المصدر: النهار
الخميس 6 أيار 2021 18:04:12
كتبت ليلي جرجس في "النهار":
شكّل ملف ترشيد الدعم حالة ضياع وخوف عند كثيرين، لم تعدّ المسألة محصورة بالمواطن وهواجسه من الصمود أمام هذه الأزمة المعيشية، بل تشمل المسؤولين والمعنيين الذين لم يتبلغوا الخطة التي اعتمدتها الحكومة، ولا اطلعوا على التفاصيل. تشير بعض التسريبات إلى أن الدعم على الدواء سينخفض الى 54% أي ما يعادل 598 مليون دولار سنوياً، لكن لا شيء مؤكداً حتى الساعة إلى حين اعلان الخطة بالفم الملآن ومصارحة المواطنين بخطة الترشيد الكاملة.
حُكي كثيراً عن ترشيد الدعم، رفع حاكم مصرف لبنان مؤخراً الصوت في عدم قدرته على الاستمرار في سياسة الدعم الحالية. في المقابل، تحاول الحكومة التهرّب من مسؤولية اقرار هذه الخطة على عهدها حتى لا تواجه نقمة جديدة. الكلّ يرمي الكرة في ملعب الآخر، والمواطن يدفع الثمن، كالعادة!
منذ 8 أشهر قدمت نقابة الصيادلة إلى مجلس الوزارء خطة ترشيد الدعم لملف الدواء، وقد نالت موافقة اللجنة الصحية النيابية ووزارة الصحة، إلا أنها بقيت في أدراج مجلس الوزراء دون الرّد عليها. منذ أيام تفاجأ البعض بتسريبات تشير إلى رفع الدعم عن بعض الأدوية دون ذكر التفاصيل، لا أحد يعرف حقيقة الخطة التي ستقرر الحكومة اعتمادها في هذا الملف، إلا أن الخوف من أن يرفع الدعم عن بعض الأدوية الذي سيؤدي إلى كارثة حقيقية.
لا يُخفي نقيب الصيادلة غسان الأمين أن تخفيض "الدعم بنسبة 54% هي نسبة مستحيلة وتعكس واقعاً مخيفاً، لأن ذلك يعني دعم الأدوية المزمنة والمستعصية ورفع الدعم عن الأدوية الأخرى دون تحديد سقف لها. وعدم تسعير هذه الأدوية من شأنه أن يؤدي إلى سوق سوداء في هذه الأدوية. وبالتالي الخطة التي يقدمها اليوم رئيس الحكومة مع البطاقة التمويلية عكس الخطة التي قدمناها منذ 8 أشهر. على سبيل المثال علية Augementin والتي يبلغ سعرها 40 ألف ليرة تصبح بعد رفع الدعم عنها حوالى 160-170 ألف ليرة."
برأي الأمين "لن يرفع الدعم ولن يكون هناك بطاقة تمويلية، لأن البطاقة تحتاج إلى تأمين المال أولاً كما تحتاج إلى 3 أشهر حتى تصبح نافذة. لذلك استبعد رفع الدعم نهاية هذا الشهر، وستبقى الأمور كما هي مع زيادة تقنين من مصرف لبنان على الأدوية بالإضافة إلى انقطاع للأدوية."
كما يؤكد النقيب أنه "منذ 8 أشهر قامت النقابة بتقديم خطة إلى الحكومة والتي كان من المفترض أن تأخذ قراراً بها وترفعها إلى مصرف لبنان. لكن للأسف، لا الحكومة اتخذت موقفاً بحجة أنها حكومة تصريف أعمال ولا حاكم مصرف لبنان قام بترشد الدعم لأنه يريد غطاءً سياسياً. وعليه، وصلنا اليوم إلى هذه المرحلة ، والحديث عن خفض الدعم على الأدوية بنسبة 54%.
وأشار إلى أنه "في حال صدقت التسريبات سنكون أمام كارثة لأن هناك أدوية كثيرة سيصعب على الناس شراؤها. لكن لا شيء مؤكداً بعد، ولا نعرف الخطة التي تعتمدها الحكومة، وأي خطة غير الخطة التي قدمناها ستترك أثراً سلبياً.
إن رفع الدعم كلياً عن الأدوية دون تحديد السعر على 3900 أو 4000 سيؤدي إلى ارتفاع سعر الدواء ستة أضعاف على الأقل. ولكن حتى الساعة لم يُبلغنا أحد عن الخطة التي اعتمدتها الحكومة والتي لم تستشر بها أحد لا نقابتنا ولا نقابة الأطباء أو المعنينن في الملف".
ويضيف الأمين أن " الخطة المقدمة من قبل النقابة تقضي إلى دعم الأدوية المزمنة والمستعصية (أمراض قلب وسكري...) التي تُسعر على 1515 على 85% كما هي الحال اليوم، أما أدوية acute disease أي أدوية المضادات الحيوية والمسكنات تُسعر على 3900 وتدعم على 80%. وكذلك الأمر بالنسبة إلى أدوية الـOTC التي تُسعر على 3900 وتدعم على 80% . لذلك يبقى الأساس عدم ترك الأمور دون تحديد السعر وترك الأمو حسب سعر صرف السوق السوداء."
وتعتبر الخطة التي قدمتها النقابة وفق الأمين "جيدة وتوفر على مصرف لبنان الكثير كما تؤمن الدواء للناس بالحدّ الأدنى. لذلك نطالب بترشيد الدعم وفق الخطة المقدمة منذ 8 أشهر، وأي شيء مختلف عنها سيترك أثراً سلبياً في المجتمع. علماً أن الخطة استحوذت على موافقة مجلس الوزراء واللجنة الصحية ووزارة الصحة والجهات الضامنة.
في المقابل، يؤكد رئيس لحنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي أن " ترشيد الدعم في ملف الأدوية سيطال بشكل أساسي أدوية OTC أي الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية) وستكون وفق سعر المنصة 3900 ل.ل. على سبيل المثال سعر علبة الباندول الذي يتراوح بين 4000 و5000 ليرة لبنانية يصبح بعد رفع الدعم عنها حوالى 18 إلى 20 ألف ليرة تقريباً. وبالتالي علينا احتساب سعر أدوية الـOTC الحالية بثلاث أضعاف لما هي عليه.
كذلك هناك أدوية الـacute disease أي التي تعالج الأمراض الحادة ومن ضمنها أدوية المضادات الحيوية وأدوية الحساسية والتي ستكون على سعر المنصة أي 3900 ل.ل. إلا أن الخوف أن يرفع سعر المنصة إلى أكثر من ذلك، وكل شيء متوقع في هذا البلد.
أما بالنسبة إلى الأدوية المزمنة انخفض الدعم عنها بنسبة 5% فبعد أن كانت 85% انخفضت النسبة إلى 80%. في حين لن يُرفع الدعم عن الأدوية السرطانية.
ويصف عراجي ما يجري "لقد وضعوا يدهم على عنق المواطن، وشخصياً لستُ مع رفع الدعم عن الأدوية بتاتاً، بل يجب تشديد الرقابة على تهريب الدواء عوض رفع الدعم عنه. غير أن الوضع المتأزم جعلنا أمام وضع صعب، ورفع الدعم عن بعضها أفضل من الوصول إلى رفع الدعم حتى على الأدوية المزمنة. وهذا ما سعينا وحاولنا تفاديه من خلال تفادي رفع الدعم لهذه الفئة من المرضى لأنه سنكون أمام كارثة صحية حقيقية."