المصدر: النهار
الكاتب: علي حمادة
الخميس 23 كانون الثاني 2025 07:49:14
أمامنا في لبنان استحقاقان داهمان: الأول إنهاء الرئيس نواف سلام تأليف الحكومة الأولى في عهد الرئيس جوزف عون من أجل الانطلاق لمعالجة حزمة كبيرة من الأزمات والتحديات التي نواجهها. والثاني انتهاء مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها كمرحلة أولى اختبارية في اتفاق وقف النار بين إسرائيل و"حزب الله" تحت مسمى وقف الأعمال العدائية تمهيدا لبدء تطبيق جميع بنود القرار 1701 والانتقال إلى مرحلة وقف النار، وصولا إلى إحياء اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل المعقودة عام 1949.
الاستحقاقان المشار إليهما شديدا التعقيد نظرا إلى خطورة المرحلة وضبابية الواقع الجيوسياسي الإقليمي، توازيا مع تسلم الرئيس دونالد ترامب سلطاته التنفيذية في البيت الأبيض.
فوقف النار في غزة، وهو باعتراف الطرف الإسرائيلي المستفيد من لامبالاة دونالد ترامب التي عبر عنها ليلة انتقاله إلى البيت الأبيض، موقت لا يحول دون أن تعاود إسرائيل عملياتها العسكرية وتوغلاتها القاتلة في أرجاء قطاع غزة. وبالتالي قد نكون مع التمديد المتوقع لمرحلة وقف الأعمال العدائية في لبنان أمام مشهد سيّال، ومترجح بين التهدئة والحرب المنخفضة الوتيرة. بمعنى آخر، إن إسرائيل تتصرف على أساس أن الحرب لم تنته بعد، إن في غزة أو في لبنان.
في لبنان تبرز إشكالية تمنع "حزب الله" عن تصفية مواقعه وأصوله وبناه التحتية العسكرية جنوب نهر الليطاني، في موازاة استمرار إسرائيل في تدمير الحياة في القرى والبلدات القريبة من الحدود الدولية، مع إظهار استعدادها الدائم لتوجيه ضربات عسكرية لأهداف متصلة بالحزب المذكور جنوب الليطاني وشماله على حد سواء. ومن هنا خطورة الوضع الذي يتطلب أولا تمديد العمل بالمرحلة الأولى لمدة 60 يوما إضافيا، لاسيما أن إسرائيل لا تبدو مستعجلة على الانسحاب من كامل الأراضي التي احتلتها في الحرب الأخيرة.
بالنسبة إلى الشأن الحكومي، يبدو أن الإشكالية الأكبر تتصل بمطالب "الثنائي الشيعي" الذي تصرف على قاعدة أن شيئا لم يتغير في لبنان أو المنطقة. ولذلك فهو يصرّ على الاحتفاظ بالتوقيع الثالث في الجمهورية عبر وزارة المال. وثمة مقاومة شديدة من الرأي العام، والأكثرية في البلد لا تزال تحول دون تحقق الأمر، لأسباب عدة أهمها أن الوزارة ظلت بيد الثنائي أكثر من 11 سنة وكانت من أسوأ الحقب على مستوى الإدارة والكفاءة والنزاهة. أكثر من ذلك، ثمة خشية لها مبرراتها أن الثنائي يبحث عن حق فيتو وتعطيل في العمل الحكومي عند كل منعطف سياسي أو أمني، ولاسيما أن لبنان مقبل على مرحلة سيتعين فيها نزع سلاح جميع الميليشيات المسلحة اللبنانية والأجنبية بهدف إنهاء ظاهرة السلاح غير الشرعي من خارج الدولة. طبعا أمام أي حكومة تحديات جمّة سيتعين عليها أن تواجهها، وهي كبيرة وخطيرة للغاية. والألغام داخلية وخارجية.