المصدر: النهار
الأحد 1 حزيران 2025 19:21:19
على رصيف الواجهة البحرية في بيروت عند الساعة الرابعة بعد ظهر اليوم الأحد، في الأول من حزيران، وتحت ضوء البحر الذي لا يعرف التحيّز، اجتمع عدد من الشخصيات الشيعية من ناشطين، مثقفين، وأكاديميين تحت عنوان "لقاء اللبنانيين الشيعة"، لمناقشة خطة عمل "نحو 2030"، بدعوة من "هيئة التنسيق - لقاء بدارو"، وبرعاية وتنظيم مؤسسة "أمم" للتوثيق والأبحاث. لم يكن اللقاء مجرّد اجتماع تقني، بل محطة جديدة في مسار طويل من المحاولات لإعادة الاعتبار إلى صوت مغيّب في داخل الطائفة، ولرفض الهيمنة باسم "الثنائية".
هذه المبادرة تعبّر عن نبض مجموعة من الشخصيات الشيعية التي اختارت بوعي الانحياز إلى الدولة ومؤسساتها، وترفض اختزال الطائفة بمشروع سياسي أو أمنيّ يُراد له أن يكون البديل عن الوطن.
افتتح اللقاء الصحافي جاد الأخوي بكلمة صريحة، أضاء فيها على مأساة لبنان المزمنة: السلاح غير الشرعي. أشار بوضوح إلى أنّ لبنان لا يزال يدفع أثمان صراعات لم يخترها؛ صراعات فُرضت عليه من قِبَل جهات لم تخضع يومًا للدولة. وقال: "منذ نشأته، رفع حزب الله شعار المقاومة، وادّعى أنه المدافع الأول عن لبنان. لكن هذا الادّعاء لم يعد يقنع أحدًا. الوقائع تقول إن سلاحه لم يحمِ البلد، بل بات عبئًا عليه، وأداة لزجّه في نزاعات داخلية وخارجية نحن بغنى عنها".
وأكد الأخوي أن حزب الله بات طرفًا في نزاعات إقليمية لا تعني لبنان بشيء، مما أدّى إلى تعميق الانقسام السياسي، وعزلِ البلاد عن محيطها العربي والدولي، وتحويلها إلى ساحة لتصفية الحسابات بدلًا من أن تكون جسرًا بين الحضارات.
الناشط محمد علي الأمين شدّد من جهته على أنّ الطائفة الشيعية ليست حكراً على أيّ ثنائي سياسي أو حزب. قال بصوت نابع من انتماء أصيل: "نحن أبناء الطائفة الشيعية في لبنان، لكن قبل كلّ شيء، نحن أبناء الوطن. لدينا إرث ثقافي وأدبي متجذّر، ولسنا ملحقًا بأيّ مشروع يتجاوز مصلحة لبنان".
وأضاف: "نؤمن أنّ قوّة لبنان تقوم على الدولة، وعلى حصرية السلاح بيدها، لا بيد حزب أو تنظيم. لا شرعية لسلاح خارج إطار المؤسسات، ولا كرامة لنا إلا عبر الدولة وسيادتها".
خلال اللقاء، تمّت تلاوة وثيقة "نحو 2030"، التي شكّلت خلاصة سنتين من النقاش والعمل. وثيقة تسعى إلى كسر احتكار التمثيل السياسي في داخل الطائفة الشيعية، وإحياء مسار ديمقراطي يعيد الصوت المغيّب إلى مكانه الطبيعي.
الوثيقة ترفض بوضوح سياسات الهيمنة التي سادت لعقود، والتي لم تجلب للطائفة إلا العزلة والانقسام. لا تطرح نفسها كبديل للثنائي، بل كدعوة صادقة لانفتاح سياسي يعكس التنوّع الحقيقي في داخل الطائفة.
إنها دعوة لقيام دولة مدنية، حديثة، وعادلة، تدار على أساس المواطنة والعدالة، لا التبعية والتفرقة الطائفية. وهي مفتوحة لكل لبناني يؤمن بأن الوطن أولاً، وبأن الطائفة لا تزدهر إلا في ظل دولة راعية تحمي الجميع بعدالة ومساواة.
في الختام، قد لا تكون "نحو 2030" نهاية الطريق، لكنها بالتأكيد بداية مسار جديد، يُكتب هذه المرة من قلب الطائفة، وباسمها، ومن أجل وطن يليق بجميع أبنائه.