المصدر: Kataeb.org
الأربعاء 25 حزيران 2025 11:59:35
رأى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام خلال رعايته مؤتمر "البيئة البحرية في لبنان" أن بحر لبنان ليس مجرد فسحة زرقاء تفصله عن العالم، بل هو مساحة حيوية تربطه به، وهو امتداد لتاريخ لبنان ولهويته ولذاكرته الجماعية.
وقال:" لطالما كان البحر جوهر تكوين لبنان. فمنذ العصور الفينيقية، شكّل نافذتنا لما وراء البحار، ومصدرًا لحركتنا الاقتصادية والثقافية. وعلى مرّ السنوات، واليوم ما زال البحر مصدر عيش لآلاف العائلات اللبنانية، من الصيادين إلى العاملين في السياحة والبحث العلمي وغيرها من المجالات المرتبطة به. لكن بحرنا يئنّ اليوم تحت وطأة التلوّث والتغيّرات المناخية والضغوط المتزايدة الناجمة عن التعديات البشرية التي تتجاهل هشاشة هذا النظام البيئي الغني والدقيق معا."
وأكد سلام التزام لبنان بالحفاظ على بيئته البحرية، وصون تنوعها البيولوجي، مشيرا الى أن هذا الالتزام ليس شعارًا يُرفع في المؤتمرات، بل هو موقف تُترجم أبعاده في السياسات الوطنية وفي مشاركتنا الدولية، كما حصل مؤخرًا في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات 2025، حيث مثّلت وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين فخامة الرئيس، فشارك لبنان إلى جانب أكثر من 120 دولة في تجديد التزام دولي بحماية صحة البحار والمحيطات، وضرورة تفعيل الجهود العلمية، وتعزيز التعاون بين الدول، وتوفير آليات تمويل عادلة ومتاحة خاصة للدول النامية، وإعادة النظر في تعاملنا مع الطبيعة بشكل عام والبحر بشكل خاص.
وتابع:" في خطوة تجسد التزامنا وحرصنا، تم التوقيع باسم لبنان على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي خارج نطاق الولاية الوطنية، والتي تشكّل إنجازاً هاماً على مستوى حماية ثلثي محيطات العالم من الاستغلال غير المنضبط، وتُعد ترجمة فعلية للرؤية التي يحملها لبنان تجاه قضاياه البيئية بشكل عام وتجاه البحر تحديدا. وهنا لا بد من كلمة شكر وتقدير للجهود التي تقوم بها وزارة البيئة وبإدارة حكيمة من الوزيرة الدكتورة تمارا الزين لجهة وضع الوزارة على مسار الإصلاح والحوكمة الرشيدة، وكذلك الجهود التي بذلت بهدف توقيع لبنان على الاتفاقية في مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيطات."
وأضاف:" إن هذا المؤتمر، الذي يجمع اليوم مؤسسات الدولة والمراكز البحثية والمجتمع المدني والشركاء العرب والدوليين، سوف يشكّل حتما منصة ليس فقط لتبادل المعرفة، بل أيضًا لرسم خارطة تعاون جديد، إن حماية البحر ليست قضية قطاعية تخص وزارة بعينها أو جهة واحدة، بل هي قضية وطنية جامعة، تتطلب تكامل القرار السياسي مع البحث العلمي والمبادرة المحليةوهي أولوية وطنية تقتضي الاستمرارية ، الشراكة، والمسؤولية. فلنحافظ على بحرنا الذي ولدنا وترعرعنا على شواطئه، ونحيا بفضل خيراته، ونحلم بأن نورثه لأبنائنا أنقى مما ورثناه".
أما وزير البيئة تمارا الزين، فقالت من جهتها:" خطتنا في وزارة البيئة أردناها موجهة نحو الجهد التأسيسي بعيداً عن الترقيع والتأجيل وذلك تماشياً مع هوية الحكومة: الإصلاح والإنقاذ، بما يتيح للحكومات اللاحقة الإنطلاق نحو المعالجات الفعّالة بالإستناد إلى الأرضية التي نشيّدها اليوم. وعملنا وفق رؤية طموحة ولكن دون وعود فضفاضة، ووفق تصوّر عملي يراعي عمر الحكومة والمقدرات المتواضعة المتوفرة والتي تستوجب حكماً مواكبة ودعماً من شركائنا الدوليين".
وتابعت:" في الإصلاحات البنيوية، أعدنا تفعيل المسار الإداري السليم، وباشرنا العمل على هيكلية محدّثة تواكب متطلبات العصر وتعزز الكفاءة المؤسسية وترسخ الشفافية، لننطلق بعدها نحو عصرنة التوصيف الوظيفي بما يراعي الكفايات والمهارات المطلوبة مع ازدياد التحديات البيئية والمناخية. كما أعددنا التشخيص اللازم للمضي قدماً في التحول الرقمي الذي من شأنه المساهمة في التحرر من البيروقراطية البالية وتسريع الإجراءات وضمان سلاسة وشفافية العمليات التي تعنى بها وزارة البيئة، على أمل أن نتم كل هذه التحولات خلال عام 2026 لتولد معها وزارة متجددة تليق بتطلعاتنا. وفي موازاة ذلك، نسعى لإعداد سياسات الشراء العام الأخضر، ورسم خارطة الطريق للاقتصاد الأخضر، والأزرق، والدائري. دون أن ننسى أننا نتشدّد اليوم في ضمان أفضل التزام للبنان ضمن الاتفاقيات البيئية الدولية. أما في الإصلاحات القطاعية، فهي متشعبة رغم أن هامش تدخّل وزارة البيئة يحدّه تشابك الصلاحيات بين عدة وزارات وإدارات. وعليه حددنا تدخلاتنا في ثلاثة عشر قطاعاً، منها ترسيخ المواطنة البيئية، تأسيس شبكة دفاع بيئي، تأطير الشراكة التكاملية مع المجتمع المدني، تحسين المرونة المناخية، تعزيز إدارة وعمل وإمكانات المحميات الطبيعية، مراقبة الفعالية في محطات معالجة الصرف الصحي، تحسين حوكمة وتمويل وإدارة قطاع النفايات الصلبة، تنظيم قطاع المقالع والكسارات وتوجيه شركات الترابة نحو تطبيق المرسوم 8803/2002 (لا أذونات ولا مهل استثنائية)، رصد تلوث الهواء، تدعيم مقومات البيئة البحرية، ووصولاً طبعاً إلى القطاعات التي فرضت نفسها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان وهي الإدارة البيئية للأنقاض، تقييم أثر العدوان على البيئة في لبنان والتخطيط للتعافي البيئي".
واضافت : "دولة الرئيس، الحضور الكريم، يلومنا البعض وربما عن وجه حق، أن مظاهر التغيير ما زالت خجولة، ولذا نعيد ونكرّر أن أي ورشة إصلاحية تأسيسية لا يمكن أن تتجلى مظاهرها بسرعة خاصة وأنها تتطلب استعادة دور القطاع العام وتفعيل الإدارة وتحديث المؤسسات وتوجيهها نحو المصلحة العامة، ودون ذلك، ستتكرر الأزمات وتتجدد معها الحلول العابرة. وكل ذلك يتطلب إنصافاً للقطاع العام، الذي ما زال يزخر بالكثير من الكفاءات التي استمرت بتأدية واجبها حتى في أحلك الظروف التي مرّ بها الوطن.
وشارك في المؤتمر إلى جانب الرئيس سلام ووزيرة البيئة وزيرة السياحة لورا الخازن لحود ووزير المهجرين وشؤون التكنولوجيا والمعلومات والذكاء الاصطناعي كمال شحادة ، ونواب والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي في لبنان بليرتا أليكو والأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور شادي عبدالله وعدد من الفاعليات والناشطين البيئيين.