كتب وليد حسين في المدن:
نحو 4 آلاف أستاذ متقاعد بالتعليم الخاص سيمضون مع عائلاتهم عطلة الأعياد بمبلغ يتراوح بين ثلاثين وأربعين دولاراً، حُوِّلت لهم كمعاش تقاعدي عن شهر آذار. فقد تمنعت أكثر من خمسمئة مدرسة خاصة عن دفع متوجباتها للصندوق الخاص في صندوق التعويضات، ما حال دون تمكن الصندوق من مضاعفة المعاش ست مرات، حسب التعهد الذي وقعته بمعية وزير التربية عباس الحلبي.
لائحة بالمدارس الممتنعة
سبق وتعهدت المدارس الخاصة أمام وزير التربية عباس الحلبي بدفع 60 ملياراً شهرياً في حساب مصرفي خاص، توضع بتصرف صندوق التعويضات، كي يتمكن من دفع الرواتب الستة لكل أستاذ متقاعد. ووقع ممثلو المدارس بروتوكولاً مع نقابة المعلمين في هذا الشأن. لكن في ظل عدم التزام نحو خمسين بالمئة من المدارس بهذا الاتفاق، تم تحصيل 120 مليار ليرة في الفصل الأول، فيما كان يفترض أن يحصّل 180 ملياراً. ولم يتمكن الصندوق من دفع إلا مستحقات شهرين للمتقاعدين (كانون الثاني وشباط). أما عن شهر آذار، فقد اكتفى الصندوق بتحويل المعاش التقاعدي الهزيل والوحيد للأساتذة، الذي يتراوح بين مليون ونصف المليون وأربعة ملايين ليرة، حسب رتبة كل أستاذ متقاعد.
وحسب لائحة حصلت عليها "المدن"، تبين أن 650 مدرسة لم تدفع المتوجبات، ما أدى إلى عجز كبير حال دون تمكن صندوق التعويضات من دفع مستحقات شهر آذار (ستة رواتب). وحول لائحة المدارس الممتنعة عن الدفع، أكدت مصادر مطلعة أن العديد من المدارس عادت ودفعت المتوجبات (نتحفظ عن نشر اللائحة وفضح هذه المدارس بالاسم لعدم التمكن من إحصاء كل المدارس التي دفعت).
تبين أن نحو مئة مدرسة عادت ودفعت المتوجبات، ولا سيما في الأسبوع الفائت، ما خفض عدد المدارس الممتنعة إلى نحو 550 مدرسة. لكن الملفت في هذه اللائحة أن مدارسَ مهمة، ومن كبرى المدارس في لبنان، لم تدفع مبالغ زهيدة رغم أقساطها المدرسية الفلكية. ولم ترضخ إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على توقيع الاتفاق. علماً أن بعض هذه المدارس كانت على رأس المدارس التي أبلغت الأهل مؤخراً بالزيادات على الأقساط للعام المقبل، مثل الكوليج الدولية (IC) والليسيه عبد القادر. ورغم أن مدرسة مثل الكوليج الدولية (IC)، وهي إحدى كبرى المدارس في العاصمة بيروت (يبلغ القسط المدرسي فيها نحو سبعة آلاف دولار، ورفعت القسط للعام المقبل إلى أكثر من عشرة الاف دولار)، كانت ممتنعة عن الدفع حتى الأسبوع الفائت. هذا رغم أن المبلغ عن سنة كاملة يقتصر على نحو 26 ألف دولار (لدى المدرسة 2797 طالباً، عليها دفع 900 ألف ليرة فقط عن كل طالب بالسنة).
تهديدات الوزير الحلبي
تضم اللائحة التي حصلت عليها "المدن" كوكبة من المدارس الكبرى في البلد مثل الليسيه حناوي والليسيه ناسيونال وثانوية القلعة وغيرها من المدارس التي تمثل كل الطوائف والأحزاب. أدت الضغوط الأخلاقية التي حصلت مؤخراً إلى مراجعة العديد منها حساباتها، وراحت تفرج عن الأموال المطلوبة منها.
ووفق المصادر، ارتفع عدد المدارس التي دفعت المستحقات في الأسبوع الفائت بشكل ملفت، بيد أن العطلة المدرسية التي تمتد لنحو أسبوعين ستؤخر الدفع. هذا رغم أن تاريخ 15 نيسان المقبل هو موعد دفع مستحقات الفصل الثاني. وما زالت المدارس متخلفة عن دفع مستحقات الفصل الأول.
وتؤكد المصادر، أنه في حال بقيت نسبة المدارس الممتنعة كما هي حالياً، يصبح الصندوق عاجزاً عن دفع مستحقات شهرين، وحتى نهاية الفصل الثالث يصبح العجز ثلاثة أشهر. فبعد تلقي مستحقات الفصل الثاني سيتمكن الصندوق من دفع مستحقات شهري آذار ونيسان فقط، فيما كان من المفترض، بحسب البروتوكول، أن تشمل التغطية شهري أيار وحزيران.
ووفق مصادر صندوق التعويضات، فإن وزير التربية عباس الحلبي عازم على رفع لائحة بكل المدارس التي لم تدفع حتى تاريخ 15 نيسان لسحب تواقيع مدرائها. فمنذ نحو عشرة أيام أقدم الحلبي على سحب تواقيع 120 مدرسة كإجراء تحذيري، فبدأت المدارس بدفع المستحقات. والتلويح الحالي بسحب تواقيع كل المدارس الممتنعة من شأنه رفع نسبة المدارس التي ستدفع.
الميقاتي والحلبي يتحملان المسؤولية
في المقابل، يقلل المتابعون للملف من تأثير تهديدات الوزير الحلبي. فعندما أشرف الحلبي على توقيع البروتوكول بين المدارس ونقابة المعلمين اعتبر أنه إنجاز. علماً أنه تلقى تحذيرات من نقيب المعلمين نعمة محفوظ بأن العديد من المدارس لن تدفع، وتلقى تحذيريات من اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور من أن المدارس ستحمّل الأعباء لأهالي الطلاب. وهذا ما حصل خلال الشهرين الفائتين، رغم ثقة الحلبي الزائدة بنفسه حينها، بأن أي من الأمرين لن يحصل. عملياً تبين أن خمسين بالمئة من المدارس لم تدفع المتوجب عليها، فيما باقي المدارس حملت الأعباء لأهالي الطلاب بطرق ملتوية أو بطرق مباشرة وعلانية. فجزء من المدارس أبلغ الأهل رسمياً وخطياً بدفع مبالغ إضافية على الأقساط لصالح صندوق التعويضات، والجزء الآخر طلبها من دون رسائل خطية.
ويؤكد المتابعون أن مسؤولية تعسف المدارس تقع على طرفين أساسيين: وزير التربية، الذي عمل على البروتوكول، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي رد قانون صندوق التعويضات الصادر عن المجلس النيابي. فرد القانون أعفى المدارس من الحصول على براءة ذمة مالية ودفع مساهمات قانونية لصالح صندوق التعويضات، وبروتوكول الحلبي "الحبّي" أباح للمدارس البطش بالأساتذة المتقاعدين وبأهالي الطلاب معاً.