المصدر: إرم نيوز
الجمعة 26 كانون الاول 2025 12:32:33
شهد عام 2025 في لبنان تحولات سياسية وعسكرية جذرية، بدءاً من انتهاء الفراغ الرئاسي الذي طال أمده، وصولاً إلى جهود مكثفة لنزع سلاح حزب الله، وسط استمرار الانتهاكات الإسرائيلية رغم وقف إطلاق النار في نوفمبر 2024.
وكان العام مليئاً بالتحديات، وسط ضغوط دولية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1701، وتغييرات إقليمية مثل سقوط نظام بشار الأسد في سوريا في 8 ديسمبر 2024.
نهاية الفراغ الرئاسي
شكل الفراغ الرئاسي، الذي بدأ في أكتوبر 2022، أحد أبرز التحديات السياسية في لبنان، مما أدى إلى شلل حكومي وتفاقم الأزمة الاقتصادية ،وفي عام 2025، شهد هذا الملف انفراجاً كبيراً ، حيث عقد البرلمان جلسة في 9 يناير ، وتم انتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيساً للجمهورية بدعم واسع من الكتل السياسية، وسط ضغوط دولية أمريكية وفرنسية .
وجاء هذا الانتخاب جاء بعد محاولات فاشلة سابقة، وكان مدعوماً بـ"تفاهمات" داخلية شملت حزب الله والقوى المسيحية، مما أدى إلى تشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام في فبراير 2025.
وركزت الحكومة الجديدة على أولويات أمنية واقتصادية، مع إعلان خطة لتعزيز دور الجيش اللبناني في الجنوب، وتنفيذ إصلاحات لجذب مساعدات دولية. ومع ذلك، واجهت الحكومة تحديات داخلية، مثل رفض حزب الله لأي تنازلات حول نزع سلاحه، مما أدى إلى توترات في اجتماعات مجلس الوزراء و بحلول يونيو، أكدت الحكومة التزامها بقرار 1701، مع دعم من الآلية الخماسية لتسريع الإصلاحات.
نزع سلاح حزب الله
كانت جهود نزع سلاح حزب الله جنوب الليطاني أحد أبرز الملفات في 2025، كجزء من تنفيذ قرار 1701،حيث أعلنت الحكومة خطة الجيش للانتشار في الجنوب، مع نزع السلاح على مراحل، بدءاً من جنوب الليطاني، وجرى عقد اجتماعات مع اليونيفيل لتنسيق التفتيشات، لكن الانتهاكات الإسرائيلية أدت إلى تأجيل بعضها.
أصدرت الأمم المتحدة تقريراً يدعو لحصر السلاح بيد الدولة ، مما شجع الحكومة اللبنانية على عقد اجتماعات لمناقشة خطة حصر السلاح ، لكنها تأجلت بعد ذلك بسبب التوترات و في مايو، أكد قائد الجيش اللبناني جاهزية الانتشار، وسط رفض حزب الله لأي "تنازلات".
ومع انسداد الطرق وتعارض أوراق اللعبة، كان التحرك من جانب الحكومة في أغسطس الماضي، بوضع خطة لحصر السلاح في يد الدولة وتكليف الجيش اللبناني بالقيام بذلك انطلاقا من منطقة جنوب الليطاني، حتى يكون السلاح محتكرا في يد المؤسسات المعنية بحكم الدستور والقانون.
موجة اغتيالات قادة الحزب
تواصلت موجة الاغتيالات الإسرائيلية لقيادات حزب الله خلال العام 2025 ،حيث أعلنت إسرائيل عن اغتيال نخبة من قيادات الحزب، في عمليات وصفت بأنها الأوسع منذ وقف إطلاق النار .وكان أبرزها اغتيال هيثم علي طبطبائي (أبو علي)، رئيس اركان حزب الله، في غارة على الضاحية الجنوبية في 23 نوفمبر، مع مقتل 5 آخرين.
وتعرض حزب الله في هذا العام لضربات داخلية وخارجية بعد أن ذهب بالدولة إلى المجهول لصالح قرار طهران الذي يكون على حساب الشعب اللبناني، حيث تم إقرار خطة نزع السلاح وأخذت كل الأشكال القانونية على مستوى مجلس الوزراء والبرلمان ورئيس الجمهورية الذي هو في الأساس قائد للجيش، ويدرك ما وصل إليه الحال، من تهديد سيادة الدولة.
وعلى الرغم من الإمكانيات غير المناسبة من قبل الجيش اللبناني في عملية نزع السلاح، والضغوط السياسية من حزب الله وإيران، ومن جهة أخرى، الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، إلا أن تحقيق مبدأ السيادة، دفع القوات المسلحة اللبنانية في الوصول مع نهاية العام إلى تفكيك 90% من بنية الميليشيا في الجنوب، والذهاب إلى سيطرة كاملة على نقاطها، لتكون تحت يد ونفوذ الدولة.
ووسط تهديد إسرائيلي بشن حرب على لبنان في ظل ممارسة تل أبيب ضغوطها على واشنطن للسماح لها بذلك، تعامل "العهد الجديد" المكون من الرئيس عون ورئيس الحكومة نواف سلام، وانضم اليهم رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بمبدأ "الواقع الذي يفرض السيادة"، وذلك عندما تم الإقدام على مفاوضات "تاريخية" مع إسرائيل بعد عقود من الجمود، وتكليف السفير سيمون كرم للتفاوض ضمن لجنة "الميكانيزم"، للوصول إلى اتفاق يتعلق بانسحاب إسرائيل من النقاط الخمس المحتلة وعودة الأسرى وترسيم الحدود البرية.
ويقول الخبير اللبناني عبد الله نعمة، إن بعد عملية 7 أكتوبر 2023، أقحم المحور الإيراني لبنان، عبر حزب الله، في مواجهة مع إسرائيل لتحقيق أهداف طهران؛ ما جاء بشن حرب على الجنوب، الأمر الذي جاء بحتمية تدشين "عهد جديد" يعلي السيادة في لبنان ويجعل قرار الحرب والسلم في يد الدولة فقط.
وأوضح نعمة في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن لبنان عاش تجمدا عبر شغور رئاسي لمدة عامين، نتيجة سياسة المحور الإيراني التي جرّت دولا عربية لمشاكل وأزمات ليس لها فيها ناقة أو جمل، ليكون انتخاب رئيس الجمهورية جوزيف عون بعد حرب قاسية على لبنان الذي دفع ثمنا غاليا لما قام به حزب الله لصالح طهران.
وأفاد نعمة، أن الصراعات الإقليمية أثرت على الأوضاع في لبنان والشارع اللبناني، ولكن مع مجيء رئيس للجمهورية، بدأ التعامل مع الإنفلات الأمني بالتزامن مع تشكيل حكومة ليبدأ "العهد الجديد" الذي عمل على التخلص من هيمنة إيران ليكون القرار السيادي في أغسطس الماضي، بخطة الجيش لنزع سلاح حزب الله والميليشيات واحتكار الدولة فقط للسلاح.
وأشار نعمة إلى أن الضغط الاقتصادي والإقليمي والوقوع بين كماشة إسرائيل وأمريكا من جهة، وإيران وحزب الله من جهة أخرى، والاعتداءات على الداخل من تل أبيب، وزيادة ارتدادات أزمة النازحين الذين هُجّروا من الجنوب، كانت ضغوطا لا مثيل لها على الدولة التي تمسكت بخطة نزع السلاح رغم عدم وجود الإمكانيات المناسبة.
وتابع نعمة أن هناك بصيص أمل مع التحرك نحو التفاوض مع إسرائيل بتكليف الرئيس عون، للسفير سيمون كرم بأن يكون على رأس الوفد اللبناني في اجتماعات لجنة الميكانيزم، ومن المنتظر أن يعلن الجيش اللبناني مع هذه الأيام نزع السلاح في جنوب الليطاني، وهي التي تعتبر مرحلة فاصلة، لينتهي وجود حزب الله هناك، ليبدأ مع العام الجديد المرحلة الثانية لحصرية السلاح من شمال الليطاني إلى نهر الأولى.