لبنان كان حاضراً "وحذار من زجّه في الحرب".. هذا ما جرى في كواليس قمّتي الرياض

طغت قمّتا الرياض على ما عداها، وجاءت القرارات مفصلية وتتلاءم مع ما يجري في المنطقة من حرب هي الأخطر والأصعب في تاريخ الصراع العربي-الإسرائيلي، هذه القمة تذكّر بما كان يحصل خلال الحروب اللبنانية من اجتماعات مجلس وزراء الخارجية العرب، وصولاً إلى القمم المتتالية وأبرزها قمة الرياض عام 1976، التي هدفت آنذاك لوقف الحرب على الساحة الداخلية، وكانت المشاركة من كتيبة سعودية عسكرية، انتشرت في منطقة الشحار الغربي في الجبل، لتتحول بعدها هذه القوات العربية إلى قوة ردع من خلال الجيش السوري.

الآن التاريخ يعيد نفسه في العاصمة السعودية، فهل مقررات القمة ستؤدي إلى وقف الحرب؟ الأمر الذي يكشف عنه بعض المشاركين في كواليس القمة لـــ"النهار"، بالقول إن القرارات حازمة وحاسمة وثمة مواكبة ومتابعة ووفود عربية ستجول في أوروبا، وأكثر من زيارة مرتقبة للعاصمة الأميركية، وبمعنى أوضح اللاءات التي صدرت عن القمة هي موضع مواكبة وتحديداً وقف إبادة الشعب الفلسطيني، وهو ما أصرّ عليه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، خلال لقاءاته على هامش أعمال القمة وبعدها، وفي المعطى السياسي التشدد على حل الدولتين الذي يحظى بإجماع عربي ودولي وصولاً إلى فتح المعابر الإنسانية لوصول المساعدات وتحديداً ما يتعلق بالقطاع الطبي إلى أهالي غزة، ومن ثم عامل آخر يُعدّ من المفاصل الأساسية للقمة، أي عدم حصول ترانسفير جديد على غرار نكبة 1948، وتحديداً باتجاه مصر والأردن وسط تشدد من القاهرة وعمان لمواجهة ومجابهة هذا التهجير.

في السياق، السؤال دائماً يترامى للجميع، ماذا عن لبنان فهل كان حاضراً في القمة وكواليسها ولا سيما خلال اللقاءات الثنائية؟ ثمة معلومات تشير إلى أن السفير السعودي في لبنان وليد بخاري كان له دور فاعل وأساسي قبل القمة وخلالها، خصوصاً أنه يواكب ويتابع الملف اللبناني مع الفرنسيين وضمن أعمال اللجنة الخماسية، إذ كان دور اللجنة محصوراً بضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، أما اليوم فالاستحقاق المذكورة في ثلاجة الترقب، فالأنظار مشدودة لتجنيب لبنان الحرب وعدم زجه في أتونها. من هنا تحرك السفير بخاري مع المعنيين في اللجنة الخماسية، إضافة إلى لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين، ما يؤكد مواصلة الاهتمام السعودي بلبنان، وثمة أجواء عربية جامعة خلصت أثناء لقاءات رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، بمعنى أن لا يقحم نفسه في ما يجري في غزة لأن العواقب وخيمة وتتخطى كل الحروب التي مر بها بما فيها حرب تموز 2006، وبوضوح تام كان هناك حديث جانبي مع الوفد اللبناني من أكثر من وزير خارجية ومسؤول عربي كبير، بما معناه انتبهوا لن نكون إلى جانب بلدكم هذه المرة إذا أقحمتم أنفسكم في حرب لا ناقة لكم فيها ولا جمل، إذ تعانون ظروفاً اقتصادية صعبة، ونحن كنا نسعى قبل حرب غزة إلى انتخاب رئيس للجمهورية وعقد مؤتمر للدول المانحة إذا التزمتم بالعملية الإصلاحية وتغيّر الأداء السياسي عما كان عليه في السنوات السابقة.

وتضيف المصادر، أن المسؤولين العرب يقدّرون خصوصية لبنان واعتباراته ولا سيما عدم وجود رئيس جمهورية، إلى قرار كبير يفوق قدرته على التحمل، حيث "حزب الله" هو من يمسك بمفاصل هذا البلد على كافة الأصعدة، وإدانتهم الاعتداءات الإسرائيلية والتركيز على الالتزام بالقرار 1701، وهذا ما بُحث على هامش كواليس أعمال القمة وتحت لافتة أساسية عنوانها عدم زج لبنان في حرب غزة، لأن القادة العرب على بيّنة تامة بأن أي تطورات عسكرية قرارها واضح من أين يصدر وأهدافه وغاياته.

وتلفت المصادر إلى أن مشاركة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في القمة الإسلامية عبر زيارته الأولى كرئيس إيراني للمملكة العربية السعودية، أعطت القمة دلالة مهمة بمعنى أن إيران هي من يدعم محور الممانعة من "حماس" إلى "حزب الله" "والجهاد الإسلامي" والحشد الشعبي والحوثيين وغيرهم من التنظيمات التي تُعتبر ذراع إيران في هذه الدول ولا سيما "حزب الله". وعُلم أن حديثاً طويلاً جرى بين الرئيس الإيراني وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في أروقة القمة ومع المسؤولين الإيرانيين وتحديداً وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان بعد تصريحه بأن الحرب لن تقتصر على غزة، وهذا أمر بُحث بمعنى أن مسألة توحيد الساحات قرار عربي، وبالتالي ثمة أجواء لا تسمح بفتح جبهات أخرى في ظل ما حصل في غزة حيث الولايات المتحدة الأميركية دخلت مباشرة على الخط ومعها الأوروبيون، لذلك التدخل في شؤون العواصم العربية أمر غير مسموح والقضية الفلسطينية قضية العرب المركزية وفي وجدانهم، وثمة دعم عربي واسع النطاق لمواكبة ومتابعة إعلان الرياض.