لبنان يحضِّر الرد على رسالة الاحتجاج على الأبراج

لا تزال قيادة الجيش تدرس الرسالة الاحتجاجية السورية على الأبراج البريطانية على طول الحدود بين البلدين. وفي حين ان دمشق تعتبرها تهديداً لأمنها القومي، فإن بيروت لا تقبل ان تمثل تلك الأبراج أيّ اعتداء على السيادة السورية.

الاسبوع الماضي وصلت الى وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية رسالة احتجاج من نظيرتها السورية بسبب "التهديد الذي تمثله تلك الابراج على الأمن القومي السوري". وهذا التوجس جاء بعد ازدياد الغارات الاسرائيلية وعمليات الاغتيال على الاراضي السورية.

الى ذلك، لم ترسل بيروت بعد رداً على المذكرة السورية التي باتت في عهدة قيادة الجيش اللبناني التي ستجيب عبر الاطر الرسمية، وانها ستسلم الرد الى وزارة الدفاع لتنقله بدورها الى وزارة الخارجية.

أما التعليق الوحيد الرسمي فكان لوزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب بأن لبنان "لا يمكن ان يقبل بان تمثل تلك الابراج عملاً عدائياً ضد سوريا"، شارحاً الهدف منها وهو مراقبة الحدود ومنع التهريب. وقال لـ"النهار": "اننا نولي الهواجس السورية كل الاهتمام والعناية، ونحن في انتظار استجماع المعطيات من الاجهزة المختصة، وخصوصاً من الجيش اللبناني وبالتنسيق مع رئاسة الحكومة لنبني عليها عناصر الرد على رسالة الخارجية السورية".

تُجمع الجهات اللبنانية على ان الجيش هو موضع ثقة ومؤتمن على سلامة الاراضي اللبنانية ومنع تسلل الجماعات الارهابية عبر الحدود السورية - اللبنانية، وسبق له ان خاض معركة "فجر الجرود" لتطهير السلسلة الشرقية من التنظيمات الارهابية وعلى رأسها تنظيم "داعش" وجبهة "النصرة"، ودفع الكثير من الدماء، وبالتالي فإن استعانته بالابراج جاءت لتكريس الامان على طول الحدود، عدا ان التنظيمين الارهابيين يمثلان تهديدا لسوريا كما هي الحال للبنان.

وانطلاقاً من تلك المعادلة، تؤكد مصادر امنية لـ"النهار" ان "الهدف من اقامة تلك الابراج هو ضمان الامن اللبناني وكذلك منع التهريب على ضفتي الحدود".

بَيد ان دمشق التي تتوجس من تلك الابراج تخشى وصول المعلومات التي تجمعها كاميرات الابراج إلى أيدي البريطانيين، ومن ثم الى العدو الإسرائيلي الذي سيفيد منها لتنفيذ ضربات في العمق السوري.

وأفردت المذكرة السورية حيّزاً لقواعد القانون الدولي المتعلق بالحدود المشتركة بين الدول، حيث "يفرض القانون الدولي على الدولة الأولى تزويد الدولة الثانية (سوريا) بالداتا التي تجمعها الابراج طالما ان لا حالة حرب بين الدولتين، علماً انه في حالة الحرب يمكن للدولتين إنشاء أبراج متقابلة على مسافة صفر من جانبَي الحدود".

ويؤكد العميد المتقاعد محمود طبيخ لـ"النهار" ان "مهمة الابراج كانت ومنذ انشائها رصد تسلل الدواعش الى لبنان من سوريا، وخصوصاً خلال الحرب التي شُنت على الاخيرة، وان من الطبيعي ان تمسح تلك الابراج الاراضي السورية لمسافة معينة، وان هناك غرفة عمليات تابعة لقيادة الجيش تصلها المعلومات من الابراج، وبالتالي تكون تلك المعلومات لهدف وحيد هو اليوم منع التهريب طالما ان الخطر الداعشي قد تراجع بشكل كبير".

ويثني طبيخ على "مناقبية الضباط اللبنانيين في غرفة القيادة، وان الثقة بهم مطلقة ولا يمكن ان يسرّبوا المعلومات لأي جهة".

من الناحية التقنية، يمكن لأي جهاز تجسسي ان يعترض ويحلل المعلومات التي ترسلها الابراج الى غرفة القيادة، وربما لهذا السبب كان الاحتجاج السوري.

ويلفت العميد المتقاعد الى ان "هناك لجنة تنسيق مشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري، وكان في الامكان مراجعتها بشأن تلك الابراج وشرح الهواجس السورية، وان التنسيق بين الجيشين ليس حديث العهد وانما يعود لفترة طويلة، اضافة الى ان بين لبنان وسوريا معاهدة "الاخوة والتعاون والتنسيق" التي اقرها مجلس النواب اللبناني وكذلك مجلس الشعب السوري في أيار من العام 1991، وعليه يمكن الاحتكام الى تلك المعاهدة كخيار آخر".

من جهته، يقول العميد المتقاعد بهاء حلال ان "لا امكانية تقنية للتجسس من هذه الأبراج على العمق السوري، او ان تكون هذه الأبراج مرتبطة تقنياً ببريطانيا".

ويلفت الى ان وظيفة الابراج هي منع التهريب ومنع تسلل الارهابيين، اما بالنسبة الى بريطانيا فـ"الهدف حتما مختلف، علما أن قيادة الجيش لا تشارك بالتأكيد ايا من المعلومات الواردة من هذه الابراج مع أي جهة خارج لبنان".

ويشير حلال الى ان "ازدياد الشكوك السورية مرتبط بما طرحه وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون لاقامة ابراج على الحدود الفلسطينية - اللبنانية لتنفيذ القرار 1701 مما آثار شكوكا حول ماهية الأهداف الاستراتيجية من انشاء أبراج كهذه".