لم يعد "الحزب" تهديداً استراتيجياً لإسرائيل لكنّه مستمر

ماذا فعل جيش إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة من الحرب؟ أجاب الباحث نفسه: "نفّذ سلسلة هجمات استندت إلى معلومات جمعتها وكالات الاستخبارات فيها على مدى 18 سنة، وقوّض ذلك "حزب الله" بحيث صار ظلاً لما كان عليه سابقاً، منها قتل زعيمه السيد حسن نصرالله وإضعاف قيادته وقدرته العملياتية على نحو كبير جداً.

لجنة "فينوغراد" التي كلّفتها المراجع المعنية في إسرائيل التحقيق في الأداء الباهت لـ"جيش الدفاع" في حربه على لبنان "حزب الله" عام 2006، وفي أسباب القصور في الأداء التكتيكي للأخير، سلّطت الضوء على "القصور في التفكير الاستراتيجي" عند اتخاذ الحكومة قرار شنّ الحرب الذي أدى، مع أسباب كثيرة أخرى، إلى تبنّي القتال من أجل أهداف مُبهمة وغير واقعية.

وخلُصت اللجنة إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعداً على نحو كافٍ للحرب المشار إليها أعلاه، لا من الناحية الاستخبارية فقط بل أيضاً في أداء واجب أساسي له هو تنبيه صنّاع القرار السياسيين في بلاده إلى التناقضات بين ما كان يأمل تحقيقه وبين الإجراءات التي سمح صنّاع القرار للجيش بتنفيذها في المعركة. لذا فإن السؤال الذي يُطرح اليوم، بعد 18 سنة من حرب تموز 2006 كما بعد عودة "جيش الدفاع الإسرائيلي" إلى لبنان، هو: هل استفاد المخططون العسكريون والاستخباراتيون في إسرائيل من المعلومات الاستخبارية لإنتاج إطار عمل عملياتي جديد يستند إلى "عملية تعلّم نقضية معمّقة" أدارها رئيس أركان "جيش الدفاع" بين 2019 و2023؟

الجواب هو نعم في رأي باحث أميركي جدّي متخصّص في مركز أبحاث أميركي مهم في واشنطن. لكن يبقى أن "نرى" إن كانت إسرائيل تمكّنت من معالجة أوجه القصور الاستراتيجية في حربها الأخيرة مع "حزب الله" وعلى نحو كافٍ. يضيف "أن إسرائيل حقّقت مكاسب استراتيجية ملحوظة في الأسابيع الأخيرة لكن تحويلها نجاحات استراتيجية دائمة سيكون مهمةً صعبة ومعقّدة. ذلك أن حكومتها تعمل لتحقيق مجموعتين من الأهداف الاستراتيجية. الأولى ضمان بقاء "حزب الله" الوكيل الرئيسي لإيران أضعف من أن يُشكّل تهديداً خطيراً لأمن إسرائيل مستقبلاً. وهذا أمرٌ غير قابل للتفاوض. أما الثانية فهي كبح نفوذ "حزب الله" على الساحة السياسية اللبنانية. وهذا طموحٌ كبير، علماً بأن الدروس المستخلصة من الحرب الأخيرة يمكن أن تُسهم في كيفية تحقيق إسرائيل أهدافها".

ماذا فعل جيش إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة من الحرب؟ أجاب الباحث نفسه: "نفّذ سلسلة هجمات استندت إلى معلومات جمعتها وكالات الاستخبارات فيها على مدى 18 سنة، وقوّض ذلك "حزب الله" بحيث صار ظلاً لما كان عليه سابقاً، منها قتل زعيمه السيد حسن نصرالله وإضعاف قيادته وقدرته العملياتية على نحو كبير جداً. حقّقت أيضاً أهدافاً تكتية واضحة من جرّاء عمليات مهمة أظهرت هيمنة استخبارية إسرائيلية غير مسبوقة مثل تدمير الطاقة الصاروخية بنسبة النصف تقريباً (؟)، وقتل العناصر والقادة المحليين لـ"الحزب"، والعمل الدائم لتفكيك أنفاقه ومخابئه وقتل عناصر منه وقادة محليين له، وتعطيل تمويله والاستيلاء على مخازن الأسلحة في الجزء اللبناني من الحدود.

 

طبعاً هذه إنجازات تكتية في نظر الخبراء لكن لا يمنع ذلك القول إن "الحزب" الذي يقود المقاومة الإيرانية لم يعد كما كنا نعرفه رغم احتفاظه بآلاف المقاتلين وامتلاكه أسلحةً خفيفة ومتوسطة بكميات كافية. لكنه ربما لم يعد تهديداً استراتيجياً واضحاً لإسرائيل بعد فقدانه قادته ومراكز قيادة وبُنى تحتية وأسلحة صاروخية. طبعاً لا يعني ذلك عجز "حزب الله" عن إطلاق صواريخ وتنفيذ عمليات "إرهابية" دولية. إلا أنه لم يعد تهديداً استراتيجياً لإسرائيل.

هل الهدف النهائي لإسرائيل تقويض الموقع العسكري لـ"الحزب" والسياسي في لبنان؟ هناك أطراف داخلها يسعون إلى القضاء على "حزب الله" كقوة عسكرية وسياسية في لبنان، لكن ما حقّقته في لبنان لا يقلّل من قدرة هذا "الحزب" على متابعة القتال والمحافظة على وضعه الشعبي المهم جداً داخله". لكن هدف لبنان في رأي وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن كما قال للرئيس نجيب ميقاتي في مكالمة هاتفية "يجب أن يكون عدم السماح لإيران و"حزب الله" بالوقوف في طريق أمن لبنان واستقراره".