المصدر: الانباء الكويتية
الكاتب: داود رمال
السبت 6 كانون الاول 2025 23:27:44
يقدّم لبنان مقاربة واضحة وحاسمة حيال تنفيذ القرار 1701 واتفاقية وقف الأعمال العدائية قائمة على التمسك بالقانون الدولي، واستعادة الاستقرار جنوبا، وتثبيت حقه في أرضه وسيادته.
وفي اللقاءات التي جمعت المسؤولين اللبنانيين بوفد سفراء وممثلي بعثات الدول الأعضاء في مجلس الأمن، سعى لبنان إلى ترسيخ مسار ديبلوماسي يخرج الجنوب من دوامة المواجهات، ويعيد ضبط الإطار الذي يحكم علاقة لبنان بالقرار الدولي وآليات تطبيقه.
وقال مصدر سياسي رفيع لـ«الأنباء» إن «المرتكز الأول في الموقف اللبناني يتمثل في المطالبة بضغط دولي مباشر على إسرائيل لوقف اعتداءاتها ووقف النار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة، إذ تعتبر بيروت أن نجاح مسار 1701 يحتاج قبل أي شيء إلى التزام إسرائيلي كامل بوقف الأعمال العدائية، وأن الاستقرار جنوبا يبقى هدفا بعيد المنال طالما أن الاحتلال مستمر في بعض النقاط الحدودية المتنازع عليها، ما يجعل من وقف النار الفعلي شرطا أوليا لأي نقاش آخر».
وتابع المصدر أن «لبنان يضع تنفيذ القرارات الدولية في صلب رؤيته للاستقرار، مع تأكيده أن التنسيق مع اليونيفيل يتم على أعلى المستويات، وأن الجيش يشكل العمود الفقري لآلية تطبيق 1701. وأن المؤسسة العسكرية قامت بانتشار واسع في جنوب الليطاني منذ إعلان وقف الأعمال العدائية في خريف 2024، وقدمت تضحيات أثناء مصادرة السلاح وتفتيش الأنفاق ومنع المظاهر المسلحة، إلا أن الاحتلال يمنعها حتى الآن من استكمال الانتشار الكامل على الحدود».
وأضاف المصدر أن «خيار المفاوضات يشكل حجر الأساس في المقاربة الجديدة التي تتبناها الدولة اللبنانية، فلبنان اتخذ قرارا استراتيجيا بالمضي في هذا المسار بلا رجعة، باعتباره السبيل الوحيد لتجنب جولة جديدة من العنف. ولأن لبنان مقتنع بأن مسار التفاوض هو الذي يضمن له استعادة حقوقه من دون الانزلاق إلى حرب لا يريدها. ومن هنا جاء تكليف شخصية ديبلوماسية سابقة بقيادة الوفد اللبناني، بما يعكس بداية فصل جديد من التفاوض يهدف إلى وقف الاعتداءات، واستعادة الأسرى، وترتيب الانسحاب من الأراضي المحتلة، وتصحيح النقاط المختلف عليها عند الخط الأزرق. غير أن كل ذلك يبقى رهنا بموقف إسرائيل وإرادتها في الالتزام بآلية جدية تفضي إلى نتائج عملية».
وأشار المصدر إلى أن «ملف إعادة الإعمار وعودة الأهالي يشكل أولوية لا تقل أهمية، وأن الدولة تنظر إلى الجنوب باعتباره منطقة صمود ووجود ثابت، ما يجعل من عودة السكان إلى قراهم شرطا لبناء الاستقرار الحقيقي. والحكومة طلبت دعما دوليا مباشرا لإعادة إعمار المناطق المتضررة، لأن حجم الدمار الذي خلفته الاعتداءات الإسرائيلية يتطلب جهدا دوليا منظما لإعادة البيوت والبنى التحتية إلى ما كانت عليه».
وأكد المصدر أن «الدولة ماضية أيضا في مسار تثبيت مبدأ حصر السلاح بيد الشرعية، وأن القرار المتخذ بهذا الشأن واضح ولا رجعة عنه، انطلاقا من الإرادة الداخلية بإنهاء زمن تعدد القوى العسكرية. واللبنانيون تعبوا من دوامات العنف، وأن التوافق الوطني بات أكبر من أي وقت مضى حول ضرورة أن تكون القوة العسكرية محصورة بمؤسسات الدولة وحدها».
وأوضح أن «الموقف اللبناني اليوم يتأسس على ثلاثة مسارات مترابطة: تنفيذ 1701 عبر تفاوض جدي يوقف العدوان ويعيد الأراضي، دعم الجيش وتعزيز حضوره جنوبا، وحصر السلاح بيد الدولة كمسار ثابت لا تراجع عنه. وبيروت لا تبحث عن مواجهة جديدة، بل عن تثبيت الاستقرار الدائم، انطلاقا من قناعة بأن أمن لبنان جزء لا يتجزأ من أمن المنطقة والعالم، وأن المجتمع الدولي معني بدعم هذا التوجه لتجنيب الجنوب والمنطقة جولة جديدة من الدمار».