كيف ينحو الرد اللبناني على الورقة الفرنسية؟

لعل حكومة تصريف الاعمال برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي احرجت على نحو غير متوقع بالتصريحات من وزير الخارجية في الحكومة عبدالله بو حبيب كما من تصريحات وردت ايضا على لسان الرئيس نبيه بري حول عدم تسلمه الافكار الفرنسية على نحو رسمي، ما ادى الى وضع السفارة الفرنسية الافكار التي بحث فيها وزير الخارجية ستيفان سبجورنيه في اثناء زيارته لبيروت في ورقة ارسلتها السفارة الى وزارة الخارجية التي سيعود اليها ان تقدم الرد في المقابل الى السفارة.

كانت الافكار لتأخذ مداها في اخذ ورد متبادلين على الصعيد الديبلوماسي وانضاج الافكار قبل الاضطرار الى الرد كتابة على الافكار الفرنسية.

وذلك فيما استبقت الردود السياسية الرافضة للورقة او المتحفظة بقوة عليها الرد المتوقع للحكومة بما يضطرها حكما الى عدم تجاهل هذا الرفض انما جنبا الى جنب مع التمايز على قاعدة الحرص على اخذ رأي القوى السياسية الاخرى الراغبة في انهاء التوتر في الجنوب واعادة العمل بالقرار.

بعض المعطيات تدحض ما يساق سياسيا لجهة ان الجانب الفرنسي يتحرك بمعزل عن الجانب الاميركي فيما انه نقل عن السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو تأكيده ان الجانب الاميركي اطلع على هذه الافكار التي صيغت في ورقة اندرجت تحت عنوان لاورقة.

وثمة عنصران اخران احدهما يتصل بان الجانب الفرنسي مهتم بمعرفة ملاحظات السلطة في لبنان على الافكار التي تم ايرادها والاخر يتصل بعدم التشدد الفرنسي بالحصول على جواب ضرورة.

ولكن السياق التي توالت فيه الامور حتمت ذلك وهناك جواب مرتقب من غير المتوقع ان يندرج من ضمن الاتجاه لرفض هذه الافكار حتى لو ان بعض المواقف لا سيما تلك التي تدور في فلك "حزب الله" اوحت بذلك من خلال اعتبار ان الافكار الفرنسية مرفوضة في الشكل قبل المضمون المتحفظ عليه كذلك ان لم يكن اكثر. فاللاورقة هي افكار تخضع في العادة الى مداولات وتعديلات كثيرة قبل ان تصبح مقبولة اذا كان هناك نية في اعتماد هذه الوساطة للحل.

بداية في العنوان الذي تحمله الورقة الفرنسية حول الوصول إلى تدابير أمنية بين لبنان وإسرائيل لإعادة الهدوء والاستقرار إلى الجنوب، على أساس أنه يثير التساؤلات حول مفهوم " ترتيبات أمنية بين البلدين " .

لم تذكر الورقة سوى في المقدمة تفاهم نيسان العام 1996 وتشكيل مجموعة مراقبة تتألف من الولايات المتحدة وفرنسا ولبنان واسرائيل تكون مهمتها مراقبة تنفيذ الترتيبات الامنية والتعامل مع الشكاوى التي يمكن ان تقدمها الاطراف، فيما ان الظروف الراهنة باتت مختلفة جدا عن ظروف 1996 حين كانت اسرائيل لا تزال تحتل اجزاء كبيرة من لبنان وكان هدف التفاهم تحييد المدنيين وحمايتهم وفيما ان القرار 1701 اهم كاتفاق من تفاهم نيسان ولو انه لا تزال هناك اراض لم تنسحب منها اسرائيل. وهذه الافكار التي لم تربط بين انهاء الحرب على غزة وبدء العمل بها، تحدثت عن ان الهدف " سيكون فرض وقف محتمل للنار ، عندما تكون الظروف مناسبة " .

اهم ما تمت ملاحظته هو لجهة ما هو مطلوب من الجماعات المسلحة اللبنانية ( اي من " حزب الله " ) في المرحلتين الاولى والثانية وهذه تمتد على ثلاثة ايام " وقف العمليات العسكرية داخل إسرائيل وفي المناطق المتنازع عليها." ف " تفكيك كافة المباني والمرافق القريبة من الخط الأزرق . وهذا يشمل الحاويات والأبراج الصغيرة والخيام. والانسحاب لمسافة لا تقل عن 10 كيلومترات شمال الخط الأزرق، جميعها 1) القوات القتالية بما في ذلك أفراد ميليشيا الرضوان 2) القدرات العسكرية بما في ذلك قدرات النيران العميقة والأنظمة المضادة للدبابات" . فيما ان المطلوب من اسرائيل في المرحلتين الاولى والثانية " وقف العمليات العسكرية في لبنان بما في ذلك الغارات الجوية على الأراضي اللبنانية" ف " وقف التحليق فوق الأراضي اللبنانية" . فيما ان لبنان سبق ان ابلغ كل زواره الديبلوماسيين موقفه القاضي بضرورة وقف الهجمات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية بداية ثمّ الانتقال بعد ذلك إلى بحث تفاصيل تسهم في تطبيق القرار الدوليّ 1701. فيما تواتر الكلام على السنة مسؤولين في الحزب او سواهم ان هذه التفاصيل تترجم حرفيا ما ترغب اسرائيل في حصوله وما تود ترجمته على الجانب اللبناني من الحدود. وهو ما لا يمكن قبوله في هذا السياق تحديدا . وفيما ان موقف لبنان الرسمي يتحدث عن انسحاب اسرائيل من كل النقاط المتنازع عليها على طول الخط الازرق وصولا الى تلال كفرشوبا ومزارع شبعا من ضمن تنفيذ القرار 1701 الذي تضمن انسحاب اسرائيل من لبنان .

و لا اشكالية مبدئية في نشر " ما يصل إلى 15000 جندي من القوات المسلحة اللبنانية إلى جنوب #نهر الليطاني، بما في ذلك على طول الخط الأزرق بدعم من قوات اليونيفيل والشركاء الآخرين فيما تتطلب هذه الخطوة اجراءات لحظتها الورقة الفرنسية لجهة " بذل جهد دولي وتجسيده في شكل مجموعة دعم تتألف من شركاء مهتمين بهدف دعم انتشار القوات المسلحة اللبنانية في #جنوب لبنان (التمويل والتدريب)" علما ان انتشار الجيش منذ 2006 لم يصل الى هذا الرقم ابدا وليس في منطقة محددة في الجنوب على هذا النحو .

لا تتوقع مصادر سياسية ان يتناول الرد اللبناني على الافكار الفرنسية نقطة وراء اخرى بالتفصيل باعتبار انها افكار وليست مشروعا امام مجلس الامن يتطلب ضرورة تفنيدا لكل منها بل ربما يكون الرد كليا علما ان السياق للمرحلة الثالثة التي اوردت الورقة مدتها ب10 ايام وتحدثت عن " إسرائيل ولبنان بدعم من اليونيفيل" حول "استئناف المفاوضات حول ترسيم حدودهما البرية بطريقة تدريجية، على أساس المفاوضات التي جرت منذ عام 2017 مع التركيز أولاً على المنطقة التي تمت مناقشتها بالفعل في إطار آلية اليونيفيل الثلاثية في عام 2018. والدخول في مفاوضات حول خارطة الطريق لضمان التحديد بين الخط الأزرق ونهر الليطاني " لم يخل من ملاحظات من جانب نواب ومسؤولين قريبين من الحزب كذلك .