المصدر: النهار
الكاتب: سركيس نعوم
الاثنين 18 تشرين الثاني 2024 07:53:29
فهي لا تنفّذ هجمات عسكرية حاشدة تعرّضها لخسائر كبيرة. لكن فرق جيشها تتمركز على الحدود بينها وبين لبنان. ولديها الآن على هذه الجبهة أربعة ألوية مهمة يقول إعلام "حزب الله" إنه أوقفها ومنعها من دخول الأرض اللبنانية، كما أعاد التي منها دخلت إليها بواسطة مقاتليه وأسلحتهم المتنوّعة. لكن الواقع ليس كذلك، إذ إن تكتيك الجيش الإسرائيلي يختلف. فهو يُرسل مجموعات لتنفيذ مهمات محددة داخل الأرض اللبنانية المتاخمة للحدود ثم العودة بعد إنجازها إلى مواقعها داخل أرضها للراحة. وتنطلق مجموعات أخرى مرتاحة لتنفيذ مهمات مماثلة على الجانب اللبناني من الحدود. في أي حال، تفيد معلومات المصادر نفسها أن إسرائيل لن تترك أنفاقاً وسراديب في جنوب لبنان، وأنها لن تقبل وجود "حزب الله" ومقاتليه في لبنان سواء احتلته كله أو اكتفت باحتلال المنطقة المحاذية لها منه إن كان ذلك حتى نهر الليطاني أو حتى نهر الأولي الأبعد منه. فالشيعة في لبنان هم لبنانيون عموماً، أما أعضاء "حزب الله" ومقاتلوه فهم إيرانيو العقيدة الإسلامية الشيعية ويؤمنون بولاية الفقيه. لهذا السبب فإن التعامل العسكري معهم سيكون شديداً وحاسماً على صعوبة ذلك.
كيف يجب أن تكون الحدود اللبنانية – الإسرائيلية بعد انتهاء الحرب الدائرة حالياً؟ تُجيب المصادر الديبلوماسية العربية نفسها بالقول: "إنها يجب أن تكون محروسة جيداً من قوات حفظ السلام الدولية المعروفة بـ"اليونيفيل" ومن الجيش اللبناني في الوقت نفسه. يجب أيضاً أن تكون محروسةً جيداً حدود لبنان مع سوريا تلافياً لتهريب أسلحة من أراضيها إلى "حزب الله" ومقاتليه. هذا أمرٌ يحتاج تطبيقه إلى درس. لكن نجاحه يقتضي إخراج إيران من سوريا وتحديداً خبرائها العسكريين وضباطها وأعضاء حرسها الثوري الإسلامي، المرابطين على أرضها، وتالياً منعها من استخدام أرض سوريا مستودعاً للأسلحة التي يحتاج إليها "حزب الله" فتُرسل إليه أيام الحروب أو عند استعداده لشن حربه أو حروبه، فضلاً عن أن سوريا صارت مقراً لفصائل مسلحة شيعية غير عربية وغير إيرانية. وهي ساعدت "الحزب" في أثناء مواجهته الثورة الإصلاحية ثم حرب التنظيمات الإسلامية السنّية المتشدّدة اللتين هددتا جدياً نظام الرئيس بشار الأسد. ولا بد من إقفال هذا المقر وإعادة كل هؤلاء المسلحين وميليشياتهم إلى الأمكنة التي أتوا منها، أو إلى أراضي إيران الإسلامية التي درّبتهم وأهّلتهم للقتال عسكرياً ودينياً، وأرسلتهم لمساعدة "حزب الله" اللبناني والنظام السوري في الوقت نفسه". تحقيق هذا الهدف يحتاج إلى درس عميق والى إعداد جيّد بل متقن. ربما هذا ما يجري الآن الإعداد له من أعداء طهران على تنوّع هوياتهم الوطنية والقومية. لكن ذلك لا يعني أن كل شيء صار جاهزاً للتنفيذ، إذ إن نجاحه يحتاج إلى إخراج إيران عسكرياً وسياسياً من سوريا مع ترك الجانب الاقتصادي منها فيها ولكن مع مراقبته عن كثب كي لا يبقى غطاءً لـ"الوجودات" الإيرانية الأخرى فيها. ونجاح ذلك سيعني إخراج شيعة لبنان وإيران والعراق وأفغانستان من سوريا.
هل يمكن تحقيق هذه الأهداف الصعبة كلها بنجاح؟ لا يمانع الرئيس السوري بشار الأسد ذلك، تجيب المصادر الديبلوماسية العربية نفسها أو قد لا يمانع. وكانت هناك بداية اتفاق أو بالأحرى تفاهم على هذا الأمر بينه وبين حليفه القوي رئيس روسيا فلاديمير بوتين، إذ من دونه كما من دون "جيشه" المرابط في سوريا والمقيم في بلاده لن ينجح هذا الأمر. لكن حرب روسيا على أوكرانيا في أكتوبر 2022 أوقفت المشروع المذكور بل عطّلته. طبعاً لم تشارك سوريا الأسد "حزب الله" وإيران الإسلامية حربهما على إسرائيل انطلاقاً من لبنان إسناداً لـ"حماس" وغزة اللتين كانتا تواجهان حرباً إسرائيلية شرسة عليهما رداً على عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها "حماس" وأذلّت بواسطتها إسرائيل وجيشها. لكنه أي الأسد لا يستطيع أن يفعل أكثر من الصمت وعدم اشتراك جيشه مع "حزب الله" "حليفه" في إسناد غزة، إذ إنه أي "الحزب" بقواته كما بقوات الفصائل الشيعية العراقية والأخرى غير العربية فضلاً عن الخبراء العسكريين الإيرانيين وربما وجودهم العسكري الواسع إلى حد ما، إذ إنهم كلهم منتشرون داخل بلاده، علماً بأن غالبية الدول العربية مع إخراج إيران من سوريا، ومعها الولايات المتحدة. لكن وقت ذلك لم يحن بعد، فمتى يحين؟