"لافاجيت" تصعّد والاتحاد أمام أزمة نفايات مرتقبة في طرابلس

يحاول اتحاد بلديات الفيحاء تجنّب كارثة بيئية، في حال أكملت شركة لافاجيت بقرارها التوقّف عن العمل ابتداء من الاثنين المقبل؛ إذ لن يكون مستبعداً أن تغرق طرابلس، الميناء، البدّاوي والقلمون في نفاياتها خلال أسبوع على أقرب تقدير، بعد أن قرّرت شركة لافاجيت، المسؤولة عن جمع النفايات وتنظيفها، تصعيد مواقفها المطالبة بحلّ لأزمة عقد تشغيلها.

وأوضحت الشركة في بيانها، أنّ إضرابها يأتي احتجاجًا على الأزمة المالية المستمرّة منذ انتهاء عقدها في شهر حزيران الماضي، وعدم اتخاذ الجهات المعنيّة أي قرار يقضي بتمديد العقد معها "مؤقتًا" لحين إجراء مناقصة جديدة وتكليف شركة بديلة بأعمال الكنس وجمع النّفايات. 

ولكن، تعتقد أوساط طرابلسية أن بيانات الشركة المتكرّرة وتصعيدها الأخير بالتوقف عن العمل، تُستعمَل وسيلةَ ضغطٍ لتمديد العقد معها، في محاولة للحفاظ على موقعها داخل الاتحاد ومنع إدخال أيّة شركة بديلة عنها.

 

طفح كيل لافاجيت

أسباب كثيرة دفعت بشركة لافاجيت لاتخاذ قرار الإضراب عن العمل لحين جلاء الصورة، يشير لـِ "لمدن" المدير العام للشركة في طرابلس الجنرال سعيد الرز، ويؤكّد أن الشركة استمرت خلال الأشهر الماضية في تنفيذ التزاماتها بالرغم من عدم وجود غطاء قانوني أو مالي، وتحمّلت أعباء تشغيلية باهظة تشمل كلفة صيانة الآليات، تأمين مادة المازوت، ودفع أجور العمال.

ويشير الرز إلآ أنّ المطالبات لم تلق تجاوباً؛ لا بل استمر التجاهل والتأخير في حسم الملف، فوجدت الشركة نفسها "مضطرةً لوقف الأعمال موقتًا وبدء إضراب شامل ابتداءً من صباح يوم الاثنين الواقع فيه 3 تشرين الثاني 2025 ، وذلك إلى حين معالجة المسألة واتخاذ القرار اللازم بشأن العقد".

وعن استكمال الأعمال على الرغم من انتهاء العقد في حزيران ومهل التمديد، يشرح الرز أنّ الشركة استمرت في ممارسة واجباتها كاملة "بناء على تمنّي البعض وتركت المجال مفتوحاً للتسوية بوصفها بادرة حسن نية، لكن اليوم نجد أنفسنا أمام طريق مسدود". 

ويضيف: "النفايات مشكلة لا تحتمل التأجيل، ولا بد من أن تكون لها الأولوية والأهمية لدى الاتحاد ووزير الداخلية".

 

الاتحاد منفتح على الحلول

لا يخفى على الاتحاد الجديد أن النفايات مشكلة المشكلات، وحلولها يجب أن تبتّ سريعاً لأنّها قد تتحوّل إلى كارثة بيئية وصحيّة. في هذا السياق يؤكّد رئيس اتحاد بلديات الفيحاء وائل زمرلي، في حديث لـِ "لمدن"، أن الاتحاد يعمل ضمن القنوات القانونية المسموح بها، لافتاً إلى أنّه لا يقبل أن تكون صحة الناس وسيلة ضغط. ويطمئن أن الموضوع أصبح في عهدة وزير الداخلية الذي يصادف أنّه مسافر "ونحن على ثقة من حلّه للأمور فور عودته".

ويشير زمرلي إلى أنها ليست المرة الاولى التي نتلقى فيها كتاباً من شركة لافاجيت تعلن فيه إضرابها عن العمل، "هذا سادس كتاب خلال شهرين، لكن يصار إلى حلحلة الموضوع لأن موضوع النفايات لا يحتمل التأجيل".

وعن تجديد العقد مع الشركة، يلفت زمرلي إلى أنّ الإتحاد "يراعي ظروف الشركة، ولكن ما يهمّنا مصلحة أهالي المدينة، لذا نعمل على تجديد العقد بأقرب وقت ممكن".

 

المناقصة حرب باردة

حاول الاتحاد الحالي إطلاق مناقصة منذ شهرين، ففتحت عليه الحرب، فهناك في المدينة من انزعج، مع أن الإتحاد يسعى لعقد متطوّر يلبّي متطلبات المدينة، يقول زمرلي، مشيراً إلى أن المناقصة لو تمّت منذ 10 أشهر "كان مشي الحال".

في سياق متّصل، يشير مصدر بلدي مطّلع لـِ "المدن" إلى أن وجود شركة لافاجيت في الفيحاء يتقاطع مع مصالح سياسيين شماليين وطرابلسيين تحديداً، ولا مصلحة لهؤلاء في دخول شركة جديدة على الخط، لا سيما مع اقتراب الانتخابات النيابية؛ إذ يصنّف شركة لافاجيت من المفاتيح الانتخابية الضخمة. ويضيف: "هناك محاولات لخلق شركة جديدة تدخل المناقصة، لكن لم تتبلور بعد".

ويلفت إلى أن شركة لافجيت تهيمن على قطاع النفايات في بلديات الفيحاء منذ أكثر من عقدين من الزمن، وكلما انتهى عقدها يصار إلى تجديده، معتبراً أنّ أيّة مناقصة تهدّد وجودها ستحاربها بكل الوسائل وستضغط بشتى الطرق لتجديد عقدها. 

ويصف المصدر نفسه ما يجري اليوم بالحرب الباردة التي فتحتها مناقصة الإتحاد، وستستمر حتى إفشالها والتجديد لشركة لافاجيت. ويطالب الاتحاد بعدم الرضوخ، لا سيما أنّ من واجبه إيجاد حلول غير التمديد ليصار إلى اجتراح حلّ مستدام.