لماذا تغيب المفاوضات مع صندوق النقد عن أجندة الحكومة؟!

توقفت الأوساط الاقتصادية عند تقرير البنك الدولي الأخير والذي اعتبر فيه أن لبنان الثالث من ضمن أسوأ وأشد ثلاث أزمات في العالم، كما لحظ مخاوف ومخاطر على لبنان.

الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة رأى في التقرير "مبالغة" في التوصيف "في حين أنه تنبيهي وتحذيري لا أكثر"، وقال في حديث لـ"المركزية": عند إعداد دراسة للأزمات، يتبيّن أن الأخيرة تختلف في نوعيّتها بين دولة وأخرى، حيث تكون هناك دولة أسوأ من أخرى في مجالٍ ما، بينما الأخرى أسوأ منها في مجال آخر. من هنا إن المقارنة الشاملة غالباً ما تفتقد إلى الدقة.

لكنه أكد القول "لا شك في أن الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان متردٍّ وفي غاية السوء... ولا يختلف اثنان على هذا الأمر، كما أننا لا نحتاج إلى البنك الدولي وغيره كي يُنبئنا بذلك".

واعتبر حبيقة أن "تقرير البنك الدولي تنبيهي أكثر مما هو توصيفي، إذ أنه يحذّر من أن الوضع في لبنان صعب ما يحتّم عدم ترك الوضع يتدهور أكثر مما هو عليه من الخطورة".

ولفت إلى أن "التقرير يشكّل دافعاً للمسؤولين إلى المضي قدماً للإسراع في إيجاد الحلول الإنقاذية"، موضحاً أن "من مهام البنك الدولي "ضخّ الأمل لدى الدول والمواطنين لحثّها على التقدّم وتحسين أوضاعها... ويلاحَظ دائماً في تقارير البنك الدولي إدراجه شيئاً من الإيجابية المتعمَّدة والتشجيع على التحسين وإيجاد الحلول الأنجع".

مفاوضات صندوق النقد:

وعن مدى حاجة لبنان في هذه الظروف البالغة الدقة، إلى بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي للتعجيل في الإنقاذ، قال حبيقة: يُفترض برئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب المباشرة بإجراء المفاوضات مع صندوق النقد وعدم انتظار تشكيل حكومة جديدة لتوَلّي هذه المهمة. ولو بدأ بتلك المفاوضات منذ ثمانية أشهر، لكُنا توصّلنا اليوم إلى وضع خطة إنقاذية مدعومة من الصندوق وأَرَحنا البلاد والشعب المُنهَك... خصوصاً أن لدى لبنان مسؤولاً في صندوق النقد هو الدكتور جهاد أزعور مسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الصندوق، وبالتالي يعلم جيداً بتفاصيل الوضع اللبناني.

أضاف: لكن للأسف، كل ما فعلناه هو إعلان تعثّر لبنان عن تسديد الـ"يوروبوند" من دون أي تفاوض مع الدائنين، وبالتالي وضعنا أنفسنا في موقع سلبي للغاية، وعندما يرفض أي بلد تسديد ديونه، فمَن يعود يُقرضه مجدداً؟! واللافت في لبنان أن المعنيين يتفاخرون بعدم تسديد هذا الدين... فأين المنطق في ذلك؟!  

واعتبر أن "التفاوض مع صندوق النقد ليس صعباً في حال تمثّل لبنان بفريق واحد وليس بعدد من الفِرَق وكل واحد منها برأي ورؤية مختلفَين عن الآخر. فعكسنا صورة سيّئة أمام صندوق النقد الذي يعرض على المتفاوضين سلسلة بنود على لبنان البدء بتنفيذها ليخرج من أزمته، وإذا بدأ تنفيذ تلك البنود عندها يضخّ صندوق النقد ملياراً أو مليارَيّ دولار في السوق اللبنانية، وسيضخّ أكثر من ذلك في حال ذهب لبنان بعيداً في تنفيذ المطلوب منه"، مشيراً إلى أن تلك البنود ليست غريبة أو مستعصية كوضع الموازنات العامة وتوفير الشفافية والحدّ من الفساد وإجراء الإصلاحات...  وعندما يُطبّق كل ذلك يبدأ دخول الدولار الأميركي إلى لبنان فيستطيع عندئذٍ مصرف لبنان تأمين الأموال للمصارف التي بدورها تتمكّن من إعادة أموال المودِعين إلى أصحابها...إلخ.