المصدر: النهار
الكاتب: سابين عويس
الاثنين 7 تشرين الأول 2024 08:38:14
منذ أن أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتفاقه مع رئيس المجلس نبيه بري على تأكيد تعهّد لبنان الالتزام بوقف النار، كما جاء في المقترح الأميركي الفرنسي الصادر عن البيت الأبيض بنتيجة مناقشات جرت في نيويورك على هامش الجلسة الاستثنائية لمجلس الأمن الدولي، وبدء تطبيق القرار الدولي 1701، عبر إرسال الجيش إلى الجنوب، تمحورت الاستفسارات حول مدى قدرة الحكومة على الالتزام بوقف النار أولاً، ما دام هذا القرار في يد "حزب الله"، وهو الذي يملك الكلمة الفصل في قرار السلم أو الحرب، وعن مدى قدرتها على تطبيق قرار مجلس الأمن ثانياً، بما أن هذا القرار يقضي بسحب سلاح الحزب، وعن مدى قدرتها ثالثاً على إرسال الجيش الى الجنوب، والقرار يقضي بنشر 15 ألف جندي تؤازرهم قوات الطوارئ الدولية المنتشرة على طول الخط الأزرق.
ما يجعل السؤال مبرراً اليوم، ما الذي دفع ميقاتي إلى إعلان هذا الالتزام، مع علمه المسبق بعجز حكومته عن التنفيذ؟ وهل إعلانه ذلك الاجتهاد من عين التينة وباتفاق وتنسيق مع بري يعكس أن رئيس المجلس بما وبمن يمثل في الثنائي الشيعي إلى جانب الحزب قد وافق على هذا الالتزام، مخرجاً للمأزق الذي بلغته الحرب مع إسرائيل؟
مصادر ديبلوماسية مطلعة أكدت لـ"النهار" أن لا قرار من الحزب بتطبيق القرار الدولي، وفق مندرجاته التي تنص على سحب سلاحه وظهوره المسلح في الجنوب. وكشفت أن لا تعديلات مطروحة أو يجري النقاش فيها مع الحكومة، على نحو يرضي الجانب الإسرائيلي. وقالت إن المفارقة المؤسفة أن كل فريق من فريقي الحرب يقرأ القرار الدولي ويفسره على طريقته، وبما يتماشى مع مصلحته. ما يؤكد تعذر الوصول إلى توافق على التطبيق. فالقرار يطالب إسرائيل بوقف خروقاتها واعتداءاتها البرية والبحرية والجوية، كما يطالب الحزب بوقف التسلح وسحب السلاح، ووقف الاعتداءات على الحدود أو على القوات الدولية. لا يلتزم الفريقان هذه البنود، فيما الحكومة عاجزة عن إرسال 15 ألف جندي للانتشار. فهي بالكاد تمكنت من تطويع 1500 عنصر في ظل الإمكانيات المتواضعة جداً لتمويل هؤلاء، وغياب الدعم المالي الدولي رغم الحرص المتكرر للأسرة الدولية على ضرورة تسليح الجيش ليقوم بمهماته.
وبحسب المصادر، فإن التطبيق الفعلي للقرار الدولي، نصاً وروحاً، يقتضي بداية وقف العمليات العدائية للانتقال إلى إقرار وقف نار نهائي، يصار بعده إلى بدء التنفيذ العملي لجهة ألا يبقى أي سلاح جنوبي الليطاني، وأن تكف إسرائيل عن اعتداءاتها.
أكثر ما يلفت المصادر أن ما وصل إليه لبنان اليوم، لم يكن مفاجئاً لا للسلطة السياسية ولا للحزب، بل كان متوقعاً، بعدما تبلغه لبنان على لسان أكثر من موفد ومسؤول دولي.
وتكشف المعلومات في هذا الإطار أن الفرنسيين لم يألوا جهداً في كل زيارة أو اتصال أو تشاور لنقل التهديدات الإسرائيلية، وتحذير الحزب ولبنان من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي لن يرتدع، ولن تكون هناك إمكانية للجمه، حتى أميركياً، وأنه سينتقل الى شن حربه على لبنان بعد أن يفرغ من غزة. لكن كل تلك التحذيرات لم تلق صدى لدى الحزب، الملتزم بالأجندة الإيرانية بتوحيد الساحات ورفض وقف حرب الإسناد إلا مع وقف النار في غزة.
وتضيف المعلومات أن الورقة الفرنسية المنسقة مع الاميركيين، كانت تقضي في مرحلتها الأولى بسحب قوة الرضوان التابعة للحزب إلى عمق 8 كلم عن الحدود. وقد أبلغ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين ذلك إلى السلطات اللبنانية لإبلاغ الحزب الذي رفض الطلب وظل مصمماً على الاستمرار بشرطي وحدة الساحات ووقف النار في غزة. وفي المعلومات أن لبنان تبلغ أن الضربات الإسرائيلية ستكون مركزة وهادفة، وإذا بها تخرج عن قواعد الاشتباك والسقوف لتطال المدنيين والأحياء والبلدات السكنية، ما يشير إلى أنه لا سقوف ولا خطوط حمراً لدى الإسرائيليين، وهذا يعني استطراداً أن لا قرار دولياً سيُنفذ ولا وقف للنار سيطبق، أقله حتى تنتهي الانتخابات الرئاسية الأميركية. لذلك سيكون الوقت الضائع في الأسابيع القليلة الفاصلة عن الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل أكثر الأوقات خطورة وأشدها ضرراً على لبنان!