المصدر: الحرة
الكاتب: باتريك رزق الله
الأربعاء 16 تشرين الأول 2024 21:14:52
فيما تشتدّ حدّة المعارك في الجنوب اللبناني والغارات المتواصلة على مناطق وبلدات في البقاع، وأيضًا في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت حيث عادت الغارات إلى هذه البقعة، الأربعاء، بعد انقطاع دام لمدّة أربعة أيّام متواصلة، يدور نقاش مستمرّ في بيروت حول السباق المستمرّ بين المساعي الدبلوماسية للتوصّل إلى وقف قريب لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، أو التصعيد الكبير المحتمل في الأيام المقبلة.
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أكّد في حديث لوكالة الصحافة الفرنسية استمرار المسعى الدولي من أجل إصدار قرار بوقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 1701 وتعزيز وجود الجيش اللبناني في جنوب الليطاني.
لكن من جهة أخرى اعتبر نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في خطاب متلفز أنّه طُلب من الحزب وقف الحرب والابتعاد أكثر من 10 كيلومترات عن الحدود اللبنانيّة، وألا يعمد إلى استفزاز إسرائيل، لكنّه أصرّ على وقف إطلاق النار في غزّة، مؤكّدا أنّه انتقل من مرحلة مساندة جبهة غزّة إلى مرحلة المواجهة مع إسرائيل.
إزاء هذا الواقع، اعتبر الكاتب والصحافي اللبناني جوني منيّز في حديث لموقع "الحرة"، أنّ كلمة قاسم "التي توجّه بها إلى جمهور الحزب الذي تعب من النزوح ومن تحمّل تبعات الحرب، لا توحي بأنّ هناك حلولا قريبة وأننا ذاهبون نحو الأسوأ، وأنّ الحزب مستمرّ في هذه الحرب وأنّ التسوية مؤجلة في الوقت الحالي"، فيما "لا يزال ميقاتي يحاول اقتناص الفرصة من أجل الوصول إلى تسوية تفضي إلى تطبيق القرار 1701 من دون توسيع بنوده، ونشر الجيش في الجنوب بعد الحصول على مساعدات، وخصوصًا قبل الانتخابات الأميركية".
وعن إمكانية الوصول إلى حلّ دبلوماسي في الأيام المقبلة قال منيّر إنّه "لا يعتقد أنّ الأمور أخذت وقتها باعتبار أنّ إسرائيل قد أعلنت بوضوح أنها تريد مسافة 5 كيلومترات في العمق اللبناني ولهذا السبب طلبت من القوّات الدوليّة الانسحاب بعمق 5 كيلومترات نحو الداخل، وأيضًا أنّ إيران حتى الآن لا تريد أن تخسر، إضافة إلى ورقة حماس التي خسرتها في غزة، ورقة حزب الله بالكامل عند الحدود مع إسرائيل، والأهمّ أنّ طبيعة صراعها مع إسرائيل لم تنتهِ بعد خصوصًا في ظل التهديدات المتبادلة بين الطرفين، ما يعني أنّه حاليًا لن تحقّق الدبلوماسيّة أهدافها، لكن هذا لا يعني أنّها ستتوقّف، بل على العكس، وربما تحتاج هذه الحلول الدبلوماسية للأسف إلى تسخين أكثر وإلى جولة عنف أكبر لكي تنضج أكثر".
كلام منيّز يتناغم مع كلام نائب رئيس تحرير صحيفة "النهار" اللبنانية نبيل بو منصف، الذي يعتبر في حديث لموقع "الحرة"، "أنّه للأسف الشديد لا مكان إطلاقًا للدبلوماسيّة في هذه الفترة، وأنّ التصعيد الحربي إلى تفاقم، وخصوصًا أنّ جميع المبادرات الدوليّة لا تترجم في الواقع بأيّ تحرّك دبلوماسي فعّال، مع العلم أنّ هناك اهتمامًا لدول كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا بالشأن اللبناني، ولكن هذا الأمر لا يقترن بضغط دبلوماسيّ حقيقي، بما يعني أنّ الأمر لا يزال متروكًا للمنحى الحربي ولمجريات الحرب، وهذا أمر بالغ الخطورة".
وأيضًا هو الموقف نفسه للمحلّل السياسي منير الربيع الذي رأى أيضًا في حديث لموقع "الحرة"، "أنّ هناك صعوبة في الوصول إلى حلّ دبلوماسي في هذه الفترة إذ إنّ كل الضغوط الدوليّة التي حصلت باتّجاه لبنان لإعلان وقف لإطلاق النار من جانب واحد لم يوافق عليها لبنان لأنّها تمثّل استسلامًا له ولحزب الله، وكان الردّ من جانبه بأنّ لبنان مستعدّ لوقف إطلاق النار وقد تقدّم بطلب إلى مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار، ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يرفض ذلك بشكل كامل وقد تجلّى هذا الأمر في كلامه للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قال له إنّ إسرائيل ترفض وقفًا أحاديًا لإطلاق النار وأنها تريد أن تضمن عدم قدرة حزب الله على استعادة قدراته العسكريّة وتعزيز وضعه العسكري".
وعن احتمال حصول تصعيد في الأيام المقبلة، يرى جوني منيّر "أنّ لبنان مقبل على التصعيد طالما أنّ الظروف لم تنضح بما فيه الكفاية للذهاب إلى تسوية، وأنّ التصعيد سيكون أكبر وخصوصًا بعد أن تتّضح الصورة أكثر وأكثر في كيفيّة الردّ والردّ المضادّ بين إسرائيل وإيران، وعندها ستصبح الأمور متفرّغة لعمل عسكري أكبر في الجنوب اللبناني، وهو ما يستعدّ له الطرفان، حزب الله وإسرائيل، مع العلم أنّ الواقع الحكومي مريض، وأنّ حكومة تصريف الأعمال شبه مشلولة في ظل الفراغ الرئاسي الذي هو رأس الدولة لكنّها تعمل قدر المستطاع وضمن الإمكانات المتاحة".
وفي الموقف نفسه يرى نبيل بو منصف لموقع "الحرة" أنّه من الواضح "أنّ لبنان مقبل على التصعيد في الفترة المقبلة وربما لفترة طويلة، ويُخشى من استهداف إسرائيلي لمناطق مأهولة بالمدنيّين في عمق المدن والقرى بحجّة إيواء مسؤولين في حزب الله". وتابع "أنّ هناك مؤشرات بأنّ العمليّة البريّة في الجنوب ربما تكون إلى تطوّر في الأيّام المقبلة وأن يحصل توغّل أكبر من قبل القوّات الإسرائيليّة".
أما منير الربيع فيرى لموقع "الحرة" أيضًا "أنّ ما يريده الإسرائيليّون واضح وهو ضرب القدرات العسكريّة لحزب الله، ولكن في المقابل يريد الحزب أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه يوم 6 تشرين الاول، وهذا أمر غير ممكن على المستويين الدولي والإسرائيلي، فالإسرائيليون يرفضون هذه المعادلة، وبالتالي فالحرب مستمرة وقد تكون طويلة ولا نعرف مآلاتها حتى الآن".
وعن دور الحكومة اللبنانيّة، رأى بو منصف في حديثه لموقع "الحرة" "أنّها في حالة عجز وأنّها ليست بمستوى الحرب كونها لم تقدم لغاية الآن على إعلان موقف صادم يمسك الأزمة من عنقها، وهذا يكون من خلال الإعلان أنّها وحدها صاحبة السلطة في جنوب لبنان عبر الجيش اللبناني وقوات اليونيفل، وأن تطلب من حزب الله الانسحاب من جنوب الليطاني، وهذا يوقف الحرب الإسرائيليّة، لكن من الواضح أنّ هذه الحكومة أعجز من أن تقوم بهذا الأمر".