ليست المرة الاولى التي "تتكوكب فيها الطوائف".. ولكن المؤشرات خطيرة!

لمّت دارة خلدة شمل الدروز، في لقاء جامع شارك فيه رئيس الحزب "الديمقراطي اللبناني" الوزير طلال أرسلان، رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" النائب السابق وليد جنبلاط، ورئيس حزب "التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب، وادرج اللقاء في خانة الاستعداد الى المرحلة المقبلة التي تحمل في طياتها الكثير من الخطورة التي بدأت تظهر تبعا من تحركات الشارع الى الفوضى الشاملة نتيجة الازمات المتلاحقة وانسداد افق الحلول.
وقد اعتبر مصدر نيابي مخضرم ان الهدف الاساس لاجتماع خلدة، له علاقة بجغرافية الطائفة على المستوى السياسي، لان الدولة المركزي تنهار نتيجة شح الاموال التي تسمح للدولة بتسيير امورها وامور شعبها. لم يعد لديها مقومات للبقاء. 

واشار المصدر الى انه مع انهيار الدولة يتقدم سيناريو التقسيم بغض النظر عن تسمياته، على غرار ما حصل في سوريا التي قسّمت الى عدة اجزاء على قياس الطوائف، من هنا يجد الدروز نفسهم امام هاجس حقيقي لا سيما مع انخفاض عددهم بشكل مستمر، اضف الى ذلك مساحة الدروز الجغرافية التي هي اقل بكثير من مساحات الطوائف الاخرى، بمعنى ان هناك خطرا ديموغرافيا اساسيا يتهددهم فيما لو تم التقسيم في لبنان الى مناطق نفوذ جديدة، فانهم يصبحون "فرق عملة" اذا لم يكونوا موحدين. 

وردا على سؤال؟ اجاب المصدر: هذا ما ينطبق على المسيحيين ايضا المشتتين، لكن بوطأة اقل اذ ما زالوا يتمتعون بثقل ديموغرافي اكثر من الدروز. واعتبر المصدر استطرادا الى ان رهان قسم من المسيحيين على حزب الله – في اشارة الى التيار الوطني الحرّ، له محدوديته، كونه لا يترجم الا من خلال القدرة على التعطيل، على اساس المطالبة بالحصص وليس على اساس الصلاحيات التي اساسا نص عليها اتفاق الطائف، حيث لم ينجح هذا الفريق في تصحيح الخلل، ولم يحل قضية الهجرة في المجتمع المسيحي. من جهة اخرى، تأتي العقوبات الاميركية لترفع من وتيرة التراجع، وقال: بالتالي الحلف مع حزب الله له الكثير من المحدودية، خصوصا ان الاخير لم يفصل بين التيار الوطني وتيار المستقبل في ملف تأليف الحكومة المتعثر، لا بل تبيّن ان الرئيس سعد الحريري مفيد للحزب اكثر من التيار.

اما من حيث الشكل، فرأى المصدر: انها ليست المرة الاولى التي يحصل فيها مثل هكذا لقاءات تحت العنوان الطائفي وترتيب البيت الداخلي، قائلا: على مرّ التاريخ كانت الطوائف الاسلامية - سُنية او شيعية او درزية- عند الازمات تجري نوع من اعادة التكوكب، وهذا ما حصل في الفترة الاخيرة:
- اللقاء السني من خلال رؤساء الحكومات السابقين، حصل لحظة استهداف الموقع السني الاول بشخص الحريري. 

- الثنائي الشيعي، بعدما وصلت الامور بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والرئيس نبيه بري الى قاب قوسين من انفراط عقد التحالف، تمت لملة الوضع بسرعة قصوى كي لا تتكرر تجارب الاقتتال السابقة!
- اما بالنسبة الى الدروز فالموضوع متشعب وله خصوصية واسرار تختلف عن باقي الطوائف، خاصة وان لجنبلاط باع طويل في جمع كافة الاطراف، ومهما استعرت الخلافات بين المختارة وخلدة، دائما يجتمع الطرفان على ترتيب البيت الدرزي.
وماذا عن المجتمع المسيحي، لفت المصدر الى ان هناك نقطة تحول حصلت في العام 1988، ولا يمكن الا التوقف عندها لدى مقاربة الوضع الراهن. فبعد ذلك العام تركيبة المجتمع المسيحي تبدلت وتغيرت مع الصراع بين الفريقين المسيحيين الاساسيين، القوات اللبنانية والجيش بقيادة العماد ميشال عون قبل ان يولد التيار الوطني الحر، وهذا الانقسام العمودي ما زال سائدا لغاية اليوم، واثبتت التجرية ان التقارب المسيحي- المسيحي لا ينتج لان المجتمع المسيحي قائم على التعددية، فقد رأينا مصالحات على غرار المصالحة بين القوات وتيار المردة لكنها بقيت وجدانية لم ترق الى مستويات اعلى. وقبلها تمت المصالحة بين القوات والتيار الوطني الحر، لكنها لم تدم، لذلك اليوم نرى ان القيادات الروحية تقدمت على القيادات السياسية لا سيما من خلال التقارب في المواقف والعظات بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ومتروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، دون اي تنسيق مسبق بين الرجلين.
وخلص المصدر الى القول: التموضعات الطائفية المذهيبة لطالما كانت موجوة، انما ما يضعف الدولة، هو عدم قيامها بواجباتها.