لبنان من الدور المصطنع الى الدور الحقيقي

لم يتوقع حتى أكثر المتفائلين أن تنقلب موازين القوى في منطقة الشرق الاوسط رأسا على عقب، آخر انقلاب في المنطقة حصل بعد الغزو الاميركي للعراق، حيث نالت سوريا جائزة ترضيتها الوصاية على لبنان.

أحكمت سوريا قبضتها على لبنان وانضمامها الى المحور الايراني ساهم في وصول الهلال الشيعي من طهران الى بيروت، انهزم الخط السيادي في لبنان وحكم محور الممانعة بيروت انطلاقا من مبدأ انتصرنا اقليميا وفوزنا لا بد ان يترجم داخليا.

عطلوا كل استحقاق ديمقراطي لبناني ان لم تكن نتائجه لصالحهم، مددوا لرؤساء جمهوريات، وحتى بعد خروج الجيش السوري من بيروت عام 2005 وترنح صورة المحور لم يتردد ذلك المحور بعد هزيمته في الانتخابات النيابية من اللجوء الى التصفية الجسدية لكل قادة الرأي والحزبيين والاعلاميين من قادة ثورة الارز.

اغتصبوا الدستور اللبناني، وأدخلوا مفاهيم قانونية عجيبة غريبة عليه بحيث اضحت الميثاقية مذهبية بعد ان كانت طائفية بين المسلمين والمسيحيين، وبعدها انتقلوا الى قضم حضور المذاهب الاخرى في مجلس الوزراء فإبتكروا نظرية التوقيع الشيعي الثالث وتمسكوا بوزراة المالية.
ولا مجال هنا لذكر كل تلك التجاوزات، لكن بعد تبدل المشهد كيف سيتبدل الواقع الداخلي اللبناني، اولا وانطلاقا من المبدأ نفسه، من انهزم اقليميا لا بد ان ينهزم داخليا، وبالتالي لا بد ان يصرف انتصار خط السياديين في الداخل. ثانيا يجب بتر كل القرارات التي ساهمت بإغتصاب الدستور سابقا من تعطيلات وبدع وارانب نبيه بري الشهيرة. ثالثا واذا كان البعض يرفض فكرة انهزام الشيعة في الداخل، فهذا لا يمنع تقليم اظافرهم وسحب التوقيع الثالث منهم.

عودة لبنان الى الخارطة السياسية الاقليمية والدولية يبدأ بإنتظام عمل المؤسسات واحترام الدستور والمهل الدستورية والأهم احترام نتائج الإنتخابات النيابية، وسقوط الحصن الذي تمترس خلفه الجميع بأن القوي في طائفته يتربع على عرش طائفته في النظام.

وكما عطل بري كل الإنتخابات الرئاسية حتى يصل مرشح محوره، عليه اليوم أن ينسج تحالفات نيابية كبيرة كي لا يفوز شيعي من خارج سلة الثنائي في رئاسة مجلس النواب في المرحلة اللاحقة. هزيمة حزب الله يمكنه ان يتحملها منفردا لا بل واجب عليه ذلك كي لا تدفع كل الطائفة الشيعية ثمن قراراته كما حصل مع المذاهب المسيحية سابقا.