لبنان والمنطقة ينتظران تواقيع "آية الله" مع "الشيطان الأكبر"... نار الجحيم؟!

كلّ شيء بات بحُكم المُجمَّد في المنطقة، الى حين توقيع الإتّفاق بين القوى العالمية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وإيران.

ولكن الى أي مدى يُمكن للشرق الأوسط أن يرتاح، إذا لم يَكُن هذا الإتّفاق أبعَد من الملفات النووية، والصّاروخيّة، والميليشياوية، الإيرانية؟ والى أي مدى سيشكّل توقيع اتّفاق محصور ببعض "المدنيات" مرحلة لتجديد الصّراعات الإقليمية، الى ما بَعْد عقود وعقود؟ 

براغماتيّة

إذا أردنا قَوْل الأمور كما هي، نُشير الى أن إيران باتت مع انتخاب ابراهيم رئيسي رئيساً، في يد "الحرس الثوري" بالكامل، شكلاً ومضموناً. والإتّفاق الذي سيُوقَّع معها في فيينا، سيكون بين الولايات المتحدة، أي "الشيطان الأكبر"، وبين "الحرس الثوري" نفسه.

فرئيسي، صاحب عمامة سوداء، أي انه "سيّد"، ومن أحفاد الرسول، في الفكر الإيراني والشيعي. ولكن رغم الطبيعة العقائدية للنّظام الإيراني، إلا أنه يتمتّع ببراغماتية كبيرة، تجعله أقرب الى أكبر الأنظمة العلمانيّة، أو حتى "المُلحِدَة" حول العالم، من حيث الممارسة السياسية، وحتى العسكرية والأمنيّة. 

مستحيل؟

فهل توضَع ملفات الحريات التكنولوجية، والليبرالية الدينية، وحقوق الإنسان والأقليات، في اتّفاق أميركي - إيراني، يشتري الهدوء للشرق الأوسط، لعقود لاحقة؟ أم ان الإتّفاق بين "آية الله" و"الشيطان الأكبر" يبقى مستحيلاً، رغم أن "آية الله" مُعْجَب بالصين "المُلحِدَة"، أي "الكافرة"، أي "الخالِدَة في النّار"، أي تلك التي "ستُكمِل أبديّتها" الى جانب "الشيطان الأكبر"، في الفكر الديني الإيراني، كما هو مُفتَرَض؟

قوّة إقليمية

أوضح الخبير الاستراتيجي الدكتور سامي نادر أن "إيران سَعَت دائماً الى اتّفاق كامل وشامل مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب، منذ فترة حُكم الشّاه، أي منذ ما قبل الثّورة الخمينيّة".

وشرح في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" أن "طهران طالبت واشنطن قبل عقود، بتفويضها استلام أمن الشرق الأوسط، والمصالح الأميركية والغربية فيه، منذ الفترة التي كانت فيها واشنطن مُنهمِكَة بحرب فييتنام وتداعياتها، وبملفات أخرى حول العالم. ولكن هذا الواقع لا يريح الغرب، ولا الدول الكبرى عموماً، التي لا تحبّ أن تتحوّل قوّة إقليمية الى قوّة أولى في إقليمها، لأن ذلك يجعلها مصدر خطر مع مرور الوقت. وهذا من صُلب استراتيجيات الدول الكبرى، وعملها". 

اتّفاق شامل

ولفت نادر الى أن "المحاولات الإيرانيّة تلك، تكرّرت بعد "الثورة الخمينية"، وبعد انتهاء الحرب العراقية - الإيرانية، وبعد حرب الخليج الثانية، إذ كانت طهران تميل الى إبرام اتّفاق شامل مع الغرب، يشمل الملفات الأمنية، والطاقة، والمصالح الاستراتيجية، بما يمكّنها من استلام المنطقة، وضمان كلّ ما فيها. ولكن هذا ما لم يتحقّق، حتى في مرحلة حُكم الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما".

وأضاف:"أي اتّفاق شامل مع "الحرس الثوري" سيكون له تأثيره وتداعياته على حلفاء واشنطن والغرب في المنطقة، مثل دول الخليج العربية، وإسرائيل، وتركيا، وعلى العلاقات والشراكات الأميركية والغربية معهم". 

حقوق الإنسان

وأشار نادر الى أن "حَصْر التفاوُض والإتّفاق بالملف النووي فقط، هو ما لا تريده إيران في الأساس. والدليل على ذلك، هو أنه عندما كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يسحر العالم بابتسامته العريضة، ويوقّع اتّفاق عام 2015 في فيينا، انصرف قائد "فيلق القدس" الراحل قاسم سليماني الى استكمال التوسّع الإيراني في المنطقة. وهو ما يعني أن طهران استفادت من التفاوُض والإتّفاق آنذاك، من أجل توسيع نفوذها الاستراتيجي والعسكري في المنطقة. وهي فعلت ذلك على حساب شركاء واشنطن والغرب في المنطقة، وبما يتعارض مع مصالحهم".

وتابع:"من هذا المُنطَلَق، يتركّز الكلام الغربي اليوم على الحاجة الى اتّفاق مُكمِّل لاتّفاق 2015، يضع الصواريخ الباليستية، وأنشطة الأذرُع الإيرانيّة في المنطقة، والتهديدات العسكرية للنظام الإيراني، على الطاولة".

وختم:"إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تريد وضع حقوق الإنسان في إيران، والحقّ بالتظاهر، على الطاولة أيضاً، لكونها حريصة على عَدَم انتهاك حقوق الإنسان، وعلى عَدَم التعدّي على الديموقراطية".