المصدر: وكالة الأنباء المركزية
أكثر من قرن مرّ على اتفاقية سايكس بيكو لاقتسام الدول العربية الواقعة شرق المتوسط بين فرنسا وبريطانيا. لكن، مع اشتعال جبهة المنطقة والتطورات العديدة التي طرأت عليها منذ حينه، يتحدّث بعض المراقبين عن سقوط اتفاق سايكس بيكو في شقه السياسي لا الجغرافي، ودخول دول الشرق الأوسط، نتيجة ذلك، مرحلة البحث عن صيغ سياسية جديدة لأنظمتها ضمن حدودها المعترف بها دولياً، من دون تقسيم. فما مدى دقّة هذه النظرية؟
السياسي اللبناني الدكتور توفيق الهندي يعتبر عبر "المركزية" أن "من الصعب التقدير، وكلّ شيء وارد، اذ يمكن أن تتغير بعض الدول حتّى أو أن تنهار، وخلال التاريخ زالت شعوب وإمبراطوريات عديدة. لكن، في كلّ الأحوال أرى أن الوضع في المنطقة متّجه إلى مزيد من التأزّم، والأرجح نشوب حرب ضخمة فيها لن تكون بعيدة، على عكس كلّ التوقعات التي تؤيد احتمال الذهاب إلى اتفاقات ومفاوضات"، لافتاً إلى أن "بات هناك ما يكفي من التناقضات والمشاكل داخل وبين الدول، بحيث من الصعب أن تستمر على هذا النحو. وفي النهاية، الحرب تكملة للسياسة بشكل أو بآخر".
وعن موقع لبنان في هذه الحرب، يرى أنه "سيصارع بالوجود كدولة وشعب وكيان. وكل الأمور ستعود إلى كيفية تصرّف الخارج الإقليمي والدولي تجاه الجمهورية الإسلامية في إيران. أما في حال لم تحدث أي حرب فسيسلك البلد طريق الزّوال".
وفي ما خصّ إمكان ضبط أذرع إيران العسكرية وأداء "حزب الله" في لبنان، يشرح الهندي أن "الحزب أكثر من ذراع، فهو المكوّن الرئيسي لفيلق القدس وفي محور المقاومة. الضبط لا يكفي معه، وطالما سلاحه في يده وطالما الجمهورية الإسلامية الإيرانية قوية وفاعلة سيتحمّل لبنان هذه التبعات على أمل ألاّ يزول".
بالنسبة إلى مفاوضات فيينا، يشير إلى أن "إمكانية وصولها إلى نتيجة كبيرة، إلا أن العكس وارد أيضاً. وحتّى اللحظة الأمور مفتوحة للوصول إلى الاحتمال الأول، خصوصاً أن سياسة الرئيس الأميركي جو بايدن تحبّذ تحقيقه بشتّى الوسائل، وفي هذه الحالة ستحصل إيران على عشرات المليارات من الدولارات المجمّدة في القطاع المصرفي الدولي، وستتمكن في الحدّ الأدنى من استئناف التجارة بالنفط والغاز... ما يساهم في تدفّق الأموال إليها باستمرار وستتمكن من التوصل إلى نتيجة وتضمن تفادي تكرار ما حصل معها في عهد الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب عبر تجميد عملية تطوير تخصيب اليورانيوم إلى الحدّ الذي وصلت إليه، بشكل تكون معاودته الضمانة في حال التراجع عن الاتفاق. وهذا السيناريو سيعطي لإيران قدرة على تحسين وضعها الاقتصادي الداخلي إلى جانب تفعيل فيلق القدس ومحور المقاومة و"حزب الله" المكوّن الرئيس لهما في لبنان".
ويؤكّد ان "من المستحيل لإيران التخلي عن عملية توسّعها في المنطقة وعن تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى العالم، وفق مفهومها، انطلاقاً من المنطقة لا سيما حيث توجد مجموعات شيعية. بالتالي، سيتناقض ذلك بالتأكيد مع العديد من مصالح الدول وتضعها في وضع حرج إن كانت عربية وتحديداً الخليج وإن كانت إسرائيل. لذا، من الصعب ألا يؤدي وضع كهذا إلى حرب مركزها إيران وتمدداتها في المنطقة. وإن لم تصل مفاوضات فيينا إلى نتيجة، تبدأ الدول الأخرى البحث عن طرق أخرى خفيفة لمواجهة إيران".