لقاء مفصلي للخماسية والملفّ الرئاسي يفصل عن حرب غزّة

استرعى الحديث والحراك حول دور اللجنة الخماسية واجتماعها القريب ربما خلال أسبوعين في المملكة العربية السعودية، اهتمام المعنيين نظراً لأهمية اللقاء في ظل معلومات ومعطيات بأن دورها عاد بزخم، وثمة حسم لانتخاب رئيس للجمهورية خلال الأسابيع أو الثلاثة أشهر المقبلة إذا سارت الأمور على ما يرام، وهذ ما تكشفه أوساطها في بيروت لأن القرار متّخذ بين مكوّنات اللجنة، الأمر الذي سيترجم خلال لقائها في الرياض، بدليل التحرّك الفاعل للسفير السعودي وليد بخاري، من خلال لقاءاته مع المرجعيات السياسية والروحية، يضاف إلى ذلك أن ثمة من يشير إلى أنه لا يستبعد وفق المعطيات المتوفرة أن يعقد لقاء لسفراء اللجنة الخماسية في دارة سكن السفير بخاري في اليرزة، باعتبار أن ثمة لقاءً قريباً سيجمعه بالسفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون، وهذا مؤشر يُبنى عليه بعد اندلاع حرب غزة واشتعال جبهة الجنوب وغياب اللجنة الخماسية عن الساحة اللبنانية، بمعنى أنه تم تقنين حول دورها وحضورها، ومن الطبيعي ربطاً بالحرب القائمة في المنطقة والتي طغت على ما عداها، أن ثمة مؤشرات جديدة برزت، ما دفع إلى إعادة تزخيم الخماسية والأمر عينه للدور السعودي الذي ظهرت معالمه في أكثر من اتجاه وتحديداً منذ عودة السفير بخاري إلى بيروت.

توازياً، تؤكد مصادر ديبلوماسية مقربة من الرياض في بيروت لـــ"النهار"، أن الحراك السعودي تأكيد على أن المملكة لم يسبق لها أن تخلت عن لبنان في كل المحطات والأزمات والمحن التي مرت عليه، وها هي اليوم تسعى من أجل عدم انزلاقه إلى الحرب، في ظل ما يعانيه من أزمات سياسية واقتصادية، ولا يجوز أن يبقى الشغور الرئاسي قائماً وهذا ما أكده السفير بخاري للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي خلال لقائهما الأخير، وأثناء لقاءاته مع القيادات الروحية والسياسية وسط إصرار على أن يُنتخب الرئيس المسيحي الماروني الوطني العربي في وقت قريب، دون أن تدخل المملكة في لعبة الأسماء وهذه مسألة محسومة، بل هناك مقاربات ومواصفات باتت معروفة وليس هناك من فيتو على أيّ طرف.

أما عن اجتماع اللجنة الخماسية، فتضيف أن اللقاء سيكون لبلورة كل الاتصالات والمساعي التي جرت وثمة أجندة جديدة لحراك اللجنة للوصول إلى النتائج المتوخاة، التي تقضي بانتخاب رئيس دون أن تحمل أي اسم للأطراف اللبنانية، والمؤكد أن ثمة تناغماً وتماهياً وتوافقاً بين سائر مكوّناتها، بعدما أزيلت بعض التباينات التي كانت قائمة، دون إغفالها بين باريس والرياض حول الدور الذي سبق أن قامت به فرنسا في مرحلة سابقة، لكن اليوم الموقف الفرنسي واضح والتوافق يسود سائر أعضاء الخماسية، ما يعني أن الاجتماع الذي سيعقد في المملكة العربية السعودية سيكون تتويجاً لكل الاتصالات والجهود في إطار التشاور الدائم بين باريس والرياض والتنسيق بين الطرفين، وهذا ما جرى أخيراً قبل توجّه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت، عندما التقى بمستشار الديوان الملكي السعودي نزار العلولا، واللقاء بينهما سيكون محسوماً عند اجتماع اللجنة الخماسية، لذا الدعم السعودي للبنان ليس بالجديد كما يراه البعض، بل هناك تفعيل له ربطاً بما يعانيه لبنان وتجنباً لأي تصعيد بفعل المخاطر المحيطة به نظراً للحرب المشتعلة في غزة والجنوب والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة وترهّل مؤسساته، ما يستدعي أن ينتخب الرئيس وتشكل حكومة إصلاحية، وهذا ما شدّدت عليه المملكة والخماسية. لذلك، الدور السعودي يأتي وفق هذه العناوين والمواصفات ويمكن البناء على هذا التحرك والاجتماع المرتقب للجنة، إذ ثمة توجّه واضح وحاسم لإنهاء الشغور الرئاسي في وقت ليس ببعيد.

وعن حرب غزة وتأثيرها على الاستحقاق الرئاسي، تختم المصادر الديبلوماسية قائلة العكس تماماً، يجب أن يُنتخب الرئيس لمواجهة ما يحيط بلبنان من مخاطر وخصوصاً في الجنوب، إذ في مختلف الحروب التي مرت على لبنان كان هناك رئيس للجمهورية يواكب ويتابع القرارات اللبنانية والعربية والدولية والتسويات، لذلك من غير المعقول في خضم هذه الحرب ألا يكون للبنان رئيس، وعلى هذه الخلفية من أجل أن يواجه الرئيس العتيد التحديات الكبير من حرب غزة إلى الجنوب وسواهما.

في سياق متصل تشير مصادر سياسية عليمة لـ"النهار"، إلى أن جملة معطيات ومؤشرات دفعت اللجنة الخماسية إلى تفعيل نشاطها إن من خلال اللقاء المرتقب لها خلال الأسبوعين المقبلين، إضافة إلى دور ودينامية السفير السعودي في لبنان، الذي سيبلغ ذروته خلال الساعات المقبلة وفي المرحلة المقبلة، على أن يغادر لبنان من أجل المشاركة إلى جانب المستشار في الديوان الملكي نزار العلولا في اجتماعات الخماسية، والأمر عينه تبدّى بعد قرار الإدارة الأميركية متمثلة بالرئيس جو بايدن، بتسليم الملف الرئاسي للموفد الحالي في الشرق الاوسط آموس هوكشتاين، إذ لم يعد عمله محصوراً بالترسيم البري والقرار 1701، فخلال مغادرته لبنان التقى بالسفيرة الأميركية التي وصلت إلى بيروت ليزا جونسون، وتوافقا على لقاء قريب بينهما من أجل التنسيق حول الاستحقاق الرئاسي، وبمعنى آخر سيكون لهوكشتاين دور في هذا الملف، ما يدل على أن النوايا الدولية والخماسية باتت تصبّ في خانة ضرورة خلاص لبنان من أزماته ومعضلته الرئاسية تحديداً، بدليل ما تمثل من عناوين في الساعات الماضية عبر الزخم السعودي ودور السفير بخاري إلى دخول هوكشتاين على خط الملف، وثمة توجّه محسوم لفصل انتخاب الرئيس عن حرب غزة، بمعنى أن هذه الحرب لن تؤثر على تحريك الملف الرئاسي وانتخاب الرئيس.