لا إيجابية حقيقية...التفاؤل الرئاسي فقاقيع صابون وإسما بري مرفوضان داخلياً وخارجياً

قبل عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، دخل المعنيون بالاستحقاق الرئاسي اللبناني في سباق مع الوقت، فانتعشت الحركة الرئاسية في أكثر من اتجاه. وبين عين التينة ومعراب، وبين البياضة وعين التينة، كانت الحركة ناشطة.

لقاء موسى والحكيم
الخماسية التي زارت عين التينة، سبقتها زيارة السفير المصري علاء موسى لمعراب حيث التقى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

كان موسى حريصاً على إشاعة أجواء إيجابية عن اللقاء والإيحاء أنّ مضمونه حمل معطيات مهمّة من خلال قوله أنّ "التواصل مع الحكيم هو دائماً أمر مهم". وأنّه أنصت إلى ما قال "أنّها أفكار جيدة ومبشرة وتوجه إيجابي جداً" عرضه جعجع في الشأن الرئاسي.
لكنّ هذه الأجواء "الشكلية" المتأمّلة خيراً، لم تعكس مضمون ما تمّ تداوله في اللقاء. في جوابها على أسئلة "المدن"، كشفت أوساط معراب أنّه "بصراحة تامة، لم يحمل اللقاء أيّ جديد إنّما المزيد من الإصرار على إتمام هذا الاستحقاق، ومحاولة تذليل العقبات في المكان الذي يمكن أن توجد فيه. وبالتالي أعرب السفير المصري عن كامل استعداد الخماسية للمساعدة في هذا الاتجاه".
فسمير جعجع الذي يلوّح بالترشح إذا لم تذلّل "العقبات" التي ترى معراب أنّ ثنائي أمل حزب الله، ولاسيما حزب الله، لا يزال يضعها أمام انتخاب الرئيس، بإصراره على التذكير في كلّ مناسبة، أنّه متمسّك بمرشحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، يعتبر أنّ هذا الفريق مطالب اليوم أن يأخذ بعين الاعتبار كلّ المتغيّرات والتطورات في لبنان والمحيط. جعجع سأل ضيفه في هذا الإطار "هل هذا الفريق في وارد الذهاب إلى مشروع دولة".
وترى أوساط معراب "هنا تستطيع الدول وسفراء الخماسية لعب دورهم إلى جانب الاتصالات والخطوط المفتوحة مع الرئيس نبيه بري ومع غيره"، على اعتبار أنّ الخماسية بمن تمثّل يمكنها أن تلعب دوراً أساسياً للتأكيد على أنّ أيّ مرشح لا يتمتع بالمواصفات المطلوبة، لن يحصل على موافقة ولا دعم المجتمع الدولي، لا المالي ولا غير المالي. ولا حتى على إعادة الإعمار أو إعادة احتضان لبنان.

الخماسية شهود زور؟
صحيح أنّ الرئيس بري قال بعد استقباله سفراء الخماسية أنّ اللقاء كان جيداً، وأنّه دعاهم لحضور جلسة التاسع من كانون الثاني العام المقبل "ليكونوا شهوداً على الحضور والنصاب والانتخاب، "لكنّ هذا الكلام لا يعني بالضرورة أنّ انتخاب الرئيس مؤكّد وأنّ الرئيس بري يعطي إشارة حسم في هذا الاتجاه".

في لقاء الرئيس بري والنائب جبران باسيل، كان النقاش مطوّلاً وغاص في تفاصيل رئاسية كثيرة، كما تطرّق إلى الأسماء التي أصبحت محصورة أكثر، بما هو المطلوب في هذه المرحلة، أي المواصفات، وأهمية التوافق. وفي هذا المجال تقول مصادر مطلعة على المحادثات الرئاسية "لكنّ الواقع يبقى حتّى الساعة مخالفاً لما يظهر في العلن".
وتضيف "لا إيجابية حتى الساعة غير أنّ هناك قراراً من اللجنة الخماسية بمن تمثل، بأن تشارك الكتل كافة في جلسة التاسع من كانون الثاني، يريد الخارج وبعض الداخل أن يعكس موقفاً سياسياً جامعاً وتوافقاً على عدم تعطيل جلسة انتخاب الرئيس، وعلى بدء مسار جدي على طريق انتخاب هذا الرئيس، في حال تعذّر انتخابه في الجلسة المنتظرة".

خرق وحيد وإيجابية شكلية
تكشف الأوساط المطّلعة على جولة المحادثات المكّوكية التي شهدتها المقرّات السياسية الأربعاء أن "لا إيجابية حقيقية، ولا أسماء محسومة حتّى الآن".

الأسماء الأكثر تداولاً في النقاشات لا تتعدّى الخمسة، وهي الوزير السابق زياد بارود، النائب نعمت افرام، قائد الجيش العماد جوزف عون، المدير العام للأمن العام بالوكالة اللواء الياس البيسري، ومدير المخابرات السابق جورج خوري، "يركز الرئيس بري على اثنين منهم هما اللواء البيسري والعميد خوري. وهذان الإسمان لا توافق حولهما لا في الداخل ولا في الخارج،" تجزم الأوساط.
ولهذا إلى الآن "كلّ ما يحصل هو كلام بكلام وفقاقيع صابون. كأنّ هناك من ينتظر اقتراب موعد الجلسة ليشكّل ضيق الوقت عامل ضغط على الجميع لإحراجهم ووضعهم أمام أمر واقع ما".
لا شيء أمّن إلى اليوم أيّ نوع من التوافق الحقيقي، لا بين كتل معينة ولا على مستوى الكتل كافة. وبالتالي لا يمكن الحديث عن أكثريات وإن متفاوتة حول اسم أو أكثر. تقول الأوساط "هناك أسماء تحظى بتوافق كتلتين ولكن لا يحظى أيّ من الأسماء المطروحة على أكثرية ثلاث كتل على الأقل، أو على الأكثرية الانتخابية المطلوبة".

في العام 2016، عندما استوت تسوية انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، لم تقاطع أيّ كتلة جلسة الانتخاب. لكن وقتها نزل نواب كتلة التنمية والتحرير إلى ساحة النجمة، كما نزل سليمان فرنجية وحلفاؤه. أمّنوا النصاب. لكن الأولى أعلنت أنّها ستقترع لفرنجية وهذا ما حصل. والثانية اقترعت بورقة بيضاء.
اليوم وبعد الخسائر التي يراكمها السياسيون والأزمات التي يتسبّبون فيها، من استمرارهم بمنع الإصلاح والنهوض بالاقتصاد ووقف الفساد بعد انهيار تشرين الأول 2019، وصولاً إلى جبهة الإسناد والحرب المدمّرة التي جرّ حزب الله لبنان إليها، وما تبعها من تطويق له ولسلاحه، وعطفاً على أزمة النزوح السوري المستجدّة المضافة إلى أزمة النزوح الأولى التي لم تعالج منذ العام 2011، هل سيتكرّر مشهد الـ2016 بتأمين كامل نصاب الجلسة ولكن يقترع البعض من خارج التوافق العام أو بالورقة البيضاء، وذلك لأنّ الجميع يدركون أنّه لا يمكنهم الرهان بعد الآن على مزيد من الوقت ولا على موازين قوى جديدة من هنا وهناك.