما أن ملفه يتضمّن قرارات وسياسات مثيرة للجدل داخليًا وخارجيًا، فاختياره قد يُحتمل أن تُفسّر كدعم لـ “زعيم قومي” أكثر منه لمدافع عن السلام الجماعي.
اللجنة ركّزت في توصيفها على أن Machado قامت بالفعل “بعمل لا يكلّ في تعزيز الحقوق الديمقراطية” وليس بالحديث فقط
في المقابل، غالبًا ما يُنتقد ترمب بأنه يعلن استحقاقه للجائزة ويبرز مبادرات مفترضة، لكن الأدلة الملموسة على عمليات وساطة سلمية مستدامة وتحول حقيقي في النزاعات عادة ما تُشوشها حسابات السياسة والدعاية.
قد تضمنت اللجنة في تقييمها البعد الأخلاقي والشخصي: Machado تعرّضت للمنع القانوني، الاعتقال المحتمل، اختبأت خوفًا على حياتها، لكنها لم تفرّ من الداخل. في عالم السياسة الدولي، هذا النوع من المخاطر يعطي الجائزة وزنًا إضافيًا كإقرار بالشجاعة
من جهة أخرى، ترمب، بوصفه رئيسًا سابقًا يملك حماية ودعمًا دوليًا، لا يُقدّم رواية تضحية شخصية واضحة بنفس الدرجة، بل يُقيم معركة من موقع قوة.
اختيار Machado يُرسل إشارة قوية إلى العالم: في زمن يُعاد فيه التشكيك بديمقراطيات كثيرة وتتصاعد النزعات الاستبدادية، الجائزة تفضّل من يقف ضد تلك الأنماط. كما أن منحها لزعيمة معارضة يُظهر أن نوبل لا تسعى لتكريم الزعماء الكبار فقط، بل النشطاء الذين يكافحون من داخل الأنظمة.
كما أن في الاختيار بعدًا محايدًا غير مستقطب: فالتصادم مع ترمب سيُثير انتقادات، لكن منح الجائزة لشخص لا يملك دولة كبرى خلفه، بل مقاومة مجتمعية، يحافظ على مظهر الحياد.
من الناحية الجيوسياسية، جائزة Machado تضع الأزمة الفنزويلية في دائرة الضوء، كما تتيح فرصة للدبلوماسية الدولية للتضامن مع الشعب الفنزويلي في نضاله على الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إذا فازت ترمب، فسيلقى الأمر بأن الجائزة دعمت رئيسًا أمريكيًا يبحث عن شرعية دولية – وهو ما قد يُشوّش فكرة الجائزة كمكافأة مستقلة محايدة.
تداعيات الفوز على المشهد الدولي والفنزويلي