لماذا استثنى بومبيو لبنان من جولته رغم الصّفعة التي كان بإمكانه توجيهها الى فريق الحُكم؟!

صحيح أن لبنان ليس من بين الدّول التي ترسم التوازنات في الشرق الأوسط، ولا هو قوّة إقليمية بحدّ ذاتها، إلا أن حجم الإهتمام الدولي به وبشؤونه، يجعل منه خلال حقبات معيّنة تحديداً، أهمّ من دولة كبرى.

من هذا المنطلق، كان يُمكن للبنان أن يكون من ضمن الجولة التي يقوم بها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، والتي بدأها قبل أيام، وذلك رغم أن الفريق الحاكم في بيروت، لا يزال مستمرّاً في سياساته "المُمانِعَة". كيف؟ 

رسالة قوية

ففي تركيا مثلاً، التي كانت إحدى محطات جولته، حصر بومبيو نشاطه بكل ما له علاقة بالتشديد على الحرية الدينية، مُهمِلاً لقاء أي مسؤول تركي رسمي. وبحسب ما ذكر مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية، فإن جدول زيارته جورجيا يتضمّن الإجتماع بممثّلين عن المجتمع المدني هناك، للاستماع إلى آرائهم حول سيادة القانون، واستقلالية القضاء، والحُكم الحرّ، واحترام حقوق الإنسان.

هذه من بين العناوين المطروحة في لبنان دائماً. وبالتالي، أما كان بإمكانه (بومبيو) زيارته (لبنان)، بلا نشاطات رسمية مع مسؤولين في الحُكم، وبموازاة القيام باجتماعات مع أطراف تنتمي الى المجتمع المدني، وهو ما كان ليشكّل رسالة قوية الى فريق السلطة اللبنانية؟ 

فلماذا لم يفعل وزير الخارجية الأميركي ذلك؟ وهل فقدت واشنطن ثقتها بالمكوّنات اللبنانية كافّة؟ وهل يُمكن لفقدان الثّقة الأميركية، والدولية، التي ظهرت في سلوك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أيضاً، تجاه مكوّنات انتفاضة 17 تشرين الأول، أن تُسهم في إهمال الملف اللبناني أكثر مستقبلاً، وفي عزل لبنان؟ 

ما هو الدّافع؟

لفت مصدر مُطَّلِع الى أن "ما يحوّل الملف اللبناني، الى ملف متآكل على طاولة القرار الدولي أكثر فأكثر، هو أن واشنطن ما عادت تنظر الى مكوّنات "ثورة" 17 تشرين الأول بثقة، وكفريق جدّي".

وأشار في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "خطورة ذلك تكمُن في أن الثّقة الأميركية والدولية باتت مفقودة بالطبقة السياسية الحاكمة، وبطبقة ما كان يسمّى سابقاً بفريق "14 آذار"، وبأفرقاء "الثورة". وبالتالي، ما هو الدّافع لجَعْل بومبيو يزور لبنان، في تلك الحالة؟". 

عصف فكري

وحول إمكانية أن نكون دخلنا دائرة الإهمال الأميركي بالكامل، نظراً للتعثّر الحاصل على المستويات الداخلية كافّة، قال المصدر:"لا. لبنان بات في دائرة البحث عن وسيلة إنقاذية. فالأميركيون لا يهملونه، ولكنّهم يبحثون عن أداة لإنقاذ الوضع، وهم يعملون على هذا الأساس. ولذلك، لا بدّ من الانتظار لمعرفة ما إذا كانت الإدارة الأميركية الجديدة تحمل أفكاراً جديدة في هذا الإطار".

وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت أُسُس انتفاضة 17 تشرين الأول، ونتائج تحقيقات انفجار مرفأ بيروت، تصلح لتشكّل مُنطَلَقاً لعلاقات لبنانية - أميركية سليمة مستقبلاً، أجاب:"لم تتحوّل مكوّنات الانتفاضة الى مُحاوِر وازن ومقبول وصادق، فيما لا يزال مرفأ بيروت ضائعاً بين المساعدات الإنسانية من جهة، والتحقيقات اللبنانية التي لم تقدّم ملموساً حتى الساعة، من جهة أخرى".

وختم:"الملف اللبناني في ظلّ عصف فكري، في الوقت الراهن، نتائجه غير واضحة. ولكن المؤكَّد هو أن الإنقاذ لن يكون على يد القوى الظّاهرة أمام الناس، سواء تلك التي هي في الحُكم، أو في المعارضة".