لماذا استقبال إسماعيل هنيّة في لبنان طالما أنه "ما بيمون" على إعادة إعمار غزة؟

كتب أنطون الفتى في وكالة "أخبار اليوم" :

لا لبنان من الدول التي يُمكنها أن تحرّك مساعي حلول القضيّة الفلسطينية، ولا هو من بين الدّول المؤثِّرَة في المنطقة. فماذا يفعل رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في ربوعنا؟ ولماذا السماح له بتوسيع حركته، لتشمل المسؤولين الرسميين، وعَدَم حصرها ببعض الزيارات واللّقاءات الشعبوية فقط؟ 

تنظيم مسلّح

صحيحٌ أن لبنان يأتي محطة من محطات هنيّة العربيّة، إلا أن العناوين التي طرحها للقاءاته في لبنان، يجب أن تُبحَث من دولة الى دولة، وليس من دولة الى تنظيم مسلّح. فالعلاقات الثنائية، واللّقاء بكبار المسؤولين الرسميّين، والحديث عن مصالح البلدَيْن والشعبَيْن اللبناني والفلسطيني، كلّها أمور لا يُبَتّ بها بين دولة هي لبنان، ورئيس تنظيم مسلّح هو إسماعيل هنيّة، حتى ولو أن لهذا التنظيم امتداداته الإقليمية. 

ماذا يفعل؟

هنيّة في لبنان، يبحث، ويتحرّك، فيما إعادة إعمار قطاع غزة بعد الحرب الأخيرة، يشكّل ورقة تعمل معظم الدول الوازنة في العالم على إخراجها من يد "حماس". وبالتالي، ماذا يفعل هنيّة في لبنان، ولماذا استقباله من قِبَل كبار المسؤولين الرسميّين، طالما أنه "ما بيمون" على إعادة إعمار قطاع تسيطر حركته عليه؟ وماذا عن تسبُّب تلك الزيارة بزيادة النّقاط السوداء، في دفتر العلامات الدوليّة، للدولة اللبنانية؟

تسويق

كشف مصدر مُواكِب لآخر المستجدات على الساحة اللبنانية أن "زيارة هنيّة لبنان تندرج في سياق المشروع  الإقليمي"المُمانَعَ". وهذا ما يفرّقها عن جولاته على بلدان عربية أخرى".

ولفت في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" الى أن "الفريق "المُمانِع" يحاول أن يثبت، بعد حرب غزة الأخيرة، أنه يُمسك بالقرار السياسي اللبناني والفلسطيني. كما يسعى هذا الفريق الى بثّ أجواء توحي بأنه هو الذي سيُمسِك بالتفاوُض المتعلّق بمستقبل الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، من الآن فصاعداً، وأنه الفريق الذي سيضبط الصراع على مستوى المنطقة مستقبلاً".

وقال:"هذا المشروع يتحرّك من خارج الإرادة الفلسطينية الجامعة، وهو يساهم في عزلة لبنان عن الخيارات العربية الحقيقية أكثر فأكثر، كما عن الخيارات الغربية. وبالتالي، الرسالة من زيارة هنيّة هي بَدْء التسويق والترويج لآخر التحديثات المرتبطة بالمشروع المدعوم من إيران، في المنطقة". 

يتمدّد

وأكد المصدر أن "زيارة هنيّة، واستقباله من قِبَل المسؤولين الرسميّين، تؤكد أن لبنان ما كان ليصل الى هذا الانهيار، لولا تموضعه ضمن هذا المشروع الإقليمي، الذي يعبّر عنه ما تبقّى من قوى فريق "8 آذار"، والذي يُمعن بخطف لبنان تحت عناوين مقاومة".

وأضاف:"في اللّحظة التي يواصل فيها لبنان انهياره، يستمرّ هذا المشروع بعمله السياسي، وكأن الساحة اللبنانية في أفضل أحوالها. وهذا ما يزيد من عزلتنا الدولية، ويُضعف واقعنا السياسي على المستويَيْن الخارجي والداخلي. ورغم وجوب إسقاط هذا المشروع في لبنان، لكونه يتحمّل مسؤولية إفلاسنا، وإفشال الدولة اللبنانية، إلا أنه يواصل تمدّده". 

قرار موحَّد

وشدّد المصدر على أن "إعادة إعمار قطاع غزة مستحيلة، دون الإلتزام بالشروط العربيّة والغربيّة لتحقيقها. فمسارات وخطط إعادة الإعمار في البلدان، تتطلّب الإلتزام بمعايير وشروط، وعَدَم الموافقة عليها، يُبقي الدّمار على حاله. وهذا هو سبب التأخير في إعادة إعمار سوريا مثلاً".

وختم:"لا يُمكن لإيران المُفلِسَة أن تُعيد إعمار البلدان التي تخرّبها وتدمّرها بسياساتها. كما أنه لا يمكن إعادة إعمار غزة في ظلّ الاستمرار بخطف القرار الفلسطيني. فالخروج من الدّمار الذي خلّفته الحرب الأخيرة يتطلّب قراراً فلسطينياً وطنياً حقيقياً وموحّداً، وهو ما ليس متوفّراً حتى الساعة".