المصدر: النهار
الكاتب: سلوى بعلبكي
الاثنين 4 تشرين الثاني 2024 08:10:01
وفق تقرير (فاتف)، قدّم "لبنان في تشرين الأول 2024 التزاماً سياسياً رفيع المستوى للعمل مع مجموعة العمل المالي (FATF) ومجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENAFATF) لتعزيز فعالية نظام مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب (AML/CFT)، بالرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في البلاد. ومنذ اعتماد تقرير التقييم المتبادل (MER) في أيار 2023، أحرز لبنان تقدماً في توصيات عدة ضمن التقرير واتخذ تدابير في قطاعه المالي، بما في ذلك إصدار تعميم للمصارف والمؤسسات المالية لتأسيس قسم مخصص لمكافحة الجرائم المتعلقة بالرشوة والفساد، وتوجيهات تتعلق بالأشخاص المعرضين سياسياً، إضافة إلى اتخاذ تدابير ضد الأنشطة المالية غير المرخصة.
مجدداً، اشترى مصرف لبنان الوقت للدولة اللبنانية، وأبعد عن بقايا الاقتصاد والمصارف العزلة الدولية، ومنع انحسار الحضور اللبناني في أسواق المال والأعمال الدولية.
أحيل لبنان إلى اللائحة الرمادية فقط، بعد نجاح الحاكم بالإنابة وسيم منصوري وفريقه القانوني والإداري في تطويق توجّه جدي، برز فجأة، لوضع لبنان على اللائحة السوداء، مع ما يعنيه ذلك من عزل مالي ومصرفي، ووضعه في خانة الدولة الفاشلة، ومصارفه ومؤسساته تحت الشبهتين الدولية والأممية.
مع اجتياز قطوع التصنيف، سيأتي قطوع الإصلاحات المالية والمصرفية والتشريعية، لإقناع مجموعة العمل المالي (فاتف) بجدية الدولة، ودفعها للعودة عن التصنيف "الرمادي" وإبعاد شبح اللائحة السوداء نهائياً.
وتوازياً مع معركة "الرمادية" خطا الحوار بين وفد لبنان وصندوق النقد في واشنطن، نحو تفهم الأخير ظروف عمل الدولة اللبنانية حالياً، وقبوله – في خطوة متقدمة منه – المساعدة في حصول لبنان على مساعدات مالية إنسانية، دون إخضاعها لأي من الشروط الإصلاحية، التي دأب صندوق النقد على وضعها.
تفاصيل زيارة واشنطن
في التفاصيل، شكلت اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عُقدت في واشنطن، مناسبة للحاكم بالإنابة وسيم منصوري للتواصل مع المصارف المراسلة بعد وضع لبنان على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لتدقيق خاص من جانب (فاتف). اللقاءات مع المصارف كانت مثمرة، إذ أبدت تفهماً وحرصاً على التعامل مع المصارف اللبنانية، بدليل أنه منذ صدور تقرير (فاتف) لم تحصل أي عوائق، ومر بسلاسة، ووفق الوعود التي تلقاها مصرف لبنان.
وعلى الرغم من إيجابية التقرير، ارتفع منسوب الخوف من إمكان وضع لبنان على اللائحة السوداء مستقبلاً، بيد أن مصادر منصوري أكدت أن هذا الأمر أصبح وراءنا، وما التقرير الذي أصدرته (فاتف) عن وضع لبنان على اللائحة الرمادية إلا دليل آخر يثبت أن لبنان "المصرفي" أنجز مهمته بنجاح.
وينقل عن منصوري، أنه مطمئن وواثق بأن البلاد ستخرج من اللائحة الرمادية، بعدما لمس فور عودته من واشنطن جدية من المعنيين اللبنانيين تُرجمت بتأليف خلية عمل لمتابعة كافة الإجراءات المطلوبة من لبنان، بما يخوّله تحقيق تقدم في الكثير من الأمور التدابير المالية والقضائية المطلوبة منه.
ولا يخفي متابعون لاجتماعات (فاتف) الاخيرة، أن إسرائيل مارست ضغوطاً لإدراج لبنان على اللائحة السوداء وأوحت أنه لن يلتزم بالإجراءات المطلوبة منه. لكن الحملة المعاكسة التي قام بها الحاكم بالإنابة، مدعومةً بالتدابير التي اتخذها مصرف لبنان في فترة قصيرة، نجحت في التخفيف من حدة التقرير الذي أصدرته المجموعة، حتى إن لبنان حظي بتنويه وإشادات بالإجراءات التي اتخذها مصرف لبنان والقطاع المصرفي، مع التأكيد أن خريطة الطريق التي وضعتها المجموعة للبنان للخروج من اللائحة يمكن تنفيذها بعدما وعد المعنيون في الدولة بالسير فيها، على أن يصار إلى إجراء تقييم أولي بعد عام. بعد ذلك، يحتاج لبنان أقله إلى عامين للخروج من اللائحة إذا سارت الأمور على ما يرام، شأنه في ذلك شأن الكثير من الدول.
في مقلب اجتماعات الخريف لصندوق النقد والبنك الدوليين التي عُقدت في واشنطن، يُنقل عن منصوري أنها كانت إيجابية، ولقي لبنان تعاطفاً وتجاوباً كبيرين. كذلك حصل على موافقة الصندوق على دعم لبنان للحصول على مساعدات إنسانية غير مشروطة ببرنامج إصلاحي محدد من الصندوق، على خلاف ما كان يحصل سابقاً، حيث كان صندوق النقد يشترط لمنح لبنان أيّ مساعدات تنفيذ البرنامج الإصلاحي المطلوب منه. وتبعاً لذلك، سيضع البنك الدولي إطاراً مناسباً للحصول على المساعدات والتبرعات من الدول المستعدة لمساعدة لبنان.